الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يعاني اقتصاد روسيا من العقوبات وحرب أوكرانيا؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

ركزت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية عن تداعيات حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية على الاقتصاد الروسي وذلك بعد 6 شهور من اندلاع الحرب.

ونقلت المجلة الأمريكية عن محللين قولهم إن الاقتصاد الروسي يقدم أداءً أفضل من المتوقع بسبب السياسات الروسية ذات الطابع التكنوقراطي التي صيغت ببراعة، وكذلك أسواق الطاقة العالمية التي أبقت أسعار النفط والغاز مرتفعة نظرا لضعف المعروض.

وعلى الرغم من ذلك، توقع عدد من المراقبين وصنّاع السياسة أن تكون العقوبات موجعة للاقتصاد الروسي الذي يجبر روسيا على الخروج من الصراع في غضون أشهر، وهو ما يجعل استمرار حرب روسيا في أوكرانيا ليس مفاجئا.

استمرار التضرر

ومع ذلك لا يزال الاقتصاد الروسي يعاني، بيد أنه لا يزال يعاني تباطؤا في النمو أكثر حدّة مما حدث إبان الأزمة المالية عام 2008، حيث من غير المرجح أن يتبعه انتعاش بعد الأزمة.

وأورد التقريرًا كثيرًا من البيانات عن مستويات المعيشة وعن الاقتصاد الكلي، قائلاً إن الحكومة في روسيا تقدم الدعم فيما يتصل بالمعيشة، لكن ذلك لن يستمر طويلا. وأظهرت مؤشرات الاقتصاد الكلي تقلص الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض الإنتاج الصناعي، بنسب لا تتعدى 5%، وانخفاض التضخم من 18% في مارس إلى 15% حاليًا، وتدني الأجور الشهرية بنحو 6% مقارنة بالعام الماضي.

وأضاف أن قطاع المواد الخام تأثر تأثرا طفيفًا، ولم يكن هذا مفاجئا نظرا لارتفاع الأسعار، ولأن العقوبات الغربية صُمّمت للحفاظ على تدفق معظم السلع بحرية، بما في ذلك النفط.

تراجع عائدات تصدير الغاز

أحدث البيانات الشهرية التي أصدرتها الحكومة الروسية بشأن عائداتها من فرض ضرائب على النفط؛ تشير إلى أن البلاد تجني من عائدات التصدير تقريبا القدر نفسه الذي كان في يناير. وعلى النقيض من ذلك، تراجعت عائدات تصدير الغاز الطبيعي بعد أن قيّد الكرملين بيعه إلى أوروبا، وهذه العائدات أقل أهمية بكثير لروسيا من صادرات النفط.

وعلى عكس صناعة الطاقة الروسية، يقول تقرير المجلة الأمريكية "تضرر باقي القطاع الصناعي في البلاد بشدة، ومن بين القطاعات الأكثر تضررا السيارات والشاحنات والقاطرات وكابلات الألياف الضوئية، حيث انخفض إنتاج كل منها بأكثر من النصف".

وفي القطاعات الأخرى الأقل عرضة للملكية الأجنبية أو سلاسل التوريد المعقدة -مثل المنسوجات أو الصناعات الغذائية- ظل الإنتاج ثابتا، أو زاد في بعض الحالات مقارنة بالعام الماضي.

وأصبح من العسير بمكان تحليل الوضع المالي للحكومة الروسية الآن بعد أن توقف الكرملين عن الإفصاح عن تفاصيل تتعلق بالإنفاق، ربما لإخفاء تكاليف الحرب. ففي أبريل/نيسان -آخر شهر تصدر فيه روسيا بيانات مفصلة- زاد الإنفاق الدفاعي على مدار العام بنسبة 40%.

الحرب مُكلفة

وفضلا عن الرواتب المرتفعة وتكاليف التشغيل لتمويل الهجوم على أوكرانيا، ستحتاج روسيا أيضًا إلى تخصيص موارد مستقبلية كبيرة لإعادة بناء مخزونها الهائل من المعدات التي تضررت أو دُمرت في ساحات القتال الأوكرانية.

وتتزايد تكاليف الحرب المتكبدة، ليس فقط في الميزانية العمومية للحكومة المركزية، ولكن للحكومات الإقليمية أيضا، التي يُطلب منها حشد كتائب المتطوعين.

وأشار التقرير إلى أن الكرملين محق في إصراره على استقرار الاقتصاد الروسي، فالبنوك الروسية قادرة على سداد ديونها، ومعظم الصناعات تعمل كالمعتاد، ويواصل قطاع الطاقة الحيوي ضخ النفط، وهناك كثير من المواد الغذائية على أرفف المتاجر. وإن كان هناك نقص في السيارات الفاخرة، فسيكون إنتاج السيارات والغسالات أقل بكثير مما كان متوقعا، لذلك سيؤجل المستهلكون عمليات الشراء الكبيرة بقدر المستطاع؛ على أن السيناريو المتفائل للكرملين هو أن يشدّ الروس أحزمتهم ويتدبروا أمورهم.

ومع ذلك، تتزايد تكاليف الحرب والعقوبات، حتى لو كان التأثير الأولي أقل دراماتيكية مما كان يأمله الغرب أو تخشاه روسيا. ففي الوقت الحالي، يشعر قادة روسيا بالسعادة لصمودهم طوال 6 أشهر من العقوبات الغربية. وستعاني الصناعة الروسية في العام المقبل -على أي حال- في التكيف مع عالم خال من المكونات الغربية المستوردة.

وختم التقرير بالقول إنه "ما لم يحدث ارتفاع في أسعار النفط، فإن الحكومة الروسية ستتعرض لمواقف أصعب تفاضل فيها بين استمرار الإنفاق الاجتماعي وتحمّل عجز الميزانية