الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاقات كوريا الشمالية مع روسيا.. معقل استراتيجي أم تحالف مؤقت؟

صدى البلد

تعتبر علاقات كوريا الشمالية مع روسيا من أقدم وأعمق العلاقات الدولية في العالم، فهي ترجع إلى نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة. 

وتتسم هذه العلاقات بالتغير والتطور وفقًا للظروف السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة والعالم، فهي تارة تكون قوية ومتينة وتارة أخرى تكون ضعيفة وهشة.

وتشهد هذه العلاقات في السنوات الأخيرة تحسنًا ملحوظًا، خصوصًا بعد قمة زعيمي البلدين في سبتمبر، حيث أكدا التضامن والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة. 

لكن هذا التحسن يثير أسئلة عن دوافع وأهداف كل طرف، وعن مدى استدامة وثبات هذه العلاقات في ظل التغيرات الجارية في المشهد الإقليمي والدولي.

التاريخ

بدأت علاقات كوريا الشمالية مع روسيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أنشأ الاتحاد السوفيتي حكومة شيوعية في شمال شبه الجزيرة الكورية بزعامة كيم إيل سونج. 

ودعمت روسيا كوريا الشمالية عسكريًا واقتصاديًا خلال حرب كوريا (1950-1953)، التي اندلعت بعد اجتياح كوريا الشمالية لكوريا الجنوبية بغية توحيد شبه الجزيرة تحت نظام شيوعي.

واستمرت روسيا في تزويد كوريا الشمالية بالمساعدات والأسلحة حتى نهاية حقبة ستالين، لكنها بدأت تخفض من حجم دعمها بسبب سعي كوريا الشمالية للحفاظ على استقلالها وسلطانها. وازدهرت علاقات كوريا الشمالية مع روسيا في فترة التسعينات من القرن الماضي، حيث استفادت كوريا الشمالية من المنافسة بين روسيا والصين، وحصلت على مزيد من المساعدات من كلا الطرفين.

وانخفضت علاقات كوريا الشمالية مع روسيا في فترة الانهيار السوفيتي وما تلاه، حيث قلصت روسيا مساعداتها لكوريا الشمالية وسعت لتحسين علاقاتها مع كوريا الجنوبية والغرب.

الواقع الراهن

تشهد علاقات كوريا الشمالية مع روسيا تحولًا إيجابيًا في السنوات الأخيرة، حيث تزداد التنسيق والتعاون بينهما في مجالات مختلفة. وترتبط هذه التطورات بالعوامل التالية:

- الضغوط والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها على كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي والصاروخي.

- الصراع والتوتر بين روسيا والغرب بسبب أزمة أوكرانيا وغيرها من الملفات الإقليمية والدولية.

- رغبة كوريا الشمالية في تنويع شركائها وخفض اعتمادها على الصين، التي تمثل أكبر حليف وشريك اقتصادي لها.

- رغبة روسيا في تعزيز نفوذها في شرق آسيا وتطوير مناطق سيبيريا والشرق الأقصى، التي تحتوي على ثروات طبيعية هائلة.

وتتمثل أبرز مجالات التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا في ما يلي: 

- المجال السياسي: يتبادل زعماء البلدين زيارات متكررة، ويلتقون في قمم دولية، ويرسلون رسائل تهنئة وتضامن، ويلتزمون بالدفاع عن المصالح المشتركة. 

- المجال الأمني: يدعمان بعضهما في مجلس الأمن الدولي، ويرفضان فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، ويلتزمان بحل سلمي للأزمة الكورية، ويرى كلا منهما أن التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية يشكل تهديدًا لأمنه. 

- المجال الاقتصادي: يزداد التبادل التجاري بينهما، خصوصًا في مجالات الطاقة والنقل والزراعة، ويرى كلا منهما أن مشروع خط أنابيب غاز من روسيا إلى كوريا الجنوبية عبر كوريا الشمالية يشكل فرصة استثمارية هامة. 

- المجال الثقافي: يزداد التعاون في مجالات التعليم والثقافة والرياضة، حيث يستضاف طلاب كورية شمالية في جامعات روسية.