يواصل مجلس النواب مناقشاته المكثفة بشأن تعديلات قانون الإيجار القديم، وسط حالة من الترقب يعيشها ملايين المواطنين من الملاك والمستأجرين، في ظل الجدل الواسع الذي أثارته مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة، وعلى رأسها تلك المتعلقة بزيادة القيمة الإيجارية وتحرير العلاقة بين الطرفين خلال فترة زمنية محددة.
وتستأنف اللجنة المشتركة من لجان الإسكان، والإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية جلساتها يوم الأحد المقبل، لاستكمال الحوار المجتمعي حول القانون، بمشاركة أربعة من المحافظين، يمثلون محافظات القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، والقليوبية، وهي المحافظات التي تضم النسبة الأكبر من الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
مشروع التعديل المقدم من الحكومة يتضمن مادة تنص على زيادة القيمة الإيجارية إلى عشرين ضعفًا للقيمة الحالية، مع وضع حد أدنى لا يقل عن 1000 جنيه شهريًا للوحدات في المدن، و500 جنيه في القرى. كما تنص المادة الخامسة من المشروع على انتهاء العلاقة الإيجارية بعد خمس سنوات من سريان القانون، ما لم يتم التراضي بين المالك والمستأجر قبل ذلك.
هذه البنود لاقت رفضًا شبه جماعي خلال جلسات الحوار السابقة، سواء من نواب البرلمان، أو ممثلي الأحزاب السياسية، أو حتى من الملاك والمستأجرين أنفسهم، وإن كان كل طرف له أسبابه الخاصة. ففي الوقت الذي يرى فيه المستأجرون أن هذه التعديلات تهدد استقرارهم السكني، يتمسك الملاك بأهمية تحرير العلاقة بشكل سريع بما يعيد لهم حقوقهم المهدرة منذ عقود.
الحكومة، من جانبها، أكدت على لسان المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أنها ليست طرفًا في النزاع، بل تسعى إلى صياغة قانون متوازن يُرضي جميع الأطراف.
وشدد الوزير على أن الحكومة منفتحة على كل الآراء، ومستعدة لمواصلة جلسات الحوار حتى الوصول إلى حل توافقي يخدم الصالح العام.
وأكد فوزي أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، والذي ينص على ضرورة إصدار تعديل للقانون قبل نهاية دور الانعقاد الحالي للبرلمان. وطالب بإعطاء الفرصة كاملة لجميع الجهات لعرض وجهات نظرها والمشاركة في صياغة التعديلات، بما يضمن التوازن بين حماية حقوق الساكن وحق المالك في العائد العادل.
في المقابل، اقترح ممثلو الملاك زيادات تتماشى مع طبيعة السوق العقاري، حيث طالب البعض برفع الحد الأدنى إلى 2000 جنيه في المناطق الشعبية، و4000 في المناطق المتوسطة، و8000 في المناطق الراقية، مؤكدين أن المقترحات الحكومية لا تعكس القيم السوقية الحقيقية.
أما المستأجرون، فقد طالبوا بحصر التعديلات في مسألة الزيادة فقط، دون المساس بفترة الإقامة، مع وضع ضوابط عادلة لتحديد الزيادة حسب نوع الوحدة وموقعها.
وتبقى جلسة الأحد المقبل محورية في تحديد اتجاه التعديلات، في وقت يزداد فيه الضغط الشعبي والسياسي للوصول إلى صيغة عادلة، تنهي أزمة ممتدة منذ عقود، وتحفظ حقوق جميع الأطراف في إطار من العدالة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي.