الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نقطة اللاعودة | التوتر السوداني الإثيوبي وتداعياته المستقبلية

توتر جديد بين أديس
توتر جديد بين أديس أبابا والخرطوم

في خضم التوتر الإثيوبي السوداني المستمر منذ أشهر، اتهمت أديس أبابا الخرطوم بدعم مقاتلي تيجراي لتخريب سد النهضة، الأمر الذي نفته السودان، مؤكدة أنه "عار تماما عن الصحة".

وقال المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة السودانية، الطاهر أبو هاجة، إنه على النظام الإثيوبي حل مشاكله الداخلية «بعيدا عن السودان».

وأضاف “أبو هاجة”، في البيان المنشور على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة السودانية عبر “فيسبوك”: “لقد تابعنا تصريحات منسوبة للجيش الإثيوبي تتحدث عن دعم القوات المسلحة السودانية لمجموعات مسلحة حاولت تخريب سد النهضة، ونؤكد أن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة”.

علاقات تاريخية جيدة بحكم الجوار الجغرافي

من جهته، قال الإعلامي نبيل نجم الدين، الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية، إنه من المفترض  أن العلاقات الإثيوبية السودانية هي علاقات تاريخية جيدة بحكم الجوار الجغرافي، والتداخل الديمغرافي بين البلدين في منطقة الحدود شرق السودان، وأيضا التقارب في كثير من أوجه الثقافات والعادات والتقاليد إلا أن تلك العلاقات تعصف بها ملفات شائكة جدا من أهمها بالنسبة للسودان ملف منطقة تعرف باسم «الفشقة»، حيث يلتقي شمال غرب منطقة أمهرة الإثيوبية بولاية القضارف في السودان. 

وأضاف نجم الدين، في تصريحات لـ «صدى البلد»: “الجدير بالذكر أن السودان أعلن في بداية العام الجاري نجاح الجيش السوداني في  استرداد جميع المناطق الحدودية والتي كانت تسيطر عليها ميليشيات مدعومة من أديس أبابا، وترى الخرطوم أن أديس أبابا لم تحترم اتفاقية وقعت بين البلدين في عام 1902 تلك الاتفاقية التي تنظم مسألة الحدود بين البلدين، وأن أديس تراوغ في إنهاء ملف الخلافات الحدودية ومنها منطقة الفشقة التي تمكن الجيش السوداني من استعادة أراضيها، وطرد الميليشيات الإثيوبية التي كانت تحتل «الفشقة» لمدة ربع قرن بدعم من نظام أديس أبابا”.
 

العلاقات الإثيوبية السودانية تدخل في نفق مظلم

وأوضح أنه «في خضم تداعيات ملف الحدود بين البلدين، طفا ملف سد النهضة الذي تشيده إثيوبيا بإصرار على عدم التوصل لاتفاق ثلاثي قانوني ملزم مع السودان ومصر يؤمن مصالح الدول الثلاث ويقضي على أية مخاوف ومخاطر وتداعيات سلبية قد تنتج عن هذا المشروع الكبير على شعوب مصر والسودان وأمنها القومي، وهكذا دخلت العلاقات الإثيوبية السودانية في نفق مظلم، وكما هي قوانين الأنفاق، فالظلام والتوجس والشكوك والمؤامرات تجد في ظل هذه الظروف بيئة صالحة ومرتعا لإلحاق الأذى بكل الأطراف التي دلفت إليه».

وأكد نجم الدين «أن الاتهامات الإثيوبية الأخيرة للسودان بالضلوع في العملية العسكرية التي قامت بها ميليشيات جبهة تحرير التيغراي دليل على دخول العلاقات السودانية الإثيوبية في نفق مظلم بالتأكيد لن يؤدي إلى إهدار مصالح الشعبين الإثيوبي والسوداني».

الخرطوم لن تسمح باستغلال أراضيها

ولفت إلى أن «الخرطوم سياسياً وعسكريا أسرعت إلى رفض الادعاءات الإثيوبية، حيث أكد المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني أن الاتهامات الإثيوبية بتخريب السودان لسد النهضة لا أساس لها من الصحة، أما وزارة الخارجية السودانية، فقد أصدرت بيانا يؤكد أن الخرطوم لن تسمح باستغلال أراضيها، كما أن السودان لا نية له لغزو أراضي الغير».

لا أساس لها من الصحة

وتابع: «وزارة الخارجية السودانية تشعر بالأسف إزاء التصريحات المضللة المنسوبة للجيش الإثيوبي، بشأن ادعاء دخول مجموعة مسلحة عبر الحدود السودانية لاستهداف منشأة إثيوبية، والسودان يشجب مثل هذه التصريحات التي لا أساس لها من الصحة، كما أكد بيان الخارجية السودانية التزام الخرطوم التام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى».

وأشار إلى أن «تصريحات مصادر الجيش الإثيوبي التي تتحدث عن دعم القوات المسلحة السودانية لمجموعات مسلحة حاولت تخريب سد النهضة تعد استمرارا لسياسة إطلاق التصريحات غير المسئولة التي تزيد من تعقيد الملفات العالقة بين أديس من جانب وغيرها من دول الجوار».

فماذا وراء اتهام إثيوبيا للسودان بالضلوع في محاولة تخريب سد النهضة؟ 

وأجاب الإعلامي نبيل نجم الدين: “لا يمكن التطرق للإجابة عن هذا السؤال دون استحضار المشهد السياسي في أديس أبابا، فالحكومة الإثيوبية تجد نفسها في أكثر من موقف صعب، فنزيف الاحتراب الطائفي السياسي الجهوي بين الحكومة المركزية وجبهة تحرير التيغراي وصل إلى نقطة اللاعودة إلا بمعجزة كبيرة أو بإعادة ترتيب المشهد السياسي في قمة هرم السلطة في أديس”.

 انتهاكات حقوق الإنسان واللاجئين

وأضاف: «ولعل من أكبر الضغوط التي أنتجتها الحرب بين الحكومة المركزية والتيغراي هو انتهاكات حقوق الإنسان واللاجئين الذين فروا من الرصاص والقتل، وأصبح ملفهم يشغل ويحرك العواصم الكبرى التي تضغط بقوة على الحكومة المركزية في أديس أبابا، والملف الثاني الذي يضغط على الحكومة المركزية في أديس أبابا هو ذلك التدهور المستمر لعلاقاتها مع القاهرة والخرطوم اللتين بكل تأكيد تعدان من أهم العواصم الأفريقية التي تمثل قيمة مضافة لمكانة ومصداقية دولة المقر للاتحاد الأفريقي».

واختتم: “المراقبون للحالة الإثيوبية الراهنة لا يرون جدوى في الهروب إلى الأمام أو إلى الخلف أو حتى التمترس محلك سر، فمنطق السياسة والحياة سيفرضان على أطراف أي نزاع أو خلاف أو حتى صراع التخلي عن العناد والرعونة والكبرياء الكاذب والهروب بكل أنواعه، والاستعاضة عن كل هذا العبث باستراتيجية العقل والحكمة وحسن الجوار والواقعية”.