الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكومة الزير


يقال إن حاكما لبلد ما فى عصر من عصور التاريخ ذهب ليتفقد أمور رعيته واستوقفه اهل قرية يشربون من النهر فغضب وأمر بإحضار زير يشرب منه أهل هذه القرية التى وصفها بالمسكينة ، وفرح أهل القرية وهللوا وشكروا حاكمهم الذى أسند الأمر لوزيره الرشيد الذى كلف غيره لإتمام هذه المهمة التى قال انها ليست بالسهلة.

فلابد من تعيين لجنة تنتقى الزير وتحدد مواصفاته وحجمه ولجنة اخرى لوضع الزير واختيار المكان المناسب له وبالطبع لابد من تعيين حرسا يقومون بحراسة الزير حتى لايسرق او يكسر وبما أن هذا الأمر بحاجة إلى الطمأنة على صحة الشاربين والظمآى فلابد من اختيار نخبة طبية تحلل وتنقى وتضع مواصفات للمياه التى يجب ان يملأ منها هذا الزير.

والأمر بالطبع لن يقتصر على هذه اللجان بل يجب أن تعين فوق ذلك لجان تتابع وتقنن عمل هذه اللجان حتى يتم العمل على أكمل وجه وكما ينبغى أن يكون.

وبعد أن تم حصر كل هذا وتعيين كافة اللجان ومن فوق هذه اللجان ، جاء من يحملون الى الحاكم تكلفة هذا المشروع ووقت تنفيذه والاجراءات التى تستبقه وحينما نظر الحاكم الى التكلفة والوقت أسقط فى يده ونظر إلى وزيره الذى اشار عليه بأن يتم فرض ما يشبه الضريبة فى وقتنا الحالى على كل مواطن من اهل هذه القرية مقابل شرب المياه من الزير بدلا من النهر.

وأعجبت الفكرة الحاكم وأقرها وبدأ معاونيه فى تنفيذها وطالبوا اهل القرية بدفعها عن يد وهم صاغرون ، ونادى منادى على اهل القرية بأنه بدءا من الغد كل بيت مطالب بدفع مبلغ مقابل حصوله على المياه من الزير بدلا من الشرب من النهر وتحدث المنادى وأثنى على الحاكم وطيبته وحرصه على اسعاد ابناء وطنه وتوفير كل سبل الراحة لهم وعندما تساءل بعض من اهل القرية عن الزير كان الرد بأن المشروع سينفذ عندما تتوفر له السيولة التى بالطبع سيسهم مايأمركم به الحاكم من مدفوعات فى اتمامه على اكمل وجه وبأقصى سرعة .

ولم تستطع القرية المنكوبة أن تعصى أمر الحاكم ودفعت ماطلب منها وجاء أولى الأمر واختاروا بعد دراسة وبحث وفرز المكان الأمثل لوضع الزير وبالطبع استغرق وقتا واتبعته اللجنة المكلفة بحراسة الزير وتلاها اللجان الاخرى.

وفى النهاية وضع الزير وملىء وتناوبت الحراسات المكلفة وظهرت مشكلة ان هذه اللجان بما انها ستستقر فى القرية ولان طبيعة عملها تناوبية فلذا عليها الاقامة فى البلدة وهنا ظهرت مشكلة توفير اماكن لاقامة هذه اللحان وحينها تفتق ذهن الوزير على بناء مايقال عنه استراحة ليقيم فيها عمال دولة الزير كما اسماها اهل هذه القرية بينهم وبين انفسهم خوفا من أن يبطش بهم .

وأشار الوزير على الحاكم بان يأمر بجباية اموال من أهل القرية لإقامة مبان للجان المعنية بالزير وحينها قال الحاكم للوزير أن هذا الأمر سيقابل بالامتعاض وربما بالتمرد والأصح ان نأمر اهل القرية بان يبنوا هم هذه المبانى بمجهودهم الخاص وبتبرعاتهم لكى نوفر عليهم ماسيدفعونه فى شكل ضريبة وبالفعل نال قرار الحاكم رضا اهل القرية وبنوا أماكن إاقامة لجان الزير وهكذا اصبح أهل القرية مكلفون بدفع ضرائب مقابل حصولهم على مياه من الزير إضافة إلى إرضاء لجان الزير حتى لايغضبوا عليهم ويمنعوا عنهم النعيم المنزل من مياه الزير.

والى يومنا هذا لازال الزير موجودا ولجانه تعيش وتهنأ ولازالوا أهل القرية مكلفين بالعمل على ارضاء وطاعة كل من كان له يد فى إقامة الزير. مع العلم أن مياه النهر تحوط بهم من كل ناحية ولم يكونوا بحاجة إلى زير.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط