الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ساعدت في الزراعة بالدولة القديمة.. تعرف على أوضاع المرأة المصرية عبر العصور

المرأة في مصر القديمة
المرأة في مصر القديمة

تصدر مواقع التواصل الإجتماعي، مؤخرا الجدل حول دور المرأة، أو الزوجة بالتحديد في الحياة اليومية، وما تلعبه من دور مهم في تكوين الاسرة، وإقامة منزل سليم، دون عواقب أو أزمات، حيث كثر الحديث مؤخرًا عما تقوم به الزوجة من خدمات أسرية لبيتها، وأبنائها، والدور الذي تعلبه وتقدمه.

وفي هذا السياق نرصد من خلال كتاب "الصحافة النسائية في مصر" للدكتورة كوثر محمد مروان، أحوال المرأة عبر التاريخ، حيث أن الأحداث التاريخية التي مرت بها مصر خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين، لم تكن فترات انتقالية في تاريخ المجتمع المصري فحسب، وإنما علامات فارقة في تاريخ الحركة النسوية.

ويلقي الكتاب الضوء على أوضاع المرأة في عدة عصور بداية من المرأة في مصر القديمة، وصولا إلى المرأة في العصر العثماني.

المرأة في مصر القديمة

وتبوأت المرأة المصرية مكانة رفيعة عبر التاريخ، ففي العصر الفرعوني كانت تتمتع بكامل حريتها، وتخرج من منزلها دون رقيب، تتجول وتتنزه، وتزور من تشاء دون أن يكون لأحد سلطة عليها من أقربائها أو أوليائها، وتخرج إلى الحقل لمساعدة زوجها في الزراعة والحصاد وتستقبل معه أقرباءه سافرة الوجه، وقد استطاعت إحدى بنات الشعب المصري القديم أن تتوج ملكة، وهي الملكة تي زوجة الملك أمنحتب الثالث، والتاريخ يسجل لنفرتيتي كفاحها إلى جانب زوجها، وهي تعمل في المعبد كاهنة تنشر الدين الجديد.

المرأة في الإسلام

وأعطى الإسلام المرأة حقوقها، وأنصفها، وساوى بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات في دائرة الاجتماع الاسري، وكفل لها حرية التصرف في أموالها، وحق اختيار شريكها، ومشاركتها في العمل العام وهي مشاركة عامة في ميادين العمل العام وفق المؤهلات والإمكانات الفطرية والمكتسبة للذكور والإناث.

وقد برزت شخصيات نسائية في التاريخ الإسلامي، كن المثل والقدوة وقدمن الكثير من أجل رفعة الإنسانية وتركن بصمات واضعة في الـتـاريـخ الـعـربـي الإسلامي؛ مـثـل أسـمـاء بـنـت أبـي بـكـر والخنساء ام الشهداء، وغيرهن.

المرأة في ظل الحكم العثماني

عندما خضعت مصر للحكم العثماني سلب من المرأة حقوقها، وأقام العقبات في طريقها بحجة أن الإسلام فرض ذلك، مع أن الإسلام أنصف المرأة وحررها من القيود والانحلال والأفكار الجاهلية السقيمة، وقد حجبت المرأة في القرن التاسع عشر في بيتها ومنعت من جميع حقوقها المشروعة، وعدها الرجل متاعا له، وركز مهمتها الأساسية على الحمل والإنجاب.

