"رايتس ووتش" تطالب المجتمع الدولي بإقرار تقديم المساعدات للنظام القضائي الليبي

طالبت منظمة (هيومان رايتس) ووتش "المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان" المجتمع الدولي بإقرار توفير المساعدات إلى النظام القضائي "المتعثر" في ليبيا.
وأضافت المنظمة ـ في تقرير مطول نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الجمعة - أن تلك المساعدات ينبغي أن تشمل تدريبات عاجلة للشرطة القضائية وأفراد مدربين لمساعدة ليبيا على إنهاء جريمة الاعتقال التعسفي الجماعي، فضلا عن مراجعة قضايا الآلاف من الأشخاص المعتقلين دون تهم والتي تجاوزت فترة حبس بعضهم لأكثر من ثلاثة أعوام.
وحث التقرير أيضا المجتمع الدولي على مواجهة استمرار التهجير القسري غير القانوني لليبيين بما في ذلك سكان بلدة تاورغاء .. مضيفا أن من سيجتمعون في روما ينبغي عليهم الضغط من أجل المساءلة وفرض العقوبات على المسئولين عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومن بينهم قادة الميليشيات المسلحة.
واستطرد التقرير "وكخطوة أولية، ينبغي على المجتمعين في روما تحديد شخص صاحب مكانة دولية يكون منوطا به حث الميليشيات على إنهاء ما تقوم به من عقاب جماعي لهذا المجتمع فضلا عن تسهيل العودة الآمنة للنازحين من مدينة تاورغاء إلى منازلهم".
وقالت سارة ليا ويتسون رئيسة قسم الشرق الأوسط و شمال أفريقيا للمنظمة "لقد كانت الأزمة الليبية ذات أهمية ثانوية لدى المجتمع الدولي على الرغم من انحدار البلاد إلى الفوضى، وما لم يركز المجتمع الدولي على ضرورة تقديم مساعدات عاجلة إلى النظم الأمنية والقضائية هناك، فإن هناك مخاطر بانهيار مؤسسات الدولة الضعيفة فعليا مع المزيد من التدهور في حقوق الإنسان في البلاد".
ويضم مؤتمر روما مسؤولين ليبيين ووزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى عربية ومن الاتحاد الأوروبي وممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وستركز أجندة المؤتمر على دعم التحول الديمقراطي في ليبيا والاحتياجات الأمنية.
ويشير التقرير إلى أنه منذ أكثر من عامين بعد انتهاء الانتفاضة التي أطاحت بنظام معمر القذافي، تعاني ليبيا من تحديات كبيرة لفرض القانون والنظام، وعلى الرغم من أن الحكومة أعربت عن إلتزامها باحترام حقوق الإنسان وانهاء الانتهاكات، فإن المنظمة وثقت عشرات الاغتيالات للقضاة وأعضاء النيابة العامة والنشطاء وأفراد قوات الأمن من قبل مهاجمين مجهولين مع الإفلات الكامل من العقاب، ووثقت المنظمة أيضا حالات اختطاف وتعذيب وتهجير قسري.
وأفاد التقرير أيضا أن الأمن قد تدهور في عشرات المناطق داخل البلاد، ووصلت انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقال القسري والقتل غير المشروع والتعذيب إلى مستويات مزعجة، أما الانتهاكات والتي ارتكب معظمها أفراد الميليشيات مرت دون عقاب أو ردع.
وألمح التقرير إلى أن العملية الديمقراطية وصلت إلى طريق مسدود بعد أن تسببت أعمال العنف في تعطيل انتخابات الواحد والعشرين من فبراير الماضي لاختيار جمعية صياغة الدستور، وأصيب عشرات النواب في عمليات إطلاق النار أثناء أعمال العنف في المؤتمر الوطني العام في الثاني من مارس الجاري، ولم تعلن مفوضية الانتخابات عن نتائج انتخابات الواحد والعشرين من فبراير حتى الآن حيث إن الانتخابات وما تلاها من أعمال العنف ومقاطعة من قبل الأقليات منعتها من من تحديد أسماء الفائزين ب 13 مقعدا من أصل 60 آخرين.
وفي اتصال هاتفي مع المنظمة في الثاني من مارس الجاري، قال وزير العدل الليبي صلاح الميرغني إن المحاكم في مدينة درنة الشرقية توقفت عن العمل لشهور حيث إن المدينة لم تعد تحت سيطرة الحكومة، مضيفا أن المحاكم في بنغازي قد علقت جميع أعمالها مؤخرا بعد اغتيال أحد القضاة هناك، وكانت الحكومة تقوم بنقل القضاة وأعضاء النيابة العامة خارج بنغازي ودرنة لحمايتهم الشخصية.
وأشار التقرير إلى أن المجتمع الدولي سبق وأن أعلن عن خطط لتدريب أفراد من الميليشيات وآخرين لدمجهم في الجيش، غير أنه ينبغي تقديم دعم دولي قوي وعاجل للشرطة القضائية هناك والتي توفر الأمن في منشآت الاعتقال وللقضاة وأعضاء النيابة العامة والشهود.
وتشير ويتسون إلى أن الإغلاق الخطير للعمليات الأساسية القضائية والنيابة العامة في بنغازي وأماكن أخرى داخل ليبيا ينبغي أن يدق نواقيس الخطر لمؤتمر روما، وإذا لم تستطع الحكومة ممارسة حتى مهامها الأساسية في القطاعات البارزة في البلاد، فإن الآخرين سيقومون بالاستيلاء على العدالة.
وحث التقرير أيضا المجتمع الدولي على ضرورة توفير أفراد مدربين يمكنهم مراجعة ملفات المعتقلين بشكل فوري لتحديد أسس اعتقالهم، وينبغي الإفراج وبشكل فوري عن أي معتقل دون وجود أي سند قانوني على إدانته، وتلك المراجعات ستكون من شأنها إنهاء إزالة أية ذريعة لاستمرار احتجاز الأشخاص دون تهمة.
ونوه التقرير عن فشل الأجهزة الأمنية الليبية وفشل الحكومة أيضا في تنفيذ قانونين تم تمريرهما العام الماضي وهما القانون 27 و 53 لحل الميليشيات ودمج أعضاءها داخل قوات الأمن، فضلا عن فشلها أيضا في نزع سلاح تلك الميليشيات ومحاسبة المسئولين عن ارتكاب جرائم خطيرة منذ اندلاع انتفاضة فبراير عام 2011.
وتعود ويتسون لتؤكد أنه كلما تساهلت السلطات الليبية في التعامل مع الميليشيات دون عقاب، كلما زادت قوتهم وثباتهم وباتت أقل رغبة للتنحي، مشيرة إلى أن تأجيل المواعد النهائية المكررة لنزع سلاح وتفكيك الميليشيات يطيل أمد الفوضى والخراب التي تحدثها في شتى أنحاء البلاد.
وتقول المنظمة أيضا "إنه ينبغي على الحكومة مراقبة أفراد الميليشيات وفقا للمعايير الدولية قبل دمجهم داخل القوات الأمنية وإذا وجِد أن أعضاء لم يرتكبوا جرائم خطيرة من بينها التعذيب والقتل غير المشروع، فينبغي السماح لهم بالخدمة داخل قوات الأمن، وينبغي على المجتمع الدولي وأصدقاء ليبيا، لاسيما من ساندوا تدخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) إدانة جميع انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة والخطيرة المرتكبة من جميع الأفراد داخل ليبيا ويبنغي عليهم أيضا استخدام آليات مثل مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان لتوثيق والإبلاغ عن الانتهاكات علنا".