قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السيسي والذين معه


منذ عهد بعيد وبالتحديد فى سنوات ما قبل الميلاد، كانت الثورة الأولى للمصريين، حيث ثار الشعب على الملك بيبى الثانى بعد فترة حكم استمرت تسعة عقود متواصلة استعبد فيها المصريين شر استعباد وبالفعل نجحت ثورتهم، إلا أنها ومع مرور الزمن فشلت فى تحقيق أهدافها وعادت الأمور أسوأ من سابقتها.

وظل المصريون عصورا طويلة فى رحلة الصعود والهبوط والخنوع والقنوع، حتى جاء القرن التاسع عشر الميلادى، حيث قامت ثورة القاهرة الأولى ثم الثانية ضد الاحتلال الفرنسى، ثم انتظر المصريون ثمانين عاما أخرى كى يقوموا بثورة عرابى ضد الاحتلال الإنجليزى 1881 ثم تلتها ثورة 1919، وهي الثورة الشعبية الوحيدة فى القرن العشرين، ثم انتظرنا قرنا آخر من الزمان حتى كانت ثورة يناير وتوابعها كأولى ثورات القرن الحادى والعشرين.
كلها ثورات شعبية لها فى التاريخ ما لها وعليها أيضا ما عليها، إلا أنها فى النهايه ما كانت إلا محاولات يائسة من شعب مقهور منذ آلاف السنين لينال حريته المسلوبة رغما عنه.. ثورات أشعلت شرارتها الأولى غضبا شعبيا جارفا من نظم حكم مستبدة تغول فيها الفساد حتى وصل لمرحلة فاض بها المصريون فهبوا بدون سابق إنذار ليعبروا عن غضبهم واتحدوا فى لحظات استثنائية ليتها دامت، لكن هيهات فهي دائما وأبدا لا تدوم طويلا فهكذا حدثنا التاريخ.. سريعا ما يتفرقون شيعا وأحزابا، ألف حزب وألف رأى وكلٌ متعصب لشيعته ولمصلحته الشخصية حتى نعود لطاولتنا الأولى، فنخسر أي نصر حققناه ونفقد أى أمل حلمنا به!

هذا هو التاريخ وهكذا علمنا دوما، فالقاعدة الذهبية تقول إن المصريين هم من فرعنوا الفراعنة من هول النفاق والمحاباة والتملق لهم والسكوت على أخطائهم والخوف من مواجهتهم ولو حتى بالنصيحة.
أكتب اليوم تلك الكلمات، وقد تسلل اليأس والإحباط إلى أعماق نفسى بعد أن كنت حتى وقت قريب أقاوم وأقاوم وأحاول جاهدا أن أتظاهر بالثقة والأمل فى سبيل مواجهة الشعور الجارف بالخطر، إلا أننى اليوم صرت أمام ضمير يتهمنى دوما بالخيانة ووطنٌ أراه يتهاوى إلى قاع سحيق من الانحطاط الأخلاقى والمجتمعى حتى بات السكوت جريمة والنفاق لعنة لن ترحم مقترفيها أبدا.
سيدى الرئيس.. تطالبنا بالبناء وحولك من يهدمون.. تطالبنا بالعدل وخلفك من يظلمون.. تطالبنا بالأخلاق وبجانبك من يسبون ويلعنون.. وعدتنا بالحرية فإذا بأصحاب الرأى فى السجون وعدتنا بالكرامة فإذا بجنودك يطيحون.. وعدتنا بالغد فإذا بنا للأمس عائدون!!
سيدى الرئيس.. أدرك جيدا حسن نواياك وأعرف عن قرب أنك لا تدخر وسعا كى تجعل مصر فى طليعة الأمم، لكننى أدرك أيضا أن حولك من يتحدثون ويصرخون ويشيعون الأرض رعبا وتخويفا وظلما وفسادا وهؤلاء لا يصلحون لأن يكونوا فى واجهة المشهد.. لا يصلحون أن يكونوا رجال المرحلة، هم عبء عليك سيدى فلا تكل أمرك لهم ولا تملكهم ولا تسودهم ولا تتركهم يتغولون، فهم محسوبون عليك حتى وإن لم تفعل، وهم يتحدثون باسمك دون أن تأذن لهم.
سيدى الرئيس.. لست فى موضع الناصح ولا الواعظ وإنما أتحدث بلسان مواطن مصرى يرى المشهد من أرض الواقع فينقل إليك نبض الناس، وأدرك أنك تسمع وتقرأ ويتسع صدرك لى ولغيرى، أنقل إليك شعورا بالياس صار يتزايد ويتزايد ويدق ناقوس الخطر.
سيدى الرئيس.. أعلم جيدا أنك ترى وتتابع ما يدور على الساحة الآن من تدهور أخلاقى إعلامى لم نر له مثيلا، وللأسف من يقود هذا الانحطاط محسوب عليك وعلى نواب الأمة.
سيدى الرئيس.. أدرك أنك ترى وتتابع ما يحدث من تجاوزات غير محسوبة وغير مبررة ومن فساد يتنامى فى كل القطاعات.. أدرك أنك تتابع الغلاء والأسعار وجشع التجار وارتفاع الدولار.. أدرك أنك تتابع غضب المثقفين وأصحاب الرأى من ملاحقتهم قضائيا وصدور أحكام ضدهم.. أدرك أنك تتابع غضب الصحفيين بعد إهانتهم ومنعهم من دخول البرلمان.. أدرك أنك تتابع غضب الأطباء بعد انتهاكات مستمرة ضدهم من هؤلاء المنوط بهم أمننا.. أدرك أنك تتابع غضب الموظفين بعد قانون مجحف أشبه بكلمة حق يراد بها باطل.. أدرك أنك تتابع معاناة المواطن الفقير بعد أن ازداد فقرا وتضررا وحيرة.. أدرك أنك تتابع معاناة المواطن الغنى بعد أن امتلأ خوفا وقلقا وندما.. أدرك أنك تتابع تردى أحوال السياحة والاقتصاد والتعليم والصحة والنظافة والأخلاق والإعلام.
أدرك سيدى أنك تتابع عن كثب وتنتظر الوقت المناسب لتتدخل، وأعتقد أن الوقت قد حان الآن وأنك ستفعل عن قريب.. ستفعل كل ما يعيد لنا الثقة ويجعلنا نصطف خلفك لنقول جميعا.. تحيا مصر.