العلماء يصفون مشية النبي بين عشرة أنواع

قال الإمام ابن القيم الجوزية في كتابه (زاد المعاد)، المشيات عشرة أنواع، أحسنها وأسكنها: مشية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان إذا مشى تكفأ تكفؤًا، كأنما ينحط من صبب، وقال مرة: (إذا مشى تقلع).
وأوضح ابن القيم أن التقلع، هو الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من الصبب، يعني: يرفع رجليه من الأرض رفعًا بائنا بقوة، فيما أن التكفؤ هو التمايل إلى قُدام؛ كما تتكفأ السفينة في جريها، وهو أعدل المشيات، عن الترمذي (3638)، هذا حديث حسن غريب، ليس إسناده بمتصلٍ.
وأضاف أنها مشية أولي العزم والهمة والشجاعة، وهي أعدل ، وأكثر المشيات راحة للأعضاء، وأبعدها من مشية الهوج والمهانة والتماوت.
فيما وصفها أبو هريرة: ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدًا في مشيته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كأنما الأرض تُطوى له، وإنَّا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث، حيث كان أسرع الناس مشيةً.
وروى الإمام أحمد (1/ 328) من حديث داود بن أبي هند، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا مشى مشى مجتمعًا ليس فيه كسل.
وذكر الترمذي (3637) في حديث حسن صحيح، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب.
فدلت هذه الأحاديث وأمثالها أن مشيته -صلى الله عليه وسلم- لم تكن بمماتة، ولا بمهانة، والصبب - بفتح الصاد المهملة والباء الموحدة الأولى-: الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل على سرعة مشيه؛ لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشية.
والتقلع: الإنحدار من الصبب، والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض، يعني: أنه كان يستعمل التثبت، ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال ومبادرة شديدة، وأراد به قوة المشي، وأنه يرفع رجليه من الأرض رفعًا قويًا، لا كمن يمشي اختيالًا ويقارب خطوه، فإن ذلك من مشي النساء.
وألمح العلماء إلى أنه ينبغي للإنسان أن يقارب خطاه إذا كان ذاهبًا إلى المسجد لأجل الصلاة كما مر.
ونوه ابن القيم إلى أن الثانية من المشيات: أن يمشي بانزعاج واضطراب، مشي الجمل الأهوج، وهي مذمومة أيضًا، وهي علامة على خفة عقل صاحبها، ولاسيما إن كان يكثر الالتفات يمينًا وشمالًا، والثالثة: أن يمشي هونًا، وهي مشية عباد الرحمن، قال غير واحد من السلف: بسكينة ووقار، من غير كبر، ولا تماوت، وهي مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أن المشية الرابعة هي السعي، والخامسة: الرَّمَل؛ وتسمى الَخبَب، وهي أسرع المشي مع تقارب الخطا، بخلاف السعي، والسادسة: النَّسَلان؛ وهو العدو الخفيف بلا انزعاج، والسابعة: الخَوْزَلَى؛ وهي مشية فيها تكسر وتخنث، والثامنة: القهقرى؛ وهي المشي إلى ورائه.
وتابع: أما التاسعة: الجَمَزَى؛ وهي مشية يثب فيها الماشي وثبًا، والعاشرة: التمايل كمشية النسوان، وإذا مشى بها الرجل كان متبخترًا، وأعلاها مشية الهون والتكفؤ.