مراكز الاقتراع التونسية تستقبل الناخبين بعد غد في جولة الإعادة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد

تنطلق الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في تونس بعد غد، الأحد، لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد من بين المرشحين الرئاسيين مرشح حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي، والرئيس التونسي المؤقت محمد المنصف المرزوقي ليكتمل بذلك البناء الديمقراطي لتونس بعد إقرار الدستور الجديد واجراء الانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر الماضي التي أفرزت مجلس نواب الشعب الذي بدأ مهامه البرلمانية.
واستكملت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات استعداداتها لإجراء هذه الجولة بعد أن نجحت في تنظيم الجولة الأولى التي جرت في 23 نوفمبر المنقضي داخل وخارج الأراضي التونسية.
وأكدت اللجنة أنها عملت طوال الفترة الماضية على استكمال استعدادتها لإنجاح هذا الاستحقاق وتلافي القصور الذي قد يكون شاب الجولة الأولى، مشددة على أن ورقة الاقتراع ستكون مؤمنة بشكل لا يمكن معه استخدام أسلوب الورقة الدوارة أو التزوير، وأنها ستشتمل على علامات مائية ولن تشبه الورقة التي طبعت خلال الجولة الأولى.
ودعت الهيئة المرشحين إلى القبول بنتائج هذه الانتخابات وعدم التشكيك أو الطعن فيها أمام القضاء والامتناع عن إعلان أي نتائج قبل إعلان النتائج الرسمية من جانبها.
ويبلغ عدد الملاحظين لهذه الانتخابات نحو 88 ألف ملاحظ، منهم 59 ألف ممثل للمرشحين.
ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها بعد غد، الأحد، لإجراء الجولة الثانية "الإعادة" بين المرشحين بدءا من الساعة 8 صباحا وحتى الساعة 6 مساءً.
كما قررت هيئة الانتخابات اعتماد توقيت استثنائي لـ124 مكتب اقتراع موجودة في المناطق الحدودية بالوسط الغربي والشمال الغربي، نظرا لظروف أمنية بدءا من الساعة العاشرة صباحا حتى الثالثة بعد الظهر.
وكانت الجولة الأولى من هذه الانتخابات جرت يوم 23 نوفمبر الماضي بين 27 مرشحا أعلن خمسة منهم انسحابهم قبل إجراء عملية التصويت، وأسفرت عن فوز المرشحين السبسي والمرزوقي وتأهلهما معا لجولة الإعادة لعدم تحقيق أي منهما النصاب الذي يؤهله للمرور إلى المنصب بمفرده.
فقد حصل السبسي على نسبة 39.46 في المائة من عدد أصوات الناخبين الذين أدلوا بها خلال الجولة الأولى، فيما حصل المرزوقي على نسبة 33.43 في المائة من إجمالي عدد أصوات الناخبين الذين اقترعوا في هذه الانتخابات البالغ عددهم 3 ملايين و339 ألفا و671 صوتا بنسبة تصويت بلغت 62.90 في المائة.
وفي أعقاب إعلان النتائج الرسمية لهذه الجولة، قدم المرشح المرزوقي 8 طعون إلى جانب طعن قدمه أحد المواطنين ضد هذه النتائج أمام المحكمة الإدارية التي قضت بعدم قبول الطعون، غير أن المرزوقي عاد واستأنف أمام دائرة الاستئناف بالمحكمة التي قضت هى الأخرى بعدم قبولها.
وبعد ذلك حددت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات موعد إجراء جولة الإعادة بين المرشحين السبسي والمرزوقي يوم 21 ديسمبر.
في الوقت ذاته، بدأ توافد الناخبين التونسيين في الخارج بدءا من ليلة أمس على مراكز الاقتراع المحددة في كل بلد للتصويت في هذه الانتخابات ولمدة ثلاثة أيام، وفقا لما حددته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بدءا من كانبيرا بأستراليا.
وأعلنت المؤسسة العسكرية التونسية عن تخصيصها نحو 36 ألف عسكري لتأمين هذه الجولة، حيث خصصت 28 ألف عسكري لتأمين العملية الانتخابية بشكل مباشر، إلى جانب 8 آلاف عنصر عسكري للتدخل السريع، فضلا عن استعداد التشكيلات الموجودة في الثكنات للتدخل عند الحاجة، سواء لتأمين وحماية الاستحقاق الانتخابي أو لمقاومة الإرهاب أو لحماية الحدود الجنوبية والغربية.
كما تم تخصيص 1800 عربة نقل برية و6 طائرات نقل جوي و12 مروحية مسلحة و4 زوارق بحرية سريعة لنقل العسكريين والمعدات الانتخابية، إضافة إلى توفير سيارات إسعاف ومروحتين للإخلاء الطبي.
والمتابع للشأن التونسي يلحظ أن هذه الانتخابات وإن اتخذت في الأيام الماضية منحى عصبيا بين المرشحين الرئاسيين نظرا لطبيعة المنافسة وتباين الرؤى والسياسات فيما بينهما حول توجهات كل منهما، إلا أنها ستحسم شكل وطبيعة الحياة السياسية في تونس خلال السنوات الخمس المقبلة.
ووفقا للشواهد، فإن حركة نداء تونس التي حصلت على الصدارة في الانتخابات البرلمانية وحصد مرشحها محمد الناصر منصب رئيس مجلس نواب الشعب، وبطبيعة التكوين الدستوري ستكون هى المكلفة بتشكيل الحكومة التونسية القادمة ينافس مرشحها الباجي قائد السبسي في هذه الانتخابات بقوة أمام الرئيس التونسي المؤقت محمد منصف المرزوقي الذي يواجه معارضة شرسة من عدد غير قليل من الأطياف السياسية التونسية.
وكونت أحزاب وشخصيات ورموز تونسية جبهة نسقت فيما بينها لمساندة السبسي في هذا السباق، كما أعرب عدد آخر من الأحزاب مساندة المرزوقي، وإن كانت ليست بذات القوة التي تتمتع بها الأحزاب المساندة للسبسي.
في الوقت الذي أعلنت فيه حركة النهضة، ذات التوجه الإسلامي وصاحبة ثاني أكبر كتلة في البرلمان، أنها ستلتزم الحياد خلال هذه الجولة كما كان موقفها خلال الجولة الأولى، وتركت لقواعدها ومناصريها حرية تحديد المرشح الذي سيختارونه.
وأعلن المرشح الرئاسي سليم الرياحي، الذي حصل على المركز الخامس في الجولة الأولى، عن مساندة حزبه للسبسي خلال الجولة الثانية، مشيرا إلى أنه التقى المرشحين الرئاسيين فلم تتفق رؤاه مع المرزوقي ومواقفه وسياساته الخارجية التي يرى أنها أضرت بعلاقات تونس الخارجية بعدد من الدول الشقيقة والصديقة، فيما رأى أن مواقف السبسي عبرت عن توافق الرؤى وأنه سيكون هناك تنسيق بين الجانبين فيما يخص تشكيل الحكومة الجديدة والمشاركة في الحكم.
في السياق ذاته، دعت شبكة "مراقبون"، لمراقبة الانتخابات، المرشحين الرئاسيين إلى قبول نتائج الانتخابات وعدم التشكيك فيها، واعتماد خطاب التهدئة خلال الفترة المتبقية، والتونسيين إلى التوحد والتوجه إلى مراكز الاقتراع بكثافة لاستكمال المسار الانتقالي لتحقيق الاستقرار.
ووصل إلى تونس عدد من الوفود العربية والإقليمية والدولية لمراقبة هذا الاستحقاق الانتخابي، منها وفد جامعة الدول العربية ووفد من مركز كارتر الأمريكي ووفود أوربية وأفريقية، إلى جانب منظمات المجتمع المدني ومنظمات وهيئات حقوقية تونسية ودولية.