في 26 فبراير 1946 وفي مدينة دمنهور تحديدًا، وُلد العالم المصري أحمد زويل، الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء، في سن الرابعة من عمره انتقل مع أسرته للعيش في مدينة دسوق " بلدة والدته " لينشأ ويتلقى تعليمه الأساسي فيها حتى أتم الشهادة الثانوية والتحق بكلية العلوم جامعة الإسكندرية.
حصل زويل على بكالوريوس العلوم بتفوق، وعمل معيدًا بالكلية، ثم حصل على درجة الماجستير، وسافر إلي الولايات المتحدة في منحة دراسية حصل خلالها على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر، انضم زويل لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 1976، وهي من أكبر الجامعات العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتدرج في المناصب العلمية داخل جامعة كالتك إلي أن وصل لأعلي منصب علمي جامعي في الولايات المتحدة الأمريكية.
في أكتوبر 1999 فاز العالم أحمد زويل بجائزة نوبل في الكيمياء عن اختراعه لكاميرا لتحليل الطيف تعمل بسرعة الفيمتو ثانية، ودراسته للتفاعلات الكيميائية باستخدامها، ليصبح بذلك أول مصري وعربي يفوز بتلك الجائزة.
وليُدخل العالم كله في زمن جديد لم تكن البشرية تعرفه من قبل، إذ تمكن من اختراع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فيمتو ثانية، وهو ما يسمح برؤية ومراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع، حيث أدت أبحاثه إلي ميلاد ما يسمي بكيمياء الفيمتو ثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية بسرعة الفيمتو ثانية.
حصل زويل على 31 جائزة دولية عن أبحاثه وإسهاماته العلمية، من بينها جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم، وجائزة ماكس بلانك في ألمانيا، كما كرمه وطنه مصر بمنحه قلادة النيل العظمى وهى أعلى وسام مصري.
ودُون اسمه في قائمة الشرف الأمريكية التي تضم أكثر الشخصيات اسهامًا في نهضة الولايات المتحدة الأمريكية، كما اُختير عام 2009 ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا.
وسط كل هذا ظل زويل متمسكا بحلمه لوطنه مصر، فبعد حصوله على نوبل أسس جامعة على مستوى عالمي بمدينة 6 أكتوبر وتم افتتاحها في 2011 لتكون مشروعه القومي للعلوم والتكنولوجيا، وظل زويل عاكفا في محراب علمه حتى رحل عنا في 2 أغسطس 2016 عن عمر ناهز سبعين عاما، بعد معاناة مع مرض السرطان لتودعه مصر بجنازة عسكرية مهيبة ويوارى الثرى في 7 أغسطس 2016.
بطريقة خاصة قررت محافظة كفر الشيخ الاحتفال بذكرى مولد أحمد زويل هذا العام الذي وافق 26 فبراير، من خلال عرض مسرحية شعرية تحكي ولأول مرة سيرته الذاتية وأهم المراحل في حياته، ومن المقرر أن يتم عرضها في 7 مارس الحالي على مسرح قصر ثقافة " دسوق" المدينة التي عاش بها زويل مع أسرته أكثر من 15 عاما.
وهنا دعونا نتوقف لنقدم التحية للواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، صاحب هذه الفكرة والمبادرة، الذي أخذ على عاتقه وضع الخطوط العريضة للنص وحرص على التواصل مع الأديبة نانا زويل، الشقيقة الصغرى للعالم الراحل، وطلب منها الإشراف على النص وتدقيقه تاريخيا حرصا منه على تاريخ هذا الرمز المصري العظيم، بل واختار فريق من الشباب ذوي القدرات الخاصة للقيام بالعرض تكريما لهم.
وإدراكا منه أن وعي الشباب يُبنى بالعلم والثقافة معا، وأن هذا الجيل لن يستطيع مواجهة تيارات الغزو الفكري المتلاحقة إلا بوعي حقيقي يُعيد بناء ذاكرته السياسية، والاجتماعية واستعادة الثقة في رموز وطنه في شتى المجالات، الشيء الذي حفز الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، أيضا لتعلن أنها ستحضر هذا العرض المسرحي، امتنانا للفكرة والقائمين عليها.
فالمسرحية ليست تكريما لاسم أحمد زويل واحتفاءً بذكرى مولده فحسب، بل هي شرارة لثورة ثقافية تصحيحية نرجو أن تعم شتى أقاليم مصر فنرى كل محافظة تحتفي بعلمائها وأعلامها لتمتد حضارة يحاول البعض طمسها وتشويهها، وثقافة يسعى الكثيرون لتجريفها.