اختتم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مؤتمره الـ 32 الذي انعقد بعنوان: «عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي»، في يومي 12-13 فبراير بأحد فنادق القاهرة،بحضور كوكبة من وزراء الشئون الدينية، والمفتين، والعلماء، والمفكرين، والمثقفين، والبرلمانيين، والإعلاميين، والكتاب، من المسلمين وغيرهم من مختلف دول العالم.
وناقش المؤتمر، في الجلسة العلمية التاسعة موضوع «ثقافة المواطنة»، وترأس الجلسة الدكتور نور الحق قادري الوزير الاتحادي للشئون الدينية والتحالف بين الأديان بباكستان، وعضوية الدكتور محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين، الشيخ الحاج موسى درامي وزير الحكومة المحلي والشئون الدينية بجامبيا، والدكتور محمد إبراهيم الحفناوي الأستاذ بجامعة الأزهر، ومحمد عبد الله باه مدير عام جامعة الأعمار بغينيا كوناكري، والدكتور أحمد ربيع العميد الأسبق لكلية الدعوة الإسلامية، وموسى عمر المنسق العام لمجلس الأئمة وكبار المسئولين بالكاميرون.
وفي بداية الجلسة، وجه الدكتور نور الحق قادري الوزير الاتحادي للشئون الدينية والتحالف بين الأديان بباكستان الشكر والتقدير، للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، كما قدم الشكر للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على حسن تنظيم هذا المؤتمر.
وأكد الدكتور نور الحق قادري، أن المواطنة هي المشاركة وأساسها التسامح والتعدد وقبول الآخر، بمختلف الأعراق والديانات والثقافات، مبينًا أن مبدأ المواطنة لا يتعارض مع الشريعة ودين الإسلام، فأول دولة تعتمد المواطنة أساسًا لها هي دولة المدينة المنورة، وجمعت مختلف الأعراق ، فعقد المواطنة عقد اجتماعي مبني على علاقة الأخذ والعطاء وأداء الحقوق والواجبات، فالدين يربط بين الفرد وعناصر أمته ربطًا وثيقًا يكون الكل فيه مسئولًا عن بعضه بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة ، للوصول إلى مجتمع متعايش مسالم متضامن متكاتف ضد أي مخاطر داخلية أو خارجية لتحقيق السلام الاجتماعي ، فحين تسود المواطنة يسود التآخي والتعايش لتمهيد الطريق لمستقبل مشرق.
وفي كلمته، قال الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين، إنه يجب علينا أن نغرس ثقافة الانتماء في أبنائنا، والمتصفح لكتاب الله (عز وجل) وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) يجد أن ثمة أسسا وقواعد كانت أساس ما يُسمى اليوم بمفهوم المواطنة والتي تعني ثقافة الانتماء للوطن، حيث يقول سبحانه: «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا»، ولا يتعارض الانتماء للوطن مع الانتماء للأمة ككل فنحن أمة واحدة.
وأشار إلى أننا لا نعيش في جزر منعزلة، بل نعيش في مجتمع مترابط بجماعة يألف ويؤلف ويفيد ويستفيد، فكل تكاليف الشريعة الإسلامية جعلت المسئولية الفردية في الحساب أمام الله (عز وجل)، والمسئولية الجماعية في الأداء، فعلى الدعاة أن يكونوا معاول بناء وليس معاول هدم ولا دعاة ثقافة عنصرية، فالإسلام يرفض أي نوع من الشقاق والخلاف ويسعى للحفاظ على علاقات أبناء المجتمع الواحد لبناء مجتمع إيجابي متكامل يبذل الخير للغير ، فكل من يحاول ممارسة ما يوقع الفتن في المجتمع يناقض روح الشريعة الإسلامية التي تبني الانتماء الجماعي للفرد في المجتمع الذي يعيش فيه.
وفي كلمته، نبه الشيخ الحاج موسى درامي وزير الحكومة المحلي والشئون الدينية بجامبيا الشكر للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على الدعوة الكريمة، شاكرًا جمهورية مصر العربية حكومة وشعبًا على الاستقبال الرائع ، مشيدًا بأهمية موضوع المؤتمر ومحاوره، مؤكدًا أن الإسلام يدعو لبناء العلاقات وحفظ السلم والأمن بين أفراد المجتمع وتكريس مبدأ الوطنية.
من جانبه، شدد الدكتور محمد إبراهيم الحفناوي الأستاذ بجامعة الأزهر، على أن المرأة تحتل مكانة مرموقة في الدولة الوطنية، حيث تعلمت العلم في المدارس والجامعات وعلَّمته، فجلس أمامها الذكور والإناث جلسة مملوءة بالاحترام لتلقي العلم منها، بل أقول: إن من النساء من فاق الرجال في هذا المجال، حتى إنك تجدها ماهرة في كل العلوم الطبية والنفسية والثقافية والعلمية، وقد ذكر الحافظ الذهبي في (تاريخه) ثمانية وثمانين اسمًا لنساء عالمات، وفي (تقريب التهذيب) ذكر ابن حجر ثلاثمائة امرأة محدّثة في عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم، مؤكدًا أن هذا كله وغيره لخير شاهد على أن ما وصلت إليه المرأة من مكانةٍ في الدولة الوطنية يؤيده الشرع تأييدًا كاملًا ويحضّ عليه.
ولفت إلى أن الدولة الوطنية أعلت من شأن المرأة وقدرها، بل إنها طبقت ما نصَّت عليه الشريعة الإسلامية؛ حيث إن الأصل في التكليف بالأحكام الشرعية أن تتساوى فيها المرأة بالرجل إلا ما ثبت -نصًّا- اختصاص أحدهما بحكم معين.
وفي كلمته، نقل محمد عبد الله باه مدير عام جامعة الأعمار بغينيا كوناكري تحية حكومة وشعب غينيا إلى حكومة وشعب مصر الكريم، مؤكدًا أن موضوع المؤتمر موضوع هام لشعوب العالم أجمع، ويكتسب هذا الموضوع أهميته من أهمية السلام والاستقرار بين الشعوب ، وأن الأمن هو الهدف النبيل الذي تسعى إليه الشعوب جميعًا ، وأنه لا تستقيم حياة الشعوب مهما امتلكت من مقومات إلا بتوفر صفة الأمن، ولا يشعر بنعمة الأمن إلا من اكتوى بنار فقده ، وأن من أهم أسباب تحقيق هذا السلام والاستقرار هو تحقيق مبدأ المواطنة، فالكل يمارس شعائره من غير تضييق أو ضغط ، مع إعطاء كل ذي حق حقه دون نظر إلى أي فوارق اجتماعية أو عنصرية ، فعلينا الإحسان والبر إلى الجميع حفاظًا على ترابط المجتمع.
وفي كلمته، نوه الدكتور أحمد ربيع العميد الأسبق لكلية الدعوة الإسلامية، بأن الإنسان اجتماعي بطبعه مدني بفطرته يحب التفاعل والتواصل مع بني جنسه ويعيش في المجتمع لينفع غيره ، وينتفع بما عند غيره ، ولا يمكن أن ينعزل عن المجتمع ، ولتستقيم حياة الأفراد دخل المجتمعات المتنوعة فكريًّا وثقافيًّا لا بد من ضوابط لفكرة المواطنة لتقوم على أساس القابلية للتعدد وتقبل اختلاف الرأي والفكر الديني ، مما يؤهل المجتمع للتقدم بين دول العالم.
وواصل: أن التشريع الإسلامي يدعو لقابلية التعدد في المجتمعات طالما أن الآخر لا يعلن حربًا على المسلمين دون احتقار لأي مخالف ، لينصهر الجميع تحت راية واحدة للدفاع عن الدولة ، مؤكدًا أن الوطنية المصرية مثال فريد وأن التاريخ والحاضر يشهدان بذلك.
وفي كلمته، أعرب موسى عمر المنسق العام لمجلس الأئمة وكبار المسئولين بالكاميرون عن شكره وتقديره للدكتور محمد مختار جمعة رئيس المؤتمر، مبينًا أن الدين الإسلامي دين حضاري يقبل جميع الثقافات، ويؤمن بالتعددية وقد أوضح أن لهذا المؤتمر العديد من الفوائد السياسية، والأمنية، والأخلاقية، والمجتمعية، وفيما يخص موضوع المواطنة فإنها تعني التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد الجميع يعمل من أجل تقدم وحماية الوطن ولن يتم هذا إلا بتطبيق عقد المواطنة.