بمناسبة تساقط الأمطار فى البلاد - ينبغى أن نتذكر قصة من ضمن الملايين من القصص والمواقف العظيمة التى كان لها أثر قوى على البشر لنبى الله سيدنا موسى عليه السلام وهى قصة عاصى بن أبى إسرائيل الذى حبس المطر عن قومه بسبب معصيته 40 عاما.
وقبل تناولها ينبغى أن نعرف من هو سيدنا موسى بن عمران، فهو نبي الله وكليمه وأحد أولي العزم من الرسل، كما أنه من الأنبياء المقربين من الله سبحانه وتعالى، ومن أبرز الميزات والمعجزات أنه شق الله له البحر ونجا هو وقومه وأغرق فرعون وكان من الأنبياء الذي حظوا بشرف مقابلة الرسول الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج بل أنه كان من الأنبياء الذين إذا دعوا استجاب لهم دعائهم
في عهد سيدنا موسى- عليه السلام- كان هناك رجل من بني إسرائيل عاصيا لله تعالىلمدة أربعين سنةولم يترك الذنوب وقتها انقطع المطر ولم يعد هناك خير وهنا وقف سيدنا موسى وبنو إسرائيل ليصلوا صلاة الاستسقاء ولم ينزل المطر، فسأل موسى الله تعالى، فرد عليهتعالي جاء مباشرا وسريعا بالقول : لن ينزل المطر، فبينكم عبد يعصيني منذ أربعين سنة، فبشؤم معصيته منعتم المطر من السماء.
فرد سيدنا موسى- عليه السلام علي ربه سبحانه وتعالي متسائلا : "وماذا نفعل؟" فرد عليه ربه "أخرجوه من بينكم فإن خرج من بينكم نزل المطر" فدعا موسى- عليه السلام- وقال"يا بني إسرائيل.. بيننا رجل يعصي الله منذ أربعين سنة وبشؤم معصيته منع المطر من السماء ولن ينزل المطر حتى يخرج"
العبد المقصود بالخروج من أرض بني إسرائيل كي يرفع الله نقمته وينزل المطر لم يستجب ولم يخرج، لكنه أحس بنفسه وناجي ربه مستعطفا : "يا رب، أنا اليوم إذا خرجت بين الناس فضحت وان بقيت سنموت من العطش، يا رب ليس أمامي إلا أن أتوب إليك وأستغفرك، فاغفر لي واسترني" فنزل المطر.
نزول المطر رغم دون خروج العبد العاصي أثار اندهاش سيدنا موسي حيث تساءل في حضرة ربه قائلا :"يا رب نزل المطر ولم يخرج أحد" فقال الله: "نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي عصاني أربعين سنة .نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي عصاني أربعين سنة.
سيدنا موسى سعي ليعرف الكثير عن العبد التائب ولكن الله تعالي رد عليه ردا حاسما : "يا موسى يعصيني أربعين سنة واستره، أيوم يتوب إلي أفضحه؟"
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) نوح : 10-12
وهذه القصة لها العديد من العبر والمواعظ وأهمها:-
1- شؤم المعصية يمنع إستجابة الدعاء
2- وجود نبى الله موسى مع قومه لم يشفع فى نزول الماء من السماء أمام معصية رجل واحد مُصِّر عليها منذ 40 سنة
3- ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وتوبة العبد العاصى كانت هى التغيير فى نفسه
4-رحمة العبد العاصى بقومه حتى مع عصيانه حيث خاف من عدم نزول المطر إذا لم يخرج
5- نُحاسب أنفسنا قبل أن نُحاسَب
6-الإستغفار والدعاء عند الشدائد الله رحيم بعباده غفور لذنوبهم ساتر لعيوبهم مُجيب لدعائهم ... إذا دعوه
7- ينبغى أن نغتنم الفرصة عند سقوط المطر وندعوا الله سبحانه وتعالى بكل مانريدة.
ورد فيه أن من أوقات استجابة الدعاء، عند نزول الغيث كما في حديث سهل بن سعد مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر» رواه أبو داود.
والمراد بالدعاء عند النداء؛ أي عند الأذان، أمّا دعاء المطر أي تحت المطر فهو وقت نزول المطر وعند هطوله، فهذا الحديث ممّا يدلّ على أهميّة الدعاء في ذلك الوقت – دعاء مستجاب في المطر -، كما يُستحبّ للمسلم عند نزول المطر أن يُعرّض نفسه له حتى يصيب بدنه بشيءٍ منه.
(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وأرحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)