قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية إن النبي صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم بَيَّن أن اللعن من الخصال المذمومة التي لا تعتبر من خصال المؤمن الحق، فقال: «مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ»، وروى عنه أيضًا: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ» وقال: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ».
وأضاف مفتى الجمهورية ردا على سؤال مضمونه: "ما حكم لعن شخص معين؟" أنه إذا كان اللعن لا يتعلق بمُعَيَّن، وإنما كان متعلقًا بنوعٍ ما قد
لعنه الشرع؛ كالكافر أو الفاسق أو الظالم: فهذا جائزٌ؛ كما قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ
عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾، ومع ذلك فإن النبي صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم لما قيل له: ادْعُ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ، قال: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا
بُعِثْتُ رَحْمَةً».
وأوضح أنه إذا كان المُعَيَّن هذا مسلمًا لم يتعلق به لعن من الشرع: فيحرم
لعنه؛ لما رواه البخاري في "الصحيح" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن
رجلًا على عهد النبي صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم كان اسمه عبد الله، وكان
يلقب حمارًا، وكان يُضحِكُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم، وكان
النبي صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم قد جَلَده في الشَّراب، فأُتِيَ به
يومًا فأمر به فجلد، فقال رجلٌ من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟
فقال النبي صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم: «لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللهِ
مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ»، وورد عن النبى أنه قال "وَلَعْنُ المُؤْمِنِ
كَقَتْلِهِ"، لأن القاتل يقطعه عن منافع الدنيا، وهذا يقطعه عن نعيم
الآخرة ورحمة الله تعالى.
وذكر أنه إذا كان المُعًيَّن من أصحاب الكفر أو المعاصي: فلا يجوز لعنه
أيضًا؛ لـأن النبي
صلَّى الله عليه وسلَّم قال يوم أُحد: «اللَّهُمَّ العَنْ أَبَا
سُفْيَانَ، اللَّهُمَّ العَنِ الحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ العَنْ
صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ»، فنزلت: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾، فتاب الله عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم.
ونوه إلى أن العلماء اتفقوا على تحريم اللعن؛
فإنه في اللغة: الإبعاد والطَّرد، وفي الشرع: الإبعاد من رحمة الله تعالى،
فلا يجوز أن يبعد من رحمة الله تعالى من لا يعرف حاله وخاتمة أمره معرفة
قطعية، فلهذا قالوا: لا يجوز لعن أحد بعينه مسلمًا كان أو كافرًا أو دابة،
إلا مَن علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر أو يموت عليه؛ كأبي جهل وإبليس.