قال الدكتور محمد داود، المفكر الإسلامي والأستاذ بجامعة قناة السويس،إن القرآن الكريم دعا إلى إطلاق العقول من أسرها ودفعها للتأمل في ملكوت السماوات والأرض واستعمالها في مختلف شؤون الحياة، كما قال تعالى: «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (العنكبوت: 20).
وأوضح «داود» في تصريح له،أن القرآن الكريم اشتمل على 1260 سؤالًا للعقل البشري فهو يخاطب العقل ولا يخشى النقد، لافتًا إلى أن جميع الآيات القرآنية لا تصادم الحقائق العقلية أو العلمية، منوهًابأن القرآن الكريم اعتمد في حواره على الدليل العقلي والعلمي في العديد من الآيات، كما في قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ» (سورة الحج: 73).
وواصل: إن المتدبر للعبادات التى افترضها الله تعالى على عباده المسلمين تظهر له حقيقة إيمانية، هى أن العبادات وإن اختلفت صورها: «كالشهادتين، والصلاة، والصيام، والزكاة، والحج» كلها تلتقى عند مقصد إيمانى واحد، مضيفًا:أن هذا المقصد الإيماني هو بناء الإنسان بناءً إيمانيًا، يكون به موصولا بالله تعالى، ويكون موضع رضا الله عزَّ وجلَّ، مشيرًا إلى أنه لكل عبادة دورٌ مؤثر فى تحقيق هذا البناء الإيمانى للإنسان.
وأضاف: فنجد الشهادتين تبنيان العقيدة وتربيان الإخلاص لله تعالى ليخرج الإنسان عن حظوظ نفسه والركون إلى الخلق إلى الاعتماد على الخالق والتوكل عليه، وتأتى الصلاة لتصل العبد بربه وتحقق له الطمأنينة وتنهاه عن الفحشاء والمنكر، فقال الله تعالى: «وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ» الآية 45 العنكبوت.
وتابع: وتأتى الزكاة لتخلص العبد من البخل والشح وتعلمه الجود والعطاء ابتغاء مرضات الله تعالى وتزكية لنفسه وماله، فقال تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » الآية 103 من سورة التوبة، ويأتى الحج ليخلص الإنسان من الأوزار والخطايا ليرجع الإنسان كيوم ولدته أمه، ولتحقيق التزكية الربانية للإنسان بمكارم الأخلاق.
واستشهد بما قال الله تعالى: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ» (الآية 197 من سورة البقرة)، ويأتى دور عبادة الصوم ليحقق تربية إيمانية للنفوس على أرقى درجات السلوك الإسلامى الذى يصل بالإنسان إلى قمة إيمانية يبينها الله فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (سورة البقرة:183).