الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد فوزه بجائزة نجيب محفوظ.. الكاتب إبراهيم فرغلي: نحن في حاجة لقراءة تاريخنا.. والغربة صنعت وعيًا مبكرًا بالآخر| حوار

إبراهيم فرغلي
إبراهيم فرغلي

في قَلب الدلتا أخصب أراضي مصر وبالتحديد في المنصورة، ولد الكاتب إبراهيم فرغلي، الحائز مؤخرًا  عن رواية "قارئة القطار"، على جائزة نجيب محفوظ، التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، وعاش طفولته في القراءة ومع الكتب لحب والديه للأدب؛ وأَخذ يصنع أَساطير صغيرة ويرويها لنفسه ؛ وأَمضي جزءا من طُفُولته في سلطنة عُمان، وعاش طُفُولته في مسقَط، كما أَمضى جزءا مِن حياته في دولة الإمارات العربية المتحدة، ثُم عاد إلى مصر،  تلك الرحلة حسب قوله في حواره مع "صدى البلد"، ساعدته في التعرف على ثقافة مختلفة، ورؤية نفسه بعين مختلفة،  وساعده أيضًا على صناعة وعيا مبكرا بالآخر وبالذات.

ويضيف أن رواية "قارئة القطار" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ،  حين بدأ العمل فيها، لم يكن موضوع الهوية ما يشغله، بقدر ما انشغل بفكرة الذاكرة، من جهة وبفكرة التاريخ الذي يقدم لنا باعتباره الحقيقة،  ثم مع بداية تشكل ملامح النص اكتشف أنه يمكن أن يوظف هاتين الفكرتين في موضوع يخص مسألة الهوية التي تجلت بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة ما قبل 2013، وخصوصا بعد سيناريو وصول الإخوان للحكم، في سابقة مخزية، وإلى نص الحوار:

 

 

  • في البداية ماذا يمثل لك فوزك بجائزة نجيب محفوظ التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة؟

سعيد جدا بهذه الجائزة، لارتباطها باسم كاتب قدير من أكثر الأدباء تأثيرا في وجداني،  وممتن للجنة تحكيم رأت في الرواية "قارئة القطار" ما يستحق التقدير. 

  • رواية قارئة القطار.. تتناول فكرة الهوية الوطنية لماذا اخترت هذا الموضوع تحديدا؟

حين بدأت العمل لم يكن موضوع الهوية ما يشغلني بقدر ما انشغلت بفكرة الذاكرة، من جهة وبفكرة التاريخ الذي يقدم لنا باعتباره الحقيقة ثم نتبين كيف أن لكل حدث تاريخي عشرات السرديات المختلفة، ثم مع بداية تشكل ملامح النص اكتشفت أنني يمكن أن أوظف هاتين الفكرتين في موضوع يخص مسألة الهوية التي تجلت بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة بعد الثورة، وخصوصا بعد سيناريو وصول الإخوان للحكم، في سابقة مخزية.

ومخزية لأنها كانت محاولة لاستلاب هوية مصر لصالح تيار لا أظنه يصلح لتمثيل الهوية المصرية الخصبة التي تعود جذورها لسبعة آلاف عام لها شواهد محفورة على جدران المعابد والأهرامات وغيرها، وجاءت الرواية لطرح الأسئلة الخاصة بهذا الموضوع بشكل حاولت أن أقترب منه بأكبر شكل فني وبعيدا عن أي طرح مباشر. 

 

إبراهيم فرغلي: هويتنا الحقيقية مرتبطة بالقراءة الصحيحة للتاريخ

 

  • هل تعتقد أننا في حاجة لإعادة قراءة هويتنا وتاريخنا؟

بالتأكيد، نحن في حاجة أولا لقراءة تاريخنا، لأنه يبدو أنه تم اجتزاء التاريخ في مراحل محددة وتغذية قطاعات كبيرة من الشباب الذين لا يقرأون بهذا التاريخ المبتسر، ثم لإعادة قراءة تاريخنا لاستيعابه، لأن هويتنا الحقيقية مرتبطة بالقراءة الصحيحة للتاريخ.

ففي داخل السبعة آلاف سنة من تاريخ الحضارة المصرية كان ثمة تراكمات ثقافية نكاد لا نعرف عنها شيئا بسبب ضعف أقسام دراسة المصريات، واعتمادنا على الغرب في هذا الشأن، ثم لدينا المكون القبطي وتاريخ مصر القبطية وهذه مرحلة شبه مهمشة في التاريخ، أما المرحلة الإسلامية فهي خاضعة لقراءات متعددة سيطرت عليها الإيديولوجيا والأهواء.

نحتاج لقراءة هذا كله بعقل منفتح لكي نعرف أنفسنا بشكل حقيقي، وأي كلام على منح الهوية جانبا وحيدا من مكوناتها هو كلام قاصر عن الفهم ولن أقول محمل بالأهواء وبعدم الفهم أو النضج. 

تأثير الغربة على رحلة إبراهيم فرغلي الأدبية

  • ولدت في قلب الدلتا "المنصورة" وعشت طفولتك في مسقط وذهبت إلى الإمارات ورجعت للقاهرة ثم.. هل كان لذلك دور في تشكيل وعيك وكتاباتك؟

مؤكد أن تجارب وخبرات الاغتراب تؤثر في الوعي، وأعتقد إنني ممن استوعبوا فكرة "الغريب الأليف"، إذا صح التعبير، وهو إحساسي خلال سنوات وجودي خارج مصر، وهو أيضا نفس الإحساس الذي عشت به في مصر أغلب الوقت. 

ففي الغربة يتعرف المرء على ثقافة مختلفة، ويرى نفسه بعين مختلفة، وهذا يصنع وعيا مبكرا بالآخر وبالذات. 

وفي الكتابة أيضا يكون للبيئات التي يتعرف عليها المرء تأثير في الكتابة، كما أن لذاكرة الطفولة دور في تشكيل الوعي والشخصية علاقتي بالطبيعة في سلطنة عمان مثلا ودورها في طرح الأسئلة، والنشأة في الطفولة في بيئة أميل للعزلة لها دور آخر في طرح أسئلة عن النزوع للعزلة ومصادقة الذات، وفي الوقت نفسه كان لعودتي لمصر في الصبا اكتشافي لأن ميلي للعزلة ليس انطوائية ولكنه مجرد مساحة أقضيها مع الخيال، وهذا كله يؤثر. 

 

  • كيف ترى الساحة الأدبية في مصر والوطن العربي في الوقت الحالي؟

الساحة الأدبية تموج بالتناقضات في الحقيقة، هناك تجارب أدبية مهمة لأجيال مختلفة في مصر، وهناك أيضا ظواهر عديدة منتشرة تميل إما للسطحية والخفة أو للابتذال، ولها جمهور مع الأسف، هناك حالة من السيولة التي تجعل أي شخص يفعل أي شيء ويدافع عنها بلا أدنى حد من المنطق الأدبي أو المنطق القيمي أو أي منطق بصراحة. 

أنا شخصيا ليس لدي رهاب من الإرهاب الذي يمارس ضد المنتقدين لظاهرة أو فكرة باعتبار ذلك وصاية، ولا أخاف من مخالفة ما لا أراه متوافقا مع ذوقي أو فهمي.

وأعتقد أن أي ظاهرة في مصر لها ما يشبهها أو يتقاطع معها في أغلب الدول العربية، وكما أن هناك داخل هذه الفوضى أصوات أدبية مهمة ولها تجارب سردية وإبداعية تقوم على قيم إبداعية حقيقية في مصر، فهناك مثيل لذلك في السعودية والكويت وعمان وفي أغلب الدول العربية. 

 

  • كيف ترى الجوائز الأدبية محليا وعالميا؟.. وهل هي دافع للكاتب للاستمرار في ابداعه؟

الجوائز مهمة لكي يشعر الكاتب بنوع من التقدير أو التشجيع على مواصلة الكتابة بشكل جيد، والإبداع. 

 

إبراهيم فرغلي: النقد الأدبي يعاني اليوم كما عانى أمس

 

  • هل يعاني النقد الأدبي في الوقت الحالي؟

يعاني أمس كما يعاني اليوم، بل لعل معاناة الأمس لها دور كبير في شيوع ظواهر الخفة الأدبية ونشأة ظواهر النشر العجيبة لأي شيء ولأي أحد ودعم ذلك من خلال "عشوائيات التواصل الاجتماعي" الشعوبية.

واليوم مع شيوع شعوبية مثيلة في منصات تزعم أنها تقدم قراءات لكتب أو روايات، يخفت دور النقد أكثر، ومع ذلك فهناك عدد من النقاد الذين يمارسون دورهم النقدي بدأب ولكن لا نزال نفتقد المشروعات النقدية التي يمكنها أن تقدم رؤى وتفسيرات كبيرة للثقافة والمجتمع. 

  • هل هناك مشروع أدبي جديد تعمل عليه في الوقت الحالي.. وما تفاصيله إن وجد؟

لدي مشروع روائي جديد بالفعل وسوف أعلن عنه قريبا.

 

  • بمن تأثرت في كتاباتك؟ ومن هو مثلك الأعلى في الكتابة؟ 

التأثر أعتقد له علاقة أكثر في القراءة أكثر من الكتابة، لكني أعتقد أن التأثير المباشر في الكتابة يمكن أن يحدث في المراحل الأولى، وقد ينتقل هذا التأثير لتلك المحاولات، وعلى هذا المستوى هناك عدة أسماء مؤثرة وهم نجيب محفوظ، محمد المخزنجي، صنع الله إبراهيم، وإدوار الخراط، لكن على مستوى الوعي بمفاهيم الكتابة السردية هناك تجارب مهمة وقد يكون لها تأثير ولو بشكل غير واعٍ، مثل تجربة بول أوستر، وميلان كونديرا وساراماغو، على سبيل المثال لا الحصر.