الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نظام التعليم الجديد .. محدش فاهم حاجة


وسط الطوارئ التي تشهدها البيوت بسبب دخول موسم الامتحانات ووسط التوتر مع اقتراب شهر رمضان، يظهر لنا فجأة موضوع جديد يزيد التوتر والقلق والرعب، نظام جديد للتعليم حاول الجميع أن يفهم ماهيته دون جدوي ..

 فمنذ 20 عاما ونحن نسمع عن تطوير التعليم ويبدو أن حظ أبنائنا العاثر أن كل وزير يضع نصب عينيه أن يترك بصمة وكل وزير يصر أن تكون بصمته اختراع الذرة ،فمع كل وزارة جديدة نسمع كلمات عن تطوير التعليم ،ومنع الدروس الخصوصية.. 

وهذه الوزارة أضافت لعبة جديدة ،يعتبرها الخبراء التطور الطبيعى للبوكلت الذى تم تطبيقه لمنع الغش فى الثانوية العامة العام الماضى .. والتطور الجديد اسمه التابلت .. وهو ليس بجديد فقد تم طرحه قبل ذلك وفشل .. وهكذا صرنا نكرر ما قتل بحثا ،نلغي 6 ابتدائي .. نعيد 6 ابتدائي، الثانوية العامة عام واحد .. لا بل ثلاثة أعوام ..

لا بل عامين .. وهكذا تمخض الجبل بعد 14 شهرا من الانتظار والمناقشات السرية ودراسة تجارب أوروبا واليابان والدول المتقدمة ،عن نظام أعلن تفاصيله بنفسه الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم أهم بنوده: تدريس جميع المواد باللغة العربية حتى الصف السادس الابتدائي ،ثم تدريس العلوم والرياضيات بالانجليزية ابتداء من الصف الاول الاعدادي ،وأنه لا توجد دولة في العالم تدرس دروسها ومقرراتها التعليمية بلغة غير لغتها ،بالوجاهة الاجتماعية تقتضي أن ندرس بلغتنا الأم أولا.

وأن الطفل في سنوات عمره الاولى لابد وأن يتعامل مع لغته الأم بالقراءة والكتابة لضمان ثبات لغته الاصلية في ذهنه حفاظًا على هويته المصرية.  

ومع كل التقدير والاحترام لخطة معالى الوزير وتأثيرها على تعميق الإحساس والاعتزاز والروح الوطنية عند النشء ،هل يضمن لنا معاليه أن فرص العمل التى ستتاح لخرجى مدارس الحكومة بعد الجامعة هى نفس الفرص التى تتاح لخريجى مدارس الدولى واللغات فى الشركات الاستثمارية والدولية ؟.. وهل المنح التى تقدمها الجامعات الأجنبية للدراسة بها والتى تفتش عن كل أصل وفصل المتقدمين إليها ستتاح لهم أيضا ؟

ومع احترامي لمزايا النظام الجديد الذى أعلنه السيد الوزير بأن الطالب سيدرس "لغة عربية أصيلة + ٢ لغة أجنبية + مهارات القرن الحادي والعشرين " وأن الطلاب سيبدأون دراسة العلوم والرياضيات بالإنجليزية من الصف الأول الإعدادي، بالإضافة إلى تدريس لغة أجنبية ثانية يختارها الطالب وهو مايعنى عمليا إلغاء المدارس التجريبية التى تدرس جميع المواد بالانجليزية ،وكانت هي الملاذ لتعليم أبناء الطبقة المتوسطة باللغات بأقل المصروفات ليكونوا مؤهلين بعد ذلك لسوق العمل وأن هذه المدارس اكتسبت سمعة طيبة أدت إلي وجود قوائم انتظار وسباق للالتحاق بها حتى لو تأخر الطفل عاما أو أثنين ،فهل سيكون النظام الجديد هو بديل كاف لتلك المدارس التي يستند عليها أبناء الطبقة المتوسطة ؟

وإلى أن يتم توضيح هذه المزايا فيما يتعلق بفرص العمل والدراسة الجامعية وحق الطبقة المتوسطة فى دراسة اللغات ،فإننى أطالب "بدقيقة وضوح لله " مع الاعتذار للشاعر الكبير بيرم التونسي ،لأن محدش فاهم حاجة .. واعتبر القرار ظلما للشريحة الكبرى من المجتمع ،وأرى أنه لا تعارض بين الهوية المصرية وتعليم اللغة الأم وبين تعليم لغة عالمية على الأقل هي كلمة المرور لسوق العمل فى المنطقة والعالم ،فالهوية لاتعني التراجع ولا التخلف ولا البعد عن لغات العلوم والتقدم الدولية.

ودليلى أن الدول التي كانت تعمل تحت شعار الحفاظ علي الهوية القومية إلى درجة التعصب وترفض تعلم لغات أخرى أو التخاطب الرسمى بها مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا انفتحوا على تعليم أبنائهم اللغات الأخرى ويبقى فى النهاية أن التقدم والحضارة هى التي تفرض لغتها وعندما كانت الحضارة العربية فى أوج تقدمها في الآداب والهندسة والطب والفلك .. كان العالم كله يسعى للغة العربية باعتبارها لغة العلم والتقدم!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط