"البشير والجنائية الدولية"... يخطفان الأضواء من فعاليات القمة الأفريقية بجوهانسبيرج

خطف الرئيس السوداني عمر البشير الأضواء من القمة الأفريقية العادية رقم 25 التي بدأت أعمالها بجوهانسبيرج، حيث تناقلت القنوات الفضائية ووكالات الأنباء قرار المحكمة العليا في بريتوريا جنوب أفريقيا بالمطالبة بعدم السماح للرئيس السوداني بالمغادرة، تنفيذا لقرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن اتهامه بارتكاب جرائم حرب بدارفور-غرب السودان- بل شككت بعض وسائل الإعلام في وجود البشير بالقمة، الى ان قطع الشك باليقين النقل بالصورة التلفزيونية وجوده بين القادة الأفارقة المشاركين في القمة.
وفي الخرطوم، انشغلت الأوساط السياسية والاجتماعية ووسائط التواصل الاجتماعي بوجود البشير في القمة وما يحيط به من تهديدات تقوم بها الجنائية وفعاليات في جنوب أفريقيا، ومع توارد الأنباء المتضاربة، عقدت اجتماعات ولقاءات بين الوزراء وكبار المسئولين السودانيين ، والحزب الحاكم بالبلاد، لدراسة تداعيات الموقف، وسبل مواجهة تلك الهجمة الإعلامية المتمثلة في فتح ملف دارفور، وإعادة مطالبات تم تداولها منذ عام 2009، وكان للاتحاد الأفريقي رده الواضح تجاهها برفضه قرارات تلك المحكمة وعدم الاعتداد بها.
وأكدت مصادر دبلوماسية سودانية أن الاتحاد الأفريقي وقع اتفاقية مع جنوب أفريقيا لمنح حصانة للرئيس السوداني من الاعتقال بموجب المادة 58 من ميثاق روما، فضلا عن أن الخرطوم لن تسمح بمخاطر تحيط بالرئيس ومشاركته في القمة الأفريقية.
وقلل وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، مما نشر في وسائل الإعلام الدولية، حول مشاركة الرئيس عمر البشير، في القمة الإفريقية بجوهانسيبرج، مؤكدا أن هذه الأقاويل بشأن توقيف الرئيس البشير، مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة.
وقال غندور، إن الرئيس البشير يشارك حاليا في اجتماعات القمة، وسيعود للبلاد وفقا للبرنامج المقرر.
وفي سياق متصل، قال كمال الدين إسماعيل سعيد، نائب وزير الخارجية السوداني، إن ما يثار حول قرار أحدى المحاكم بجنوب أفريقيا بتوقيف الرئيس البشير هو أمر إعلامي، ويأتي في إطار استهداف السودان ..وأوضح أن الرئيس البشير تلقى دعوة رسمية من الاتحاد الأفريقي لحضور هذه الدورة..مؤكدا أن حكومة جنوب أفريقيا أبدت ترحيبا كبيرا بمشاركة الرئيس عمر البشير، كما تم استقباله بصورة رسمية وشارك في الجلسة الافتتاحية للقمة.
وأكد أنه ليس هناك ما يهدد سلامة رئيس الجمهورية بأي حال من الأحوال، وأن السلطات بجنوب أفريقيا أكدت التزامها بقرار القمة الإفريقية الذي صدر في قمة يناير 2015، بأديس أبابا والذي يطالب كل الدول الأفريقية بعدم التعامل مطلقا مع المحكمة الجنائية ومخرجاتها.
وشدد مجددا على عدم جدوى أو أهمية القرار الذي صدر من أحدى المحاكم بجنوب أفريقيا بتوقيف الرئيس البشير.
وفي الأثناء أعلن سفير السودان في دولة جنوب أفريقيا عمر صديق، أن الدول الأفريقية اعتمدت مقترح السودان الخاص بتعليق ملفه في المحكمة الجنائية الدولية، وأمرت مفوضية الاتحاد الأفريقي بتسليم القرار الخاص بهذا الأمر إلى مجلس الأمن الدولي.
وكشف السفير السوداني،عن مقترح ثان سيجاز في القمة الأفريقية التي انطلقت في (جوهانسبيرج)، يقضي بتشكيل لجنة أفريقية من ست دول، يتابع وزراء خارجيتها الأمر مع الأعضاء في الأمن الدولي، لافتا إلى أن الدول الست المعنية هي السودان وكينيا وإثيوبيا وتشاد وناميبيا ورواندا.
كما نفى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية السفير علي الصادق، ما تردد في بعض وسائل الإعلام بشأن إصدار محكمة في جنوب أفريقيا أمرا باعتقال الرئيس عمر البشير المشارك في القمة الأفريقية العادية بجوهانسبيرج.
وأضاف الصادق-في بيان للخارجية السودانية-أن الرئيس عمر البشير يشارك حاليا في جلسات القمة الأفريقية ويلتقي بالقادة والزعماء الأفارقة.
وفي سياق متصل، أوضح الملحق الإعلامي للسفارة السودانية بجنوب أفريقيا سيف الدين البشير، أن عددا من منظمات المجتمع الدولي حاولت الضغط على إحدى محاكم الموضوع بجنوب أفريقيا لاتخاذ خطوة تجاه الرئيس عمر البشير، مؤكدا أن هذه المحكمة تعتبر محكمة موضوع لا تستطيع تحريك أي إجراء في مواجهة أي دبلوماسي، ناهيك أن يكون رئيس دولة لتمتعه بالحصانة.
وأضاف الملحق الإعلامي السوداني، أن الاتحاد الأفريقي هو الجهة المنظمة لفعاليات القمة وهي الجهة المرجعية في التعامل مع الرؤساء وليست حكومة جنوب أفريقيا.
وفي تلك الأثناء، شدد رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما،-تعليقا على انشغال الرأي العام العالمي بقضية البشير- على التزام بلاده القاطع بحماية ضيفها الرئيس السوداني عمر البشير، وكافة ضيوف القمة "25" للاتحاد الأفريقي، وقال زوما "اسمعوها مني البشير ضيفنا .. سيبقى مكرما وينفذ برنامجه ويغادر متى شاء".
وأكد زوما، ترحيب بلاده بمشاركة الرئيس عمر البشير، في أعمال القمة المنعقدة في بلاده حاليا، وقال "إن جنوب أفريقيا تفتخر بمشاركة البشير كضيف عزيز ومحل حفاوة وترحيب رسمي وشعبي".
في السياق كشفت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، مايتي نيكوانا، أن أحزاب المعارضة الجنوب أفريقية، هي من تقف وراء إصدار محكمة جنوب أفريقية، حكما مؤقتا بمنع البشير من مغادرة أراضيها، ووصفت الموقف بأنه محاولة لإحراج بلادها أمام قادة أفريقيا..
وأكدت أن حكومتها أصدرت قرارا بالصحيفة الرسمية للدولة، أكدت خلاله أن كل ممثلي الدول المشاركة في أعمال دورة الاتحاد الأفريقي لديهم حصانة من أية مساءلات قانونية.
وبدوره، قال السفير السوداني لدى جنوب أفريقيا، إن مشاركة الرئيس البشير تأتي في إطار التزاماته كرئيس وزعيم أفريقي في عمل الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن الرئيس عمر البشير، سيواصل في أعمال دورة الاتحاد الأفريقي حتى نهايتها، وسيعود إلى البلاد اليوم الاثنين.
وأكد الصديق أن كل الرؤساء أشادوا بمواقف الرئيس البشير، مشيرا الى أن أفريقيا تندد بما تقوم به محكمة الجنائيات الدولية من استهداف للزعماء الأفارقة.
ويرى مراقبون بشأن زيارة البشير ومشاركته في قمة جوهانسبيرج، في حد ذاتها لا تخلو من المغامرة،في حين يرى أخرون أن هذا ليس التحدي الأول من قبل البشير للجنائية فقد تم من قبل في زيارات شهيرة لطهران وبكين، وابوجا، ورغم الجدل والاهتمام والمخاوف التي بدت من كثير من الأوساط بالخرطوم، إلا أن الحكومة السودانية لم تبد أية مخاوف واعتبرت ما يثار عن توقيف مؤقت للبشير في جوهانسبيرج مجرد دعاوى وفرقعة إعلامية، مؤكدين أن الدول الأفريقية لا تتعامل مع الجنائية الدولية لازدواج معاييرها والكيل بمكيالين، وتركيزها على القادة الأفارقة فقط دون غيرهم من دول العالم.