الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر تصنع المرسيدس.. والبقية تأتي


كل من زار ألمانيا وخاصة مدينة شتوتجارت أكبر مدن مقاطعة بادن فايتنبرج وأغناها، يعرف معنى وجود شركة مثل مرسيدس بنز في أي بلد، وقد زرت ضاحية مرسيدس في شتوتجارت وشاهدت متحفها ومصانعها العملاقة وشعرت بحزن شديد وأنا أراها تنسحب من السوق المصري .. حالة من الحزن لا يعادلها سوى سعادتي وأنا أرى الشركة تعود مرة أخرى مع استثمارات أكبر وإعلان عن اتفاقيات جديدة، وهي مجرد بداية لتصنيع مرسيدس في مصر وواثقة أن البقية تأتي وأننا سنشهد العديد من المصانع والشركات تعود لمصر التي ستصبح إن شاء الله قبلة للاستثمارات الأجنبية التي ستتسابق لفتح مصانعها والاستثمار في بوابة أفريقيا التي تتوسط العالم وهي ميزة تنافسية لا تتوافر إلا في مصر.  

فعودة شركة مرسيدس بنز للسوق المصرى خبر أسعدني وأسعد المصريين جميعا، فهو لا يعنى مجرد عودة شركة عالمية كبرى فقط، لكنه يعكس النقلة النوعية فى حجم الثقة العالمية باقتصادنا، وما كانت هذه الثقة تتعزز إلا بنجاح الإصلاحات الاقتصادية وأن الإجراءات الصعبة التي عشناها بدأت تؤتي ثمارها، وأننا نجحنا في جذب الاستثمار الأجنبي للسوق المصرية وهي نفس الاستثمارات التي أعلنت انسحابها من أسواقنا بعد 2011 وخرجت نهائيا في 2015 وعندما اطمأنت وشاهدت خطوات اقتصادية ناجحة يدعمها الشعب المصرى بتضحياته وصموده، أعلنت عودتها مرة أخرى، وليست عودة فقط ولكنها عودة قوية مع اتفاقية مع الحكومة لإنشاء مركز كبير في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وإنتاج طرازين من السيارات فى مصر كانا ينتجان في الولايات المتحدة الأمريكية وتصدير جزء من إنتاجها لدول الخليج واستثمارات جديدة بالعاصمة الإدارية التي نفخر جميعا بها وبأنها ستكون واحدة من أكبر وأجمل مدن العالم الذكية.

وأعتقد أن اهتمام الرئيس شخصيا بعودة مرسيدس للسوق المصرى وتقديم الدعم الكامل للشركة، كان عاملا حاسما لتتخذ الشركة العملاقة قرارها وهو بلا شك نجاح كبير لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي الاقتصادية، والذي التقى قيادات الشركة بنفسه لحل أى عوائق تواجههم، وهو ما يؤكده بيان الشركة الذي أعلنت فيه "أنها تخطط لبناء مصنع لتجميع السيارات بالتعاون مع الحكومة المصرية، بعد مباحثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي من جهة، وماركوس شيفر عضو مجلس إدارة الشركة من جهة أخرى، وإن مصر تتمتع بموقع تنافسي جذاب للإنتاج والدعم اللوجستي".. وأضاف: "نحن واثقون من أنه مع إنشاء مصنع التجميع المحلي المخطط له في مصر، سيمكننا تعزيز وضعنا في السوق، ومع استثماراتنا الإنتاجية الضخمة، ومبادراتنا الكهربائية، وخبرتنا في مجال المركبات الحديثة، فإننا مستعدون لدعم الحكومة المصرية في مشروعاتها لتطوير النقل والمواصلات".

وركزت الشركة في بيانها على ثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي وقوله: "نرحب بقرار شركة مرسيدس بنز لاستئناف تصنيع وتجميع السيارات في مصر، وهو ما يعكس تحسن بيئة الاستثمار وأداء الأعمال في القاهرة، في ضوء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، وانفتاح مصر على التعاون مع واحدة من كبرى الشركات العالمية وهى الشركة الألمانية لتطوير صناعة السيارات بمختلف مراحلها".

أما ما لفت نظري ـ وهو الجميل في الأمر ـ فهو أن شركة دايملر، التى تعد مرسيدس أحد فروعها، عرضت خبرتها فى تطبيق مفاهيم النقل الحديثة والنقل الكهربائى والسيارات الكهربائية والقيادة الذاتية، ليتم تطبيقها بالعاصمة الجديدة، وجميع المدن الذكية الجديدة المخطط لها، وإنشاء مستودع مركزي لمرسيدس لقطع الغيار والعديد من متاجر التجزئة والورش المعتمدة فى القاهرة والجيزة والإسكندرية والغردقة، وبذلك توفر مرسيدس بنز للمصريين أكثر من 1000 وظيفة مباشرة ووظائف غير مباشرة يستفيد منها الآلاف من الخبراء والمهندسون والفنيون من المصريين.

أعتقد أن قرار "مرسيدس" سيكون له انعكاسات إيجابية على مناخ الاستثمار في مصر وعلى تصنيفنا الائتماني مما سيشجع الشركات الأخرى العالمية على الاستثمار في السوق المصري لما يمثله قرار عملاق صناعة السيارات في العالم بالعودة إلى مصر، من رسالة إيجابية لمجتمع المال والأعمال في العالم كله.

علاوة على أن السوق المصرية تعتبر حاليًا إحدى أكبر الأسواق فى الشرق الأوسط وأفريقيا، بسبب موقعها الاستراتيجى المتميز، واتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول الأوروبية والعربية والأفريقية، مما يؤدي إلى سهولة تصدير منتجات الشركة إلى مختلف الأسواق، وبالتالى فإن عودة "مرسيدس بنز" سيعقبها عودة المزيد من الشركات والاستثمارات لمصر خلال الفترة المقبلة، وهذا مؤشر إيجابى على ما وصل إليه الاقتصاد والاستثمار المصرى، والبيئة الاستثمارية والمناخ التشريعى والتطور في استخراج التصاريح وتيسير الإجراءات وتسريع الخطوات والشروط ، وتحسن الشق الأمنى بالإضافة لكل جهود الدولة على رأسها القيادة السياسية التي أصبحت عوامل جذب لكل المستثمرين على مستوى العالم.

مبروك للسوق المصرية عودة مرسيدس الشركة العملاقة، فهي ليست مجرد عودة لإنتاج سيارة فقط، لكنها تمهيد للمزيد من التدفقات الاستثمارية في المستقبل فى مجالات الصناعات التى تتكامل معها والصناعات البسيطة الميسرة للحياة، خاصة أن بيان الشركة الألمانية تحدث عن الآفاق التى تفتحها العاصمة الإدارية الجديدة أمام كل الصناعات وكل الشرائح ، ودعم مرسيدس لمصر في مجالات التنقل الحديثة والطاقة المتجددة بما فيها السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة بما يعني تأهيل الجيل الجديد فى مصر لدخول العصر القادم، وهو عصر جديد في نظم الحياة ومستويات المعيشة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط