تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة ماجدة الخطيب، التي ولدت 2 أكتوبر عام 1943، لتبدأ حياتها الفنية عام 1960 بالمشاركة في أكثر من 55 عملا فنيا، كان أكثرها حماسا ومعاناة هو "زائر الفجر"، الفيلم الوحيد التي أنتجته وكلفها الكثير من الحروب -التي رصدها كتاب "سلطة السينما.. سلطة الرقابة" للكاتبة أمل عريان- حتى خرج إلى النور.
"زائر الفجر" لمخرجه ومؤلفه ممدوح شكري الذي حاول من خلاله أن يفند الأسباب التي أدت إلى هزيمة 1967 بوضوح وقسوة خصوصا حالات الاعتقال والسجن والضرب للعديد من العناصر الوطنية المخلصة التي كانت تحاول إلقاء الضوء على عناصر الضعف والسلبيات التي أصابت أجهزة الدولة أو بمعنى آخر فقد كان فيلم زائر الليل ضربة مباشرة لمراكز القوى الموجودة في تلك الفترة.
عرض ممدوح شكري القصة على الفنانة ماجدة الخطيب التي تحمست بدورها في الفيلم، هذا الدور الثوري الجديد، لكنها اشترطت أن يكتب السيناريو كاتب محترف، وبالفعل أسند كتابة السيناريو لرفيق الصبان بالمشاركة مع ممدوح شكري، وبعد الانتهاء منه تقدم به إلى الرقابة على المصنفات الفنية للحصول على الموافقة لتصوير الفيلم.
حدث ما لم يكن متوقعا ووافقت الرقابة على التصوير على اعتقاد أنه لم يعد لمراكز القوى وجود بعد حركة التصحيح، حتى يكون هناك ما يمنع من إظهار سلبياته للجمهور، وبعد أن تم التغلب على مشكلة الرقابة ظهرت مشكلة آخرى وهي مشكلة الانتاج، فقد رفضت مؤسسة السينما انتاج الفيلم، حيث قامت ماجدة الخطيب بعمل العديد من الاتصالات في محاولة لإيجاد منتج متحمس للفيلم لكن محاولاتها باءت بالفشل لأنهم كانوا على يقين بأن الفيلم سيمنع من العرض بما يحمله من تعرية لهؤلاء المسئولين.
لم تيأس ماجدة فقررت انتاج الفيلم بنفسها لتكون المرة الأولى التي تخوض فيها تجربة الانتاج وقامت ببيع مصاغها وسجاد بيتها لتوفير تكاليف الانتاج ليبدأ التصوير في أوائل يونيو عام 1972.
تبدأ الأحداث بمصرع الصحفية "نادية الشريف" في منزلها وفي وجهها آثار جروح ويصر وكيل النيابة على استكمال التحقيق برغم أن تقرير الطب الشرعي أثبت أنها ماتت بسبب هبوط في القلب.
تدور أحداث الفيلم في غضون 5 أيام فقط، حيث تبدأ في 5 يونيو 1970 وتنتهي بالحفظ في 10 يونيو من نفس العام، يحاول المحقق خلالها أن يصل إلى ما وراء الجريمة بطريقة "الفلاش باك" للتعرف على حياة القتيلة وسلوكها وعلاقتها المتشابكة مع الآخرين، ليجدها احدى الشخصيات المناضلة التي تنتمي إلى جماعة ثورية، التي تحاول أن تغير أوضاع المجتمع المتردية كما أنها تحاول من خلال عملها الصحفي نقد كل الأوضاع فتتعرض لملاحقة زوار الفجر ورجال السلطة في كل مكان.
يواصل وكيل النيابة التحقيق مع جيرانها ورئيسها في العمل حتى يكتشف جرائم "نانا" التي تدير منزلا للدعارة في نفس الوقت التي تحتمي ببعض الأفراد من مراكز القوى، ليتم الإفراج عنها رغم إدانتها، إلى أن ينتهي المحقق إلى الحقيقة وأنها لم تقتل بيد أحد بل أنها لقيت مصرعها -عند وصول زوار الفجر للقبض عليها-نتيجة للخوف والرعب اللذين داهماها فجأة.
اشترك في بطولة الفيلم بجانب ماجدة الخطيب كل من عزت العلايلي، شكري سرحان، يوسف شعبان، تحية كاريوكا، زيزي مصطفى، مديحة كامل، وبعد الانتهاء من تصوير الفيلم تقدمت ماجدة الخطيب في خريف 1972 إلى الرقابة للحصول على الموافقة على عرضه، وكانت المفاجأة هي الرفض التام بل ومنع الفيلم من العرض في الداخل والخارج لأنه يكشف عن سوء الجبهة الداخلية.
حاول ممدوح شكري وماجدة الخطيب كثيرا لدى مسئولي الرقابة إلا أن محاولاتهما باءت بالفشل حتى مات شكري من الحسرة في أحد المستشفيات الفقيرة عن عمر يناهز 34 عاما، لتكمل ماجدة بعده النضال وساعدها الكثير من النقاد والصحفيين والمسئولين والفنانين حتى تم الإفراج عن الفيلم أخيرا في أوائل عام 1975 بعد أن تدخل بعض المسئولين في وزارة الثقافة لتقريب وجهات النظر بين الرقابة والمنتجة، حيث تم الاتفاق على على حذف عدد من المشاهد (10 تقريبا).
خرج الفيلم إلى النور أخيرا بعد رحلة من المعاناة وفي يوم 3 مارس 1975 عُرض الفيلم لمدة 7 أسابيع محققا إيرادا قدره 18 ألف جنيه من العرض الأول فقط.