وزير الأوقاف:
• كل قطرة من دماء الشهداء تزلزل الأرض تحت أقدام الإرهابيين
• الإسلام فتح لنا باب الأمل واسعًا في كل جوانب حياتنا
• الله تعالى فتح باب التوبة إلى آخر لحظة في حياة الإنسان
• اليأس والقنوط من الكبائر والأمل حُسن ظن بالله تعالى
• الشهادة في سبيل الله نعمة وأمل تمناه أصحاب رسول الله
• دماء الشهداء لا تذهب هدرًا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة
• الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا ليقبل توبتك يوميًا
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم بعنوان: «الأمل»، بحضور اللواء أحمد عتمان مساعد وزير الداخلية والقائم بأعمال المحافظة، والدكتور أيمن مختار السكرتير العام لمحافظة المنوفية، والشيخ أحمد عبد المؤمن وكيل وزارة الأوقاف، واللواء أسامة سعودى نائب مدير الأمن، والدكتور حسن سليمان رئيس إذاعة القرأن الكريم، بمسجد الشهيد عفيفي سعيد في شبين الكوم بمحافظة المنوفية.
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم -، أنه أخبرنا بأن الله سبحانه وتعالى يبسط يده بالليل والنهار ليتوب المسيئون، منوهًا بأنه –صلى الله عليه وسلم- قد أرشدنا إلى أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، ليغفر للمستغفرين ويستجيب الدعاء ويقبل التوبة ويعطي السائلين، مستدلًا بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
واستشهد بما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ، أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟، هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يَغْفِرُ لَهُ؟، حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ».
وأوضح «مختار» أن الإسلام فتح لنا باب الأمل واسعًا في كل جوانب حياتنا وفي كل ما يشغلنا من أمر ديننا ودنيانا، فلما سُئل أحد العلماء «أي آية في كتاب الله تعالى أرجى؟»، أي تبعث الأمل والرجاء والطمأنينة في قلوب عباد الله جل وعلا ، فذكر قوله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» الآية 53 من سورة الزمر.
وأضاف أن الخطاب في الآية الكريمة ليس موجهًا للمؤمنين الخالصين، الزاهدين الموحدين، وإنما هو للعُصاة والذين أسرفوا في معصية الله تعالى، فالله تعالى بشرهم بسعة رحمته جل وعلا.
وأكد أن الله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة إلى آخر نفس وآخر لحظة للإنسان في الدنيا، محذرًا من مقولة شائعة على لسان الناس، وهي: «فلان لن يدخل الجنة»، لذا ينبغي ألا يقول الشخص إن فلان لن يدخل الجنة، ولا مجال ل، مدللًا مبما ورد أن الإمام علي بن أبي طالب –رضي الله تعالى عنه- قال: «لا تنزلوا المؤمنين الموحدين الجنة، ولا العُصاة العاصين النار الموحدين، حتى يقضي الله تعالى فيهم بأمره، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، في اللحظة الأخيرة من حياته، يختم الله له بخاتمة الصالحين وينظر إليه بعين الرضا، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
ودلل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ ، وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ ، فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ : أَقْصِرْ ، فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ : أَقْصِرْ ، فَقَالَ : خَلِّنِي وَرَبِّي أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا ، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ : أَكُنْتَ بِي عَالِمًا ، أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا ؟ وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ : اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي ، وَقَالَ لِلْآخَرِ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ».
ونبه إلى أن الأمل الحقيقي هو الذي يعمره الإيمان، والثقة في الله، وأن يكون الأمل الأول والرجاء في الله عز وجل، مشيرًا إلى أنه ذهب أهل العلم إلى أن اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى تُعد من الكبائر، التي تعدل الشرك بالله تعالى، لأن الإسلام يريدنا أن نحيا بالأمل، فلا يأس مع الإيمان إذا كانت ثقة الإنسان في الله تعالى.
واستند لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، واليأس من روح الله، وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ»، منوهًا بأنه ينبغي ألا ييأس الإنسان من رحمة الله تعالى ، إذا ما أصابه مرض أو فقر، أو أي ابتلاء دنيوي، وعليه أن يتذكر أن ابتلاءات الأنبياء كانت مماثلة.
ولفت وزير الأوقاف، إلى أنه إذا ما أصيب الإنسان بالمرض، فعليه ألا ييأس وليتذكر نبي الله تعالى أيوب -عليه السلام-، وإن كان عقيمًا لا يُنجب فليتذكر نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، فيجب ألا ييأس مريض ولا عقيم ولا فقير، منوهًا بأن الأمل حُسن ظن بالله واليأس سؤء ظن بالله تعالى.
واستدل بقوله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».
وشدد على أن كل قطرة تبذل من دماء الشهداء لا تذهب هدرًا لا فى الدنيا ولا فى الآخرة ، بل تزلزل الأرض تحت أقدام الإرهاب والإرهابين وتبث الرعب فى قلوبهم، مضيفًا أن كل قطرة تبذل من دماء الشهداء فهى هرمًا وصخرة ولبنه فى بناء هذا الوطن، وتأتى يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك لقوله تعالى «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» ولقوله تعالى أيضًا «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ».
وأشار الى أن الشهادة نعمة وفضل وأمل لكل إنسان مخلص لدينه ووطنه ومدرك لأمر دينه ودنياه ومحب لأن يكون مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين، قائلًا "تحية لكل شهدائنا الأبرار"، لافتًا إلى أن الشهادة أمل وكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم ) يتمنونها، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه».
وأضاف أن من يموت فى سبيل الله فيكرمه الله بأن يكون فى منزلة الشهداء أى مع النبيين والصديقين فى الفردوس الاعلى وذلك كما قال المولى فى كتابه الكريم { وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا}، واليقين فى هذه المنحة هو إصطفاء وفضل من الله على عباده الذين يصطفيهم للشهادة لقوله تعالى { ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا}، فالله عز وجل هو الذى يصطفي الأنبياء ويختار الشهداء ويصطفيهم ويكرمهم.