قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن القانون الأخلاقي الإسلامي، قد نظم علاقة الإنسان بخالقه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته ببني جنسه، بل وبكل عناصر الكون، وهذا دليل التكامل والشمول النابعين من وحدة العقيدة بالأخلاق الإسلامية تعبر عن مطالب الإنسان الفرد وعن مطالب الجماعة تعبيرا متكاملا ينتهي بغرائزها ومشتهياتها إلى غاياتها المشروعة الصحيحة، فهي لا تكتفي بمجرد وضع المثل الأعلى للسلوك العقلي الذي ينشده الإنسان بعقله فقط بل إنها تقيم المثل الأعلى للإنسان في جميع أنماط سلوكه الوجدانية والغريزية والعقلية، وهي لا تقوم على العصبية أو التفرقة العنصرية، بل هي عامة للبشرية في أي مكان علي وجه الأرض، لأنها مشتقة من الفطرة الإنسانية الأصلية، كما أنها شاملة للإنسان في ذاته قلبا وقالبا فتخلق فيه وحدة ذاتية متكاملة لا تنفصم عراها ولا يختل انسجامها وتوازنها، إذ هي مستمدة من عقيدة التوحيد الخالدة الصالحة لكل زمان ومكان.
واستشهد علي جمعة، في تصريح له، بقول الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله: والشريعة الإسلامية لأنها قائمة على الفضيلة ومشتقة من الفطرة الإنسانية كانت في نظم الأخلاق عامة لا تخص إقليما دون إقليم وليست للعرب وحدهم، ولكنها للناس جميعا، لأن الأساس الخلقي الفاضل الذي قامت عليه يعم العالم كله ولا يخص جنسا أو لونا أو أرضا معينة، فهي تحقق الوحدة القانونية كما هي جامعة لمعاني الفضيلة التي تتفق اتفاقا تاما وطبيعة الإنسان كما توائم بين الفرد والمجتمع، المجتمع الإنساني في ظل الإسلام.
وتابع: ومن هنا فقد ساعدت الأخلاق الإسلامية على تكوين شخصية إنسانية سوية موحدة الجوانب هادفة إلى المثل الأعلى للسلوك الواقعي العملي التطبيقي بما يجعل صاحبها يسير في اتجاه صحيح مع بقية أفراد المجتمع، كما تحقق التوازن بين الروح والمادة، وبين العقل والبصيرة، ولكنه توازن بكل ما تحمل الكلمة من معان، وما ذلك إلا لأن الأخلاق الإسلامية تستهدف النفس الإنسانية بكل قواها وفي كل أعماقها، ولأنها تدعو جميع الناس في جميع الطبقات ومن جميع درجات العقل، كما أنها تقوم على دفع المضار والأذى، ثم على التعاون والرحمة والإيثار لبناء الأخوة الثابتة والعرى الوثيقة للإنسانية كافة، وبهذا يتحقق تماسك الفرد في ذاته، ويستقيم كيان المجتمع في بنائه، وتنتشر القيم العليا في الكون كله.