وعاشت المرأة أسيرة الجهل والخرافات، نتيجة هذا الوضع الاجتماعي الذي فرضه عليها نظام عصر الحريم، وتصف د. إجلال خليفة سذاجة النساء وجهلهن في ذاك العصر، نتيجة ملازمتهن البيت كانت قلوبهن بعض أقدامهن خوفا وهلعا عندما يترامى إلى أذهانهن صوت أبواق نسقط بين السيارات المارة بالشوارع القريبة من منازلهن، ولم يسمح لهن بمعرفة الاختراعات التي تسمى سيارات أو ما تشبه وكيف تسير، إلا أنها من عمل الشيطان، وكثيرا ما كن يرددن هذه العبارة، عندما يسمعن أبواق السيارات أو ترامى إلى علمهن بأن صندوقا خشبيا سوف يتحدث ويرتفع منه صوت القرآن الكريم، فيصحن: يا رب أخفينا ولا تورينا أي أنهن كن يفضلن الموت على مشاهدة هذه الأشياء التي هي من صنع الشيطان كما كان يقال لهن، ويصدقنه لسذاجتهن.

وتنبه عدد من الرواد التنويرين إلى وضع المرأة السقيم في الشرق، فعلت صيحاتهم تنادي بضرورة تغيير وضعها باعتبارها جزءا ملحقا بمنظومة الإصلاح الشامل، مما جعل عددا من الرواد ورجال الفكر ينادون بتعليم الفتيات، وهي أول قضية تطرح في مسألة النهوض بالمرأة وتحررها، وبعد رفاعة رافع الطهطاوي، أول من نادي بتعليم المرأة وتثقيفها، ووضع من أجل هذه المهمة كتابا مشتركا لينادي بتعليم البنات والبنين، سماه "المرشد الأمين للبنات والبنين.

وكان للدور الكبير الذي لعبه رواد التنوير والعقلانية في مصر بصمات واضحة على النهضة النسائية الحديثة في مصر، فظهرت بوادر نهضة المرأة على يد المثقفات أمثال ملك حفني ناصف، ولبيبة هاشم، ونبوية موسى، وغيرهن، وتلخصت مبادئهن في المناداة بتعليم المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل، وتحطيم الأساليب الرجعية، وقد أفسح أحمد لطفي السيد مجال الكتابة في جريدته لملك حفني، ولبيبة هاشم ومي زيادة ونبوية موسى للدفاع عن حقوق المرأة، وكانت قد سبقتهن عائشة تيمور في ثمانينيات القرن التاسع عشر فأصدرت كتابها مرآة التأمل في الأمور، كما هزت النفوس بقصائد كتبت لها اسما بارزا في الشعر العربي.

وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر أيضا تطالعنا زينب فواز بإصدار كتابها الدر المنثور في طبقات ربات الخدور وهو عبارة عن تراجم لشهيرات النساء في الشرق والغرب، وفي الثلث الأخير من القرن التاسع عشر هاجرت صفوة من بلاد الشام نتيجة للولاة المستبدين إلى العالم الجديد في أمريكا، ثم إلى مصر، وكان أكثر المهاجرين من المسيحيين، وقد أسهم الشوام في الكتابة بالمجلات وكن أول من أصدر المجلات النسائية، وتعد مجلة الفتاة أول مجلة نسائية صدرت في العصر الحديث لصاحبتها هند نوفل، فكانت فاتحة الباب للعمل الصحفي النسوي.

وفي نهاية القرن التاسع عشر أخذ صوت قاسم أمين يرتفع دفاعا عن المرأة، وقد وجد تلازما بين انحطاط المرأة وانحطاط الأمة، وأن الإسلام قد سبق كل الشرائع في تقرير مساواتها مع الرجل، وأراد أن يعرف ما للمرأة من حقوق فألف لهذا الغرض كتابين، أولهما: تحرير المرأة"، والثاني "المرأة الجديدة "، وأثار هذان الكتابان ضجة كبيرة، وشغلت الرأي العالم في مصر والوطن العربي، وقد أدت إلى انتشار أراء الكاتب ووصولها إلى الأسماع، وجعل أساس تقدم المرأة السفور والتعلم، لقد كان مشروع قاسم أمين خلاصة متقدمة وتتويجا فكريا صاعدا لكل ما سبقه من جهود إصلاحية، تواصلت طوال النصف الثاني من القرن التاسع عشر.