الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوهام في خريف العمر


( إذا كان عدوك نملة فلا تنم له، وقد تقتل النملة الثعبان والأسد)

كنت أحسب فيما مضى من عمري، أن التقدم والتفوق والنجاح في العمل والحياة مبني على الخبرات والتسلح بالعلم والشهادات التي من شأنها أن تجعل أصحابها في المقدمة؛ لتفانيهم وتطلعهم إلى الإبداع وتطوير ذواتهم، غير أنني- ومع مرور السنين- وتقدم العمر أيقنت أن العمل يحتاج إلى خبرات أخرى من نوع خاص، ومن عجز عن إدراكها والتمرس بها لن يجد لنفسه مكانًا إلا في ذيل الأعمال، وحتى حياته كلها ستصبح سلسلة من الفشل المتكرر، 

لستُ هنا لأرهبك وأجعلك تجبن بل أكتب لأسلحك بنوع من الخبرات التي لو كنتُ أدركتها فيما مضى فلربما تغيرت حياتي، ولستُ حزينًا أو نادمًا على ما مر بي من أزمات أو ما عاصرته من سقطات بل أنني أحمد الله على أنني لم أتمرس بهذه الألوان القبيحة ، شاكرًا لله على ما حباني من نعم ونقاء لروحي وسجية حفظني الله بها نقيًا بفضله.

أما عن هذه الخبرات التي أحدثك عنها، والتي سوف تطالعك في ساحة العمل بل والحياة منذ الوهلة الأولى فهى نماذج من البشر عليك أن تحذرهم قدر طاقتك فهم أعداؤك في الحياة ، وفي مؤسسات العمل أيًا كان المجال الذي تعمل به، وإذا تغافلت عنهم لحظة فلن تشفع لك خبراتك، ولن تسعك الحياة رغم رحابتها.

دعني أحدثك عن أنجح المؤسسات في المجتمع تلك هي المؤسسات التي تضع قوانين صارمة في التعامل مع موظفيها بحيث يلتصقون بها إلتصاقًا لا فكاك منه، عكس النوايا الطيبة لدى هذه المؤسسات والتي تعلنها للعامة، فهم يسيؤون إلى عمالهم بلا رحمة، وهذا ما يطلق عليه ( الجانب المظلم في رأس المال )، وليس هذا فحسب فقد تستطيع التأقلم مع قوانينهم دون مشاكل إذا لم تصادفك هذه النماذج من أفاعي البشر.

فيما مضى كنت أعجب عندما أشاهد بعض العلماء وأساتذة الجامعات يتشاجرون أو يتنافسون رغم أنهم حراس العلم والفضيلة! وتجد بعض الممرضات يتشاجرن وهن ملائكة الرحمة ! وتجد ذلك بين أصحاب الأعمال الواحدة حتى يكاد يصدق في الجميع المثل القائل : ( عدوك ابن كارك أي: مهنتك ) ، ومع مرور السنين تكشفت لي الحقائق وتلاشى عني العجب عندما أدركت أكثر الأسباب التي تكمن في العقلية والنفسية أو قل طبيعة تفكير العقلية العربية أو الشرقية الكامنة في هذه النماذج المعيبة والتي تغاير دون شك طبيعة التفكير الغربية.

وإذا كنت أكتب لك الآن؛ لأكشف لك عن صفات هؤلاء الأشخاص الذين يعرقلون حياتك فإنني لا أدعوك إلى تجنبهم فلن تستطيع إلى ذلك سبيلا ، فهم أشبه بالعنكبوت التي نسجت شباكها حول فريستها من كل جانب، وهم كالحشائش الضارة التي طالما ننقي الأرض منها فإذا بها تعود من جديد؛ لتنمو كأقبح مما كانت عليه، غير أني أطلب منك أن تغير طريقتك في التعامل معهم مادمت مجبرًا على التعامل معهم، فتأمل كيف كنت تتعامل معهم؟ فلربما كنتَ تعاملهم وفق دينك أيًا كان فكل الأديان تدفعك إلى التسامح فتجدهم يزيدون في الإساءة إليك لما لمسوه فيك من لين العريكة ، وربما تعاملهم بعاطفتك فتجدهم يقدمون عليك من لايستحق فيرفعونه ويخفضون قدرك فتصبح في أيديهم لينًا يسهل تشكيلك ومراضاتك، وربما عاملتهم بالصداقة فيعلمونك الحيل التي تفسد نفسك فتسقط فريسة لفساد الأخلاق والذمم ، وإذا ما تعاملت معهم بعنف صرت كالأحمق الذي يخرج عن طوره فيصبح في نظر الجميع غريب الأطوار كأنه مجنون وتتشوه صورتك وتفكيرك في نظر الجميع ، وأنت إذا فررت منهم واختبأت عنهم صرت مرزولًا منطويًا في نظر الجميع وانتهى الأمر بك إلى الوحدة المقيتة، وإذا تجمدت وتحملت صرت كالمسموم الذي ينازع آلام الموت ليلًا ونهارًا حتى يفارق الحياة كمدًا بأفعالهم ...... فماذا أنت فاعل معهم؟! ومن هؤلاء؟! وما صفاتهم ؟!

هذا ما سوف أحدثك عنه في المقالات القادمة- إن شاء الله- فانتظرني لعلي آتيك بالنافع.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط