عقد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، اليوم الثلاثاء، صالونه الثقافي والفكري الشهري، بمشيخة الأزهر، تحت عنوان: "التمييز بين الأبناء وأثره في السلوك المجتمعي"، حاضر فيه الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والدكتور محمد الجبة، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والدكتورة مروه لطفي عبد الهادي، الأخصائية النفسية، وأداره الشيخ محمد عماد أبوالهدى، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بمشاركة مجموعة من متدربي برنامج المقبلين على الزواج.
وفي كلمته، قال الدكتور محمد الجبة، إن للإسلام له موقف واضح من التمييز، حيث تشير جميع الأدلة الشرعية إلى وجوب تحقيق العدل بين الأبناء، وعدم التمييز بينهم، ومن ذلك قوله تعالى "يوصيكم الله في أولادكم"، ولم يقل في أبنائكم، في دلالة واضحة على المساواة بين الإناث والذكور، ومنه أيضا قصة عمرة بنت رواحة مع زوجها بشير بن سعد، حين سألته بعض الموهبة من ماله لابنها، فأجابها بذلك، فقالت: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبت لابني، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم، فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور، وقال اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وشدد الجبة، على أن التمييز ليس مسوغا لعقوق الوالدين، موصيًا الآباء بضرورة الاهتمام الشديد بتحقيق العدالة والمساواة بين أبنائهم منعا لأي كراهية من أبنائهم تجاههم أو تجاه إخوتهم، تطبيقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رحم الله والدا أعان ولده على بره"، مؤكدًا ضرورة أن لا يكون الآباء سببا في عقوق أبنائهم لهم، وأن العدالة والمساواة هي المنهج القويم والأساس للتربية السليمة، طبقا لتعاليم ديننا الحنيف.
وقال الدكتور محمد المهدي، إن التمييز بين الأبناء ينتج عنه الكثير من الاضطرابات السلوكية لدى الأبناء، مثل الكذب والعدوانية والغيرة، وأن العدالة والمساواة بينهم هي بمثابة العلاج والوقاية من هذه السلوكيات المضطربة، مشددًا على ضرورة أن يساوي أولياء الأمور بين أبنائهم في مدح صفاتهم الحسنة، حيث إن لكل طفل ذكاءه الخاص، فمنهم من يتميز بالذكاء اللغوي، وآخر يتميز بالذكاء الاجتماعي، وثالث يتميز بالذكاء الوجداني، وعلى الآباء إدراك نقاط القوة لدى أبنائهم والمساواة بينهم في المدح لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي لديهم.
أوضح المهدي، ما لو كان هناك تفضيل من الآباء لأحد أبنائهم لتميزه عن إخوته، فمن الواجب عليهم السيطرة على تلك المشاعر وعدم إظهارها، لمنع أي غيرة أو ضغينة بينهم، مشيرًا إلى أن المساواة بينهم في العطايا والهدايا هي أيضا من أهم طرق العلاج التي تمنع الإحساس بالقهرة والظلم، لافتا إلى أن الاهتمام الزائد من قبل الآباء بأبنائهم، وتلبية جميع متطلباتهم، قد تكون سببا في ظهور بعض السلوكيات المرفوضة لديهم مثل الطمع والأنانية، وهو ما يجب الحرص على تجنبه.