العنصرية السوداء!!

لا يمكن لأي إنسان علي وجه الأرض أن ينكر أن هناك عنصرية مارسها الإنسان الأبيض عبر تاريخه ضد الإنسان الأسود داخل القارة الأفريقية ابتداء وحتي الآن وأسوأ ما فيها نظام الفصل العنصري أو الأبارتهيد والتي تعني في أبسط صورة نحن البيض من صنعنا المجد والحضارة لكم أيها السود وأنتم عنوان دائم للكسل والتخلف والفقر والهمجية.
ومارس الرجل الأبيض تلك العنصرية صراحة حتي في أماكن العبادة، فقد كانت الكنائس لها أبواب لدخول البيض وأبواب أخري صغيرة للسود وأخري للملونين والآسيويين وقد كان النظام السياسي في جنوب أفريقيا يعبر عن تلك العنصرية بشكل واضح في دستور البلاد، حيث كان هناك أماكن لتجمعات السود وأخري للبيض وكانت معازل السود في أماكن فقيرة جدا وغير إنسانية وفرضت علي الإنسان الأسود عزلة قانونية تمنعه من التحرك من مكان لآخر إلا بتصريح حتي مع وصول السود للحكم لم تتغير هذه الممارسات علي الأرض تغير لون من يحكم وأصبح المال والسلطة كلها علي حساب الفقراء من السود ، صحيح أن العنصرية انتهت رسميا من الدستور إلا أنها مازالت موجودة وبدلا من كلمة ممنوع دخول السود إلي الشواطئ مثلا أصبح الدخول بثمن عال جدا وبالتالي أصبح الرجل الأبيض موجودا كما هو وإلي جانبه الأغنياء من السود ، ومازالت الأسوار العالية وكتائب الأمن الخاصة تحرس ممتلكات الأغنياء من البيض والسود معا.
وأقصد من الحديث عن العنصرية في جنوب أفريقيا هو تقريب السلوك إلي الأذهان ، فقد عاشت أفريقيا في هذه المعاناة حتي بعد رحيل الاستعمار عنها ودائما وأبدا ما نجد دعوات تحت شعار حقوق الإنسان تنادي بالمساواة بين البشر وعلي الرغم من وجود هذه النصوص التي تدعو إلي المحبة والإخاء والمساواة في الدساتير الرسمية في معظم دول العالم إلا أن التمييز يكون واقعا علي الأرض ويكفي أن نعرف أن موت الإنسان الأسود أمام أسرته وأولاده ووصل الأمر إلي جعل رؤوس الأفارقة هدفا لتعلم الرماية والتصويب.
ومن هنا جاءت الدعوة المضادة من تيارات فكرية عديدة تتشابه معظمها في تحقيق الحلم ألا وهو القوة السوداء في مواجهة القوة البيضاء وكان الإرتكاز علي اللون أحد أهم سمات التيارات الفكرية التي كانت معظمها في الشتات ، وكانت هذه الأفكار تهدف بالأساس إلي تعريف العالم بالعقل الأسود والهياكل الإجتماعية والثقافية للمجتمعات السوداء للوصول إلي المساواة مع القوة البيضاء الغربية، كل ذلك كان يمثل صرخة قوية من الإنسان الأسود ضد الإنسان الأبيض.
هذه الأفكار ملأت عقول الأفارقة والزنوج حول العالم ردا علي العنصرية البيضاء، وبغض النظر عن قناعتي بإمكانية تحقيق هذه الأفكار فإنها أفكار ترسم وبوضوح المعاناة على المستوي العقلي والبدني مما جعل الأفارقة يأملون في وحدتهم علي أساس لوني بعيدا عن الرجل الأبيض الذي في نظرهم سبب تخلفهم ومعاناتهم منذ أمد بعيد وحتي الآن.. فهل يمكن أن يتحقق لهم ذلك؟؟