حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من النشاط البشري، المسبب في حدوث تغييرات مناخية كبيرة على نطاق الكوكب، سواء في اليابسة أو المحيطات، والغلاف الجوي، وما لهذه الأنشطة من تداعيات ضارة ودائمة على الأنظمة البيئية.
الازمة الاوكرانية شغلتنا
وأكد رئيس المنظمة بيتري تالاس، خلال مؤتمر صحفي، أن الحرب في أوكرانيا طغت على تغير المناخ الذي لا يزال يمثل التحدي الأكبر للبشرية، موضحا أن السبع سنوات الماضية، كانت الأكثر حرا على الإطلاق، وكانت الظواهر المناخية في أوائل العام 2021، لها تأثير تبريد على درجات الحرارة العالمية العام الماضي، لكن رغم ذلك، مازال عام 2021 من أكثر الأعوام حرّا على الإطلاق مع ارتفاع متوسط الحرارة العالمية 1.11 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.
وأوضح أن العالم يتجه حاليا لارتفاع درجة الحرارة من 2.5 إلى 3 درجات بدلا من 1.5، محذرا من أن المناخ يتغير تحت أنظارنا والحرارة التي تحبسها غازات الدفيئة الناجمة عن النشاطات البشرية سترفع من درجة حرارة الكوكب لأجيال عديدة مقبلة، بما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر والحرارة وتحمض المحيطات لمئات السنين إلا في حال ابتكار طرق لإزالة الكربون من الغلاف الجوي.

أما عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الكوكب فيمكن حصرها في النقاط التالية:
- وصلت تركيزات غازات الدفيئة إلى مستوى قياسي عام 2020 مع وصول تركيز ثاني أكسيد الكربون إلى 413.2 جزءا في المليون في كل أنحاء العالم أو 149 % من مستويات ما قبل العصر الصناعي.
- استمرت هذه المعدلات في الارتفاع عام 2021 وأوائل العام 2022.
- بلغ المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر مستوى قياسيا في العام 2021 بعد ارتفاعه بمعدل 4.5 ملليمترات سنويا بدءا من العام 2013 حتى العام 2021.
- وصلت درجة حرارة المحيط لمستوى قياسي العام الماضي متجاوزة درجة الحرارة التي سجّلتها عام 2020.
- وصلت المحيطات لأعلى مستوى من الحمضية في أخر 26 ألف عام لدى امتصاصها وتفاعلها مع المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ورغم أن ذلك يبطئ الزيادة في تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إلا أنه يتفاعل مع مياه المحيطات ويؤدي إلى تحمّضها.
وحذرت المنظمة من أن نظام الطاقة العالمي يقود البشرية نحو كارثة.

سبل الألفات من التغيرات المناخية
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن تقرير منظمة الأرصاد الجوية، هو سلسلة عن من فشل البشرية في مكافحة تغير المناخ، محذرا من أن نظام الطاقة العالمي يعاني التعطل، ويدفعنا بوتيرة أسرع نحو كارثة مناخية.
وأوضح أن التحول إلى الطاقة المتجددة هو الأمل في وضع حد للتلوث الناجم عن الوقود الأحفوري الذي قد يؤدي لإحراق مسكننا الوحيد، مضيفا أن هناك 4 إجراءات تساعد في الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة قبل فوات الأوان هي كالتالي:
- إنهاء دعم الوقود الأحفوري
- تكثيف الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة
- إلغاء الإجراءات الإدارية وتأمين الإمدادات بالمواد الخام لتقنيات الطاقة المتجددة
- جعل هذه التقنيات سلعا عامة عالمية متاحة للجميع.
الكوكب يتدهور بشكل أسرع
في هذا الصدد، قال المهندس حسام محرم، المستشار الأسبق لوزير البيئة، إن تقرير حالة المناخ العالمي 2021 الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يعد دليلا قويا على عدة أمور أهمها أن وتيرة التدهور في نوعية الحياة على كوكب الأرض أسرع مما نتصور، وأكثر استباقا لردود أفعال البشرية لتدارك تداعيات التغيرات المناخية التي يتأكد يوم بعد يوم أنها ليست كافة لإنقاذ مستقبل البشرية.
وأوضح محرم، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن التقرير يجب أن يدفعنا إلى تعظيم الحوافز الإيجابية والسلبية اللازمة لتطوير قطاعات توليد الطاقة وقطاع النقل بوتيرة مضاعفة أكثر مما هو عليه الٱن، ولتحقيق ذلك ينبغي إعادة هيكلة النظم الضريبية والجمركية في العالم بحيث يكون المعيار البيئي أحد أهم أركان تحديد قيمة الضرائب والجمارك مع المزج ما بين التحفيز السلبي والإيجابي خاصة في الدول الأكثر تسببا في هذه الظاهرة.

سبل تعديل الأوضاع المناخية
وشدد على ضرورة تطبيق نفس الفلسفة في تخصيص الاستثمارات طبقا للمعايير المتوافقة مع المتطلبات البيئية وترسيخ المفاهيم البيئية في كافة المؤسسات المالية والمصرفية وأن تضع البنوك المركزية في كافة دول العالم اشتراطات إلزامية تدريجية بيئية للتمويل تدريجيا، كما ينبغي أن يتم إلزام مؤسسات المالية والمصرفية والبورصات وكافي حكمها بوجود إدارات أو فرق عمل متخصصة بالاستدامة البيئية والإجتماعية والتحقق من توافر الضوابط البيئية في المشروعات التي تتلقي تمويل من تلك المؤسسات تحت أي صيغة من صيغ التمويل.
وأكد على ضرورة التركيز على مشروعات الطاقة النظيفة والنقل الأخضر خلال العقود القادمة، مع تعميم هذه التكنولوجيا وكسر احتكار الملكية الفكرية التكنولوجيات الخضراء في قطاعات الطاقة والبيئة بما يتوافق مع الاحساس بالمسئولية تجاه إنقاذ الكوكب.