حكاية " خشب "مطعم بالسن والذهب لحفظ المصحف بالمتحف الإسلامي

لم يترك المسلمون شيئا في حياتهم إلا وأضفوا عليه لمسة فنية ليصبح قطعة فنية تاريخية.. هذه الحقيقة تصبح مؤكدة اذا ما كنت عزيزي القارئ من زوار المتحف الإسلامي بالقاهرة،والذي يمتلئ بآلاف القطع الأثرية التي تؤكد ذلك.
واذا كنا نتسابق في شهر رمضان الكريم لقراءة وختم القرآن،فاننا رصدنا في المتحف قطعتين مهمتين تتعلقان بالقرآن تعدان من روائع ،وهما صندوقان للمصحف،الأول من الخشب المطعم بالعاج والأبنوس"مصر –العصر المملوكي.القرن 8 هجري/14 ميلادي.رقم الحفظ 452 "
والصندوق نادر ومسدس الشكل وهو مطعم بالسن والأبنوس والخشب الأحمر والبقم والقصدير، ومقسم من الداخل لثلاثة أقسام كانت مكسية بالقماش الأخضر،ولكل قسم منها عشرة خانات وتتسع جميعها لثلاثين جزئا من القرآن،وبشكل عام يتميز بالدقة والإبداع وقد نقل إلي المتحف من مدرسة"خوند بركة" وهي أم السلطان"الأشرف شعبان"التي تم إنشائها سنة 770هجري/1368 ميلادي.
وهناك أيضا صندوق مصحف من الخشب المصفح بالنحاس المكفت بالذهب والفضة"مصر- العصر المملوكي.القرن 10هجري / 16 ميلادي.رقم الحفظ 183 "،ويعد هذا الصندوق من أهم نماذج صناديق المصحف التي وصلتنا.
ويتميز بتقسيمه لقسمين،كل منهما يشمل 15 خانة لوضع أجزاء القرأن الكريم،وللصندوق غطاء له حلقة لإحكام غلقه ،كما نقشت عليه أيات قرأنية وزخارف نباتية متنوعة قوامها رسوم وريدات وأغصان متموجة وعناقيد وأوراق عنب وأزهار اللوتس،
ونقل هذا الصندوق إلي المتحف من مدرسة السلطان قنصوة الغوري التي تم إنشائها سنة 909هجري/1503 ميلادي
وربما يكمن سر جمال الصندوقين في انتمائهما للحقبة المملوكية،حيث خلف لنا المماليك مجموعة ضخمة من المنشأت المتنوعة مثل المساجد والمدارس والأضرحة والأسبلة والكتاتيب والبيمارستانات وغيرها،بجانب العديد من التحف الفنية التي كانت تزين هذه المنشأت ،ويمكن القول أن هذا العصر هو العصر الذهبي للعمارة والفنون الإسلامية في مصر.