ست الملك.. حكمت مصر من خلف الستار وخططت لقتل الحاكم بأمر الله

يمتلئ التاريخ المصري بالعديد من الحكايات التي تناقلها المؤرخون عبر مئات السنين، تحمل تفاصيل مسيرة ونوادر غريبة أيضًا، في فترات زمنية مختلفة ومتباعدة.
من بين الحكايات التي ظلت تردد لسنوات طويلة خاصة في عهد الفاطميين وما بعده هي حكاية «ست الملك» وهي أميرة فاطمية الشقيقة الكبرى للحاكم بأمر الله وابنة الخليفة العزيز بالله الفاطمي، عرفت بقوتها وكانت صاحبة القرار في مصر لسنوات طويلة، وكان لها قرار لدى أبيها وأخيها.
"ست الملك" هي ابنة السيدة العزيزية المسيحية الديانة على مذهب القسطنطينية ( الروم الارثوذكس)، وكان لها شأن عند الخليفة فعين أخيها مطرانا على القدس، ولدت بالمغرب ووفدت مع أبيها العزيز بالله إلى مصر في ركب جدها المعز لدين الله الفاطمي أواخر 362 هجرية فتربت في القصر الفاطمي بقلب القاهرة.
عرف عنها الرزانة والحزم الشديد والتحفظ واهتمت بجلائل الأمور فنالت ثقة أبيها وكان يستشيرها في أمور الدولة، فلما مات والدها الخليفة العزيز بالله وتولى الحكم أخوها الحاكم بأمر الله والذي كان طفلا يخضع لسيطرة الوزير برجوان، وفقًا لكتاب «المختار في نوادر الأخبار».
ويروي الكتاب: «تدخلت ست الملك بالنصح والإرشاد و الزجر لأخيها لكن دون جدوى . بدأ الخليفة يضيق الخناق على أخته ويحاصرها حتى اعتزلت في قصرها لكنها كانت تتابع كل الأمور بالرغم من عزلتها و تتدخل عن بعد، اتهمها أخوها كذبا وبهتانا بالعشق والفجور وأنها ليست امرأة جيدة ليقلل من شأنها في المجالس العامة والحق أنها كانت أبعد ما يكون عن أي تصرف مشين أو غير أخلاقي إلى أن جاءت إحدى الليالي خرج فيها الحاكم بأمر الله يطوف حول جبل المقطم بفرسه، لكنه لم يعد».
ويتابع الكتاب: «قيل إن الحاكم بأمر الله اغتيل بناء على أوامر «ست الملك»، وأصبح الخليفة يهدد حياتها بالخطر، وطبقًا لرواية أخرى، فإنه قد قُتل وأخفيت جثته بعناية، حيث يتمكّن قادة الدروز من استغلال اختفاء الخليفة الغامض في سبيل أهدافهم الدينية، قامت ست الملك بدور هام في ضمان الولاية الهادئة لابن الحاكم الوحيد، أبى الحسن علي، للعرش الفاطمي باللقب الخلافي الظاهر لإعزاز دين الله، وذلك في الفترة التى أعقبت اختفاء الحاكم مباشرةً، وبعد 3 ليال من غياب الحاكم، خرج جند الخليفة وجموع المصريين يبحثون عن الحاكم لكي يجدوه، ولكن لم يجدوا له أثرا فعادوا إليها يسألوها، فقالت لهم إنه سيعود بعد 6 أيام».
ويضيف «وفي اليوم السابع خرج عليهم من القصر، ولده الصغير الظاهر لإعزاز دين الله في كامل ثياب الملك، فبايعه الشعب والجند وهو لم يكمل بعد عامه الـ17، واستطاع الخليفة الصغير بوحي من عمته ست الملك إصلاح الكثير من الأمور التي أفسدها والده وظلّ الأمر هكذا، حتى توفيت ست الملك».
وتركت وراءها ثروة ضخمة، منها كما ذُكر، «800 جارية، 8 من جرار ملىء بالمسك، وكثير من الأحجار الكريمة، من بينها قطعة من الياقوت تزِن ثمانية مثاقيل، وكانت مخصصاتها في العام 50 ألف دينار في السنة»، وفقًا لكتاب «المرأة في العصور العباسية»، للكاتب دكتور، عطية الغول.