الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر: دعم قضايا المرأة لا يقتصر على الجانب الشرعي فقط.. ولابد من قوانين تحد من العنف ضدها

الدكتورة نهلة الصعيدي
الدكتورة نهلة الصعيدي

الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر

  • 1300 امرأة تولت منصب "شيخ المعهد" بمختلف المناطق الأزهرية
  • دعم الأزهر لقضايا المرأة لم يقتصر على الجانب الشرعي فقط
  • لابد من سن قوانين للحد من العنف ضد المرأة وحمايتها
  • الإسلام لم يضع للمهر مقدارًا محددًا ولا حد لأقله
  • يجب الحد من ظاهرة غلاء المهور وتقليل مطالب الزواج

 

سلطت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، وأول امرأة تتولى هذا المنصب، الضوء على قضايا المرأة، وأهم المشكلات التي تعاني منها في المجتمع، وأهمها ظاهرة العنف ضد المرأة.

وكشفت الصعيدي، في حوار لصدى البلد، عن أسباب المشكلات ضد المرأة، ووضعت لهذه المشكلات حلولا مجتمعية، سعيا للوصول إلى حل لهذه المشكلات التي قد تكون عقبة في تطورها في حياتها الأسرية والمجتمعية والتعليمية والمهنية.

 

وفي هذا الحوار ، نستعرض أبرز تصريحات الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر.

 

كيف اهتم الأزهر الشريف بالمرأة؟


هناك اهتمام الأزهر بقضايا المرأة على مر العصور وحرصه على أن يعطيها ما أعطاها الإسلام من معاملة وحقوق ورعاية.
 

كما أن الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، قد أولى الاهتمام بقضايا المرأة وإبراز كل المناحي التي أكدتها الشريعة الإسلامية في الحفاظ على حقوق المرأة ورعايتها وصيانتها من كل سوء، سواء كانت فتاة، أو زوجة أو أرملة أو مطلقة، حيث اهتم شيخ الأزهر منذ اعتلائه مشيخة الأزهر بالقضايا الخاصة بالمرأة، ونادي في كل الوسائل الإعلامية بشتى أنواعها إلى استغلال طاقتها في التعمير والإصلاح وشدد على أنها شريك أساسي في بناء الوطن.


والأزهر الشريف يحرص على توعية النساء بحقوقهن ودورهن في المجتمع، وذلك من خلال الندوات والمحاضرات التي ينظمها بشكل دوري، وقد أسهمت هذه الجهود في رفع مستوى التعليم والوعي لدى النساء المصريات، وتمكينهن من المشاركة بفاعلية في مختلف المجالات، مؤكدة على أن دعم الأزهر لقضايا المرأة لم يقتصر على الجانب الشرعي فقط، حيث أعطى فضيلة الإمام الأكبر توجيهاته بتنظيم العديد من الدورات، التي تستهدف تثقيف المرأة والارتقاء بها، لمواكبة مستجدات العصر وتفعيل دورها في المجتمع، كما عقد الأزهر الشريف بالتنسيق مع المجلس القومي للمرأة عدة حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاضرات وندوات بالمدارس والمعاهد والجامعات الحكومية والخاصة، فضلا عن عقد دورات تدريبية للمقبلين على الزواج من الجنسين.


وعلى صعيد تمكين المرأة بالأزهر الشريف، أصدر فضيلة الإمام الأكبر قرارًا بتكليف 1300 امرأة بتولي منصب "شيخ المعهد" بمختلف المناطق الأزهرية، وهو العدد الأكبر في تاريخ الأزهر الشريف، والعام الجاري شهد نقلة نوعية على مستوى تكافؤ الفرص وتمكين المرأة بالأزهر الشريف، حيث احتفى الأزهرالشريف بفوز المشيخة وجامعة الأزهر بالمراكز الأولى في جائزة التميز الحكومي فئة “تكافؤ الفرص وتمكين المرأة”، وهذه الجائزة لم تكن وليدة الصدفة بل كان نتيجة لإجراءات فعلية وجهود حقيقية، ودليل عملي على ما يبذله الأزهر الشريف على الأرض؛ لتحقيق استراتيجية التنمية المستدامة، (رؤية مصر 2030)، والتي تقضي بتكوين جهاز إداري كفء وفعال يطبق مفاهيم الحوكمة، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويستجيب لطلبات المواطنين للرقي بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة.


ومركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب يفد إليه طلاب من 137 دولة على مستوى العالم ويأخذون حقوقهم كاملة من الرعاية والاهتمام والتعليم ولم يفرق الأزهر في هذا بين رجل وامرأة وهذا مستمد من الشريعة الإسلامية التي حثت على عدم التفرقة بين الرجل والمرأة في الأجر والعمل والمسؤولياتت، موضحة أن الإسلام هو أول من منح المرأة حقوقها كاملة، وحررها من الأغلال والقيود التي فرضت عليها.


ما رأيكم في قضايا العنف الأسري وضرب المرأة؟


أفعال العنف ضد المرأة من أبشع الممارسات التي تنتهك حقوقها والتي تعيق حريتها وتمنع احتلالها لمكانة مرموقة، والتي تؤدي الآثار العنيفة التي تمتد بشكل أساسي لكافة أفراد المجتمع وليست المرأة فقط، فمن أهم أسباب العنف ضدها قبولها هذا الوضع بكل ما به من مساوئ مما جعل التمادي في الأمر أصبح عاديًا، فليس هناك رادع لتلك الظاهرة، وقد يكون الجهل وعدم السعي وراء التعلم والمعرفة، من أحد الأسباب وراء هذا العنف أو العادات والتقاليد الخاطئة أو قد يكون للظروف المادية الصعبة التي تمر بها كافة الأسر الآن وغيرها من الأسباب، أما حلول تلك الظاهرة تتمثل في نشر الوعي بين أفراد المجتمع وتغيير العقائد المترسخة في أذهان البعض عن فكرة تعنيف المرأة واستبعادها إلى جانب قيام المنزل بتربية الطفل ونشأته النشأة القويمة التي تقوم على المساواة بين البنت والولد، وكذلك الحرص على سن عدد من القوانين التي تخص حماية المرأة، والعمل على تنفيذها بدقة، لمنع هذا القمع والعنف ضدها، كما يجب تأهيل المرأة وتوعيتها بدورها في المجتمع، وعدم إهمالها لحقوقها لنشر الوعي وتمكينها من الحصول على حقوقها بالكامل، موضحة أنه لا بد من تضافر كافة الجهود المجتمعية والمؤسسية وتكاملها مع الخطاب الديني لمناهضة العنف الأسري وإنهاء كافة أشكال الانتهاكات ضد المرأة، بما يسهم في تغيير الفكر المغلوط لا سيما وأن الأسباب الرئيسية تتعلق بالأعراف والعادات البالية. 


هل المهر موجود في الإسلام؟ وما قيمته وكيفية تحديده؟


المهر هو المال الذي يجب على الزوج لزوجته كأثر من آثار عقد الزواج عليها، ويدل على وجوبه قولُهُ تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً...}، والمراد بالصداق هنا هو المهر، أي: أعطوا النساء مهورهن عطيةً واجبة عن طيب نفسٍ، وأيضًا ما ورد من أن النبيِّ ﷺ لم يُخلِ زواجًا من مهر، وكذا إجماع الأمة على وجوبه.


والإسلام لم يضع للمهر مقدارًا محددًا، وإن كان بعض الأئمة يختلفون في أقل الصداق هل هو دينار من ذهب أو ربع دينار، لكن الصحيح في هذا الأمر هو أنه لا حد لأقله؛ نظرًا لأن النبي –صلى الله عليه وسلم-زوج على خاتم من حديد أو كف من طعام، وكذلك لا حد لأكثره؛ لقوله تعالى: «وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا»، غير أن روح الشريعة يفهم منها ضرورة الاقتصاد الشديد وعدم المغالاة في المهور حتى یمكن لجميع الأفراد الوصول إلیه وعدم التناهي في النقصان حتى لا یكون له في النفوس موقع وحتى یلیق أن یكون علاقة بینهما وبركة فیهما والمهر هو أثر من آثار النكاح الصحيح وهو حق للمرأة لها أن تسقطه وتبرئ زوجها منه، إذ في بذل المال المهري لها إشعار بتكريمها والعزم على إسعادها حتى یطیب نفسها ویرضیها بقوامة الرجل علیها مع ما یضاف إلى ذلك من توثيق الصلاة وإیجاد أسباب المودة والرحمة.


والأحاديث النبوية الواردة في تيسير المهور كثيرة، منها: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ –الزواج-بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مُؤْنَةً» يعني أقله تكلفة، فالزواج المبارك هو ما تكون تكاليفه أقل، وبينت الدكتورة نهلة الصعيدي أن المهر رمزًا وليس ثمنًا ولا مقابلًا ماديًّا لأي معنى من معاني الزواج الذي عبر عنه القرآن بأنه ميثاق غليظ، وإنما هو مشروع إنساني يقوم على معانٍ وأحاسيس ومشاعر لا يمكن أن تقدر بثمن أو بمقابل مادي.

 

ماهي رسالتكم للتيسير في الزواج وكيفية حث الإسلام على التحقيق فيه؟


تيسير الزواج يحقق البركة، قال تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" فالصلاح شرط في المرأة حتى يسعد بها الرجل، كما أن الخلق والدين شرط في الرجل حتى تسعد به المرأة، والزواج يجلب السرور إلى الزوجين وغيرهما.

ولابد من العمل الجاد للحد من ظاهرة غلاء المهور وتيسيرها ومراقبة الله عز وجل في ذلك، وتقليل مطالب الزواج ونفقاته وتسهيل تكاليف الاحتفال بالزواج وعدم المبالغة فيها لذلك يجب على الآباء أن يكونوا ميسرين وغير معسرين، مع تجنب العادات والتقاليد والأعراف الشائعة التي ليس لها دليل من الكتاب والسنة، لأنها أحياناً تجعل الزواج عسيراً وتسبب المشكلات بين الأسر وتكون وراء إفشال الزواج، كما يجب على الشباب المقبل على الزواج تجنب الإسراف والتبذير والبذخ لإرضاء الناس.


هل وسائل التواصل أضرت بالبيوت وتسببت في زيادة الطلاق؟


في الحقيقة يجب أن نعلم جيدًا أن تطبيقات التواصل الاجتماعي أنشأت بالأساس بهدف تحقيق تواصل اجتماعي بين الناس والأشخاص البعيدة جغرافيًا، ولكن مع عدم التوفر الوعي الكامل بهذا الهدف، بدأ الكثير من الناس يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاطئ، ما أدى إلى حدوث تمرد في العلاقة بين شركاء الحياة الزوجية، وانعدام العاطفة والرومانسية بين الزوجين، أحد السلبيات التي خلقتها مواقع التواصل الاجتماعي وورثتها للآخرين، بين الأزواج والزوجات، إذ قد يقضي بعض الأزواج أوقاتًا طويلًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، كل واحد منهما في معزل عن الآخر، فيكون الطلاق سيد قرارهما، وهذه نتيجة طبيعية، في ضوء اضطراب البشر حاليا بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، وخاصة في الحياة الأسرية التي باتت تتشكل بشكل كبير من واقع مواقع التواصل الاجتماعي الذى أصبح يشكل إدمانا داخل الأسرة المصرية.
وأكدت مستشار شيخ الازهر إلى أن السبب وراء اختلال أخلاقيات المجتمع هو اختلال المؤسسات الاجتماعية، التي تتمثل في الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام، فيجب وضع خريطة للدولة المصرية نرصد فيها مواضع الانفلات الأخلاقي والخلل القيمي، إضافة إلى استخدام وسائل ناجعة للتصدي لمشكلة الطلاق بطريقة تحافظ على الأسرة وكرامتها، مشيرة إلى أن الإسلام أرشد الزوجين إلى عدم التسرع في قطع رباط الزوجية عند حدوث أية مشكلة أو عقبة، بل ينبغي عليهما التمسك به؛ وذلك من خلال إجراءات وقائية مبكرة، وهي ضرورة المعاملة بالرفق والرحمة، والتسامح، وحسن الظن، واعتدال الغيرة، والمشاركة في تحمل أعباء الحياة، ومراعاة كل طرف لظروف الآخر.