الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جذور الأزمة.. هل يتخلى زيلينسكي عن أحلام الانضمام للناتو ويسوي خلافه مع روسيا؟.. تاريخ محاولات أوكرانيا المرهقة للالتحاق بحلف الأطلسي

كييف عاصمة أوكرانيا
كييف عاصمة أوكرانيا

بعد مناشدات عدة للغرب لاسيما لحلف شمال الأطلسي، من أجل فرض حظر طيران فوق الأجواء الأوكرانية، خرج الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تصريحات مفاجئة، أمس الثلاثاء، معلناً أن كييف لم تعد مهتمة بالانضمام للناتو الذي يخشى المواجهة مع روسيا، وفق تعبيره.

هل يئس زيلينسكي؟

وقال زيلينسكي إنه "يجب أن نعترف" بأن أوكرانيا لن تتمكّن من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في حين كان هذا الملف هو أحد الأسباب التي قدمتها روسيا لتبرير تدخلها العسكري في بلاده.

وأضاف زيلينسكي في مؤتمر عبر الفيديو خلال اجتماع لقادة قوة المشاة المشتركة، وهو تحالف تقوده بريطانيا "سمعنا لسنوات أن الأبواب مفتوحة، لكننا سمعنا أيضا أنه لا يمكننا الانضمام إلى الناتو. هذه هي الحقيقة ويجب أن نعترف بها".

وتابع: "أنا سعيد لأن شعبنا بدأ يفهم ذلك، ويعتمد فقط على قوته". ومع ذلك، أعرب عن أسفه لأن حلف شمال الأطلسي "الذي يبدو مذهولا بسبب الهجوم الروسي" يرفض إنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا.

وقال: "نسمع ذرائع مفادها أن الحرب العالمية الثالثة يمكن أن تبدأ إذا أغلق الناتو مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية. ولهذا السبب لم يتم إنشاء المنطقة الإنسانية فوق أوكرانيا ولهذا السبب يتم قصف المدن وقتل الناس، وتفجير المستشفيات والمدارس".

يشار إلى أن الرئيس الأوكراني دأب خلال الأيام السابقة التي ظهر فيها على التشديد على أهمية الدعم الخارجي لبلاده من أجل مواجهة الهجمات الروسية، داعيا إلى تكثيف المساعدات العسكرية.

كما طالب مرارا بفرض حظر طيران فوق الأجواء الأوكرانية، حاثاً حلف شمال الأطلسي على اتخاذ هذا القرار.

الناتو: لن ندخل صراعاً مع روسيا

إلا أن أمين عام الناتو ينس ستولتنبرج، أوضح بدوره في تصريحات سابقة، أن هذا القرار قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.

وفيما شدد على أن الحلف مستعد للدفاع عن أي شبر من أراضي الدول الأعضاء فيه، أكد في الوقت عينه أن الناتو لم ولن يدخل في صراع أو حرب مع روسيا.

كما حذر من أن القتال قد يؤدي لحرب واسعة النطاق في أوروبا ويفاقم المعاناة، لاسيما إذ عمد الأطلسي إلى فرض حظر طيران في الأجواء الأوكرانية.

وأوكرانيا ليست من دول الناتو، ولذلك لا يضطر الحلف للدفاع عنها، غير أنها دولة "شريكة"، وهذا يعني أن هناك تفاهما بينها وبين الحلف مفاده أنها ستنضم إليه في وقت ما في المستقبل.

وما زالت بعض دول الناتو ترسل منذ فترة أسلحة إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها في مواجهة روسيا.

قمة بوخارست

في قمة الناتو لعام 2008 التي عقدت في بوخارست بمشاركة ستين رئيس دولة وحكومة، رحب رؤساء دول وحكومات الناتو بتطلعات أوكرانيا الأوروبية الأطلسية في أن تصبح عضواً في الحلف لكن دون تحديد الزمن والكيفية.

في حينها تم الاتفاق على أن النظر في طلب أوكرانيا وجورجيا الانضمام إلى الناتو، وكلاهما كان جزءا من الاتحاد السوفيتي السابق، ينبغي أن يتم عبر عرض خطة العمل الخاصة بالعضوية على الدولتين، لكن هذه الخطة لم تُعرض على الدولتين.

ما مدى قرب أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو؟

قال صمويل تشراب، كبير خبراء السياسة في مؤسسة"راند" الأمريكية للبحوث و التنمية إنه لم يكن هناك أي تحرك نحو النظر في خطة العمل الخاصة بالعضوية في غضون 14 عاماً تقريبا.

وأكد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش الذي شغل المنصب من فبراير 2010 حتى فبراير 2014 والمقرب من روسيا، حينها أنه لا توجد "حاجة" للبلاد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي مطالباً في الوقت ذاته باستمرار أوكرانيا في سياسة عدم الانحياز، وذلك يعني عدم مشاركتها في اتحادات عسكرية وسياسية.

وفي يونيو 2010، أقر البرلمان الأوكراني مشروع قانون يمنع انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي.

وفي عهد يانوكوفيتش أبرمت روسيا وأوكرانيا صفقة تسعير الغاز مقابل تمديد عقد إيجار البحرية الروسية في ميناء أوكراني على البحر الأسود، كما أوقفت حكومة يانوكوفيتش محادثات التجارة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، واختارت إحياء العلاقات الاقتصادية مع موسكو، ما أثار احتجاجات عريضة أدت إلى فرار يانوكوفيتش في النهاية إلى موسكو.

إصلاحات دستورية وقضائية

وبعد عزل يانوكوفيتش وضم روسيا شبه جزيرة القرم، قالت كييف إن وجهة نظر البلاد بشأن عضوية الناتو تغيرت وإنها ستنجز "إصلاحات دستورية وقضائية" من أجل هدف الانضمام.

واعتمد البرلمان الأوكراني تشريعاً عام 2017 صادق فيه على الطلب الموجه إلى حلف الناتو ببدء إجراءات الانضمام "فوراً". في يوليو 2017، أعلنت كييف أن "الناتو" قبل البدء بالمشاورات، في خطوة زادت من قلق موسكو. وأقرت أوكرانيا تعديلات دستورية، في فبراير 2019، تؤكد التمسك "بسياسة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".

ما هي العوائق التي تحول دون انضمام أوكرانيا إلى الناتو؟

يقول رافائيل لوس من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن أوكرانيا لا تفي حقاً بمعايير الانضمام إلى عضوية الناتو، ويضيف قائلاً: "بالنظر إلى الجانب السياسي، يحتاج الأعضاء إلى تنفيذ إصلاحات في إطار خطة العضوية وعلى الجانب العسكري، من المفترض أن تهدف الإصلاحات إلى تعزيز أمن الحلف وليس تقويضه".

ويشير لوس إلى أن ضم بوتين شبه جزيرة القرم في عام 2014 قلّل من احتمال أن تصبح أوكرانيا عضواً في الناتو بسبب النزاع الإقليمي حول القرم. ويلفت لوس النظر إلى أنه عبر ضم القرم في 2014، والحملة العسكرية على جورجيا في 2008، استخدمت روسيا فعلياً "حق النقض" على عضوية هذين البلدين، وهو يرى أن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي "بعيدة المنال".

من جانبه، قال ويليام ألبيركي، مدير أبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا والسيطرة على الأسلحة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إنه "على الرغم من تحسن أداء الجيش الأوكراني منذ عام 2014، إلا أن أوكرانيا بحاجة إلى تنفيذ إصلاحات قانونية واقتصادية ومكافحة الفساد قبل الانضمام إلى حلف الناتو".

وأضاف ألبيركي أنه فيما يتعلق بمكافحة الفساد والإصلاحات في المجالات العسكرية أبدى الأوكرانيون تحسناً، واقتربوا من المطلوب لكنهم، ما زالوا يواجهون عقبات أمام الفساد الحكومي والإصلاحات القضائية.