مرشد الإخوان:الله أوجب على المحكومين مسئولية نصح الحاكم فإذا قصّروا عُوقبوا بالقيادة الظالمة

قال الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن المرحلة المقبلة تحتاج من الجميع أن يأخذوا بالأسباب على طريق النهضة والحرية والتقدم، وتحقيق العدل والمساواة، ونصرة المظلوم، حتى يتحقق وعد الله وتتنزَّل علينا بركاته ويُتِمَّ علينا فضله ومنّه.
وأضاف المرشد خلال رسالته الأسبوعية :"إذا وُجِدَت الأسباب تبعتها النتائج؛ إذ إن حدوثَ التغيير من الله عزَّ وجلَّ مترتب على حدوثه من البشر، والله سبحانه قد أمرنا بالأخذ بالأسباب، ولم يأمرنا بتحقيق النتائج، وهذا كان واضحًا وجليًّا في ثورات الشعوب، فعندما تحرَّك الناس وانتفضوا ضدَّ الظلم والظالمين وكانوا إيجابيين؛ نصرهم الله تعالى، وأيَّدهم بمددٍ من عنده ومن الأسباب التي يجب الأخذ بها إعلاء منظومة القيم الكليَّة من عدل وحرية وإخاء ومساواة والتعاون والتكافل بين الجميع، وإعلاء إرادة الشعوب وحسن توظيف الطاقات، وحسن استغلال الأوقات وعدم التخوين أو الإقصاء، وبناء دولة المؤسسات التي ترعى كل ذلك وتحفظه".
وأكد أن الأمم لا تستطيع أن تُغيِّر واقعها إلا بعد أن تُغيِّر من ذاتها، وتجاري القانون الفطري الإلهي، وأن تاريخ كل أمة إنما هو نتاجٌ لتحدِّي الظروف التي واجهتها، ولقد حقَّق الإنسان حضارته وتقدمه بتغلُّبه على مواقف ذات صعوباتٍ خاصة، فالسنن لا تتأثر بالأماني، وإنما تتأثر بالأعمال العظيمة والجهود المنظَّمة والخطط المحكمة؛ للوصول إلى النتائج المرجوَّة بحسب تأكيد مرشد الإخوان.
وتابع بديع :"لقد ظنَّ البعض أن طغيان الجبابرة وطول مكثهم على كراسي الحكم أصبح أمرًا واقعًا، وعلينا التعايش معه والرضوخ له، ونسي أو تناسى سُنَّة تداول الأيام بين الناس من الشِّدَّة إلى الرَّخاء، ومن الرخاء إلى الشدة، ومن النصر إلى الهزيمة، ومن الهزيمة إلى النصر، فالله لا يَعْجَل لعجلة أحد، وهو الأعلم بأحوال خلقه، ولا أحد أغير على الحق وأهله ولا أرحم بالمستضعفين منه سبحانه وتعالى لكنها السنن، لقد هُزِم المسلمون وبينهم النبي صلى الله عليه وسلم قائد المعركة في أُحُد، عندما تخلَّى بعض الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا عن بعض أسباب النصر فكانت الهزيمة نتيجة عدم الأخذ بالأسباب ومخالفة السنن؛ إنها سُنَّة ربَّانية لا تتغير ولا تتبدل، لذلك كانت دروس الهزائم معالجة للأخطاء، فإذا ما عولجت الأخطاء عادت سنن النصر، وهذا ما حدث بالتحديد في اليوم التالي لغزوة أحد في حمراء الأسد".
وأشار إلي أن التدافع بين الحق والباطل، والظلم والعدل، والخير والشر أمر لابد من وقوعه وأنه يجب علينا الإيمان بهذا والتعامل معه وفق الضوابط الشرعية المحددة لذلك من الدعوة بالتي هي أحسن, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والإصلاح, والنَّصيحة, وقول الحق, والتعاون على البرِّ والتقوى, والنهي عن التعاون على الإثم والعدوان, ونفع الآخرين والإحسان إليهم، فإذا ما تولى أي إنسان مسئولية وجب عليه أن يعلم أن الله حمله أمانة وهو سائله عنها لا محالة أحفظ أم ضيع، مضيفاً:" كما حمل الله أيضا الشعب مسئولية أخرى أن يقوم بواجباته كما يطالب بحقوقه، فالمسئولية مشتركة، وقد أوجب الله على المحكومين مسئولية النصح للحاكم والتناصح فيما بينهما، فإذا قصرت الأمة في واجب النصيحة عوقبت بالقيادة الظالمة وإن قامت الأمة بواجباتها وأحسن استخدام حقوقها أصلح الله الراعي والرعية".
وأكد بديع أن وحدتنا جميعاً مسلمين ومسيحيين، رجالاً ونساءً، شبابًا وشيوخًا، وكل التيارات والانتماءات السياسية على اختلاف توجهاتها ومشاربها سر قوتنا فعلينا جميعًا التوحُّد والتكاتف حول القضايا الكبرى للوطن وآماله وآلامه، والعمل على ازدهاره ونمائه وتقدُّمه، قائلا:"المعركة الحقيقية قبل أن تكون مع الأعداء فهي مع أنفسنا؛ لذا لابد من العمل على إصلاحها وتزكيتها، لأن النفس هى معركتنا الأولى، فمن انتصر على نفسه وامتلك زمامها كان على غيرها أقدر".
وأضاف:" طريق النصر يبدأ بفهم سنن الله التي تحكم الحياة وتسخيرها على الوجه الصحيح، ولذلك أوصانا الأستاذ البنا رحمه الله هذه الوصية الغالية "لا تُصادموا نواميس الكون فإنها غلَّابة، ولكن غالبوها واستخدموها، وحوِّلوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وتَرقَّبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد" فلنحذر من تجاهلها فإنها تسري على كل شيء في هذا الوجود، من غير تمييز، سواء أكان هذا الشيء ماديًّا أم معنويًّا، ونحن البشر خاضعون كغيرنا من خلائق هذا الوجود لسنن الله تعالى، شئنا أم أبينا، وهذه الحقيقة تُحَتِّم علينا مسايرة هذه السُّنن؛ لكي نتمكن من تسخيرها فيما ينفعنا، وإلا فإن مخالفة السُّنن أو معاندتها لا تأتي بخير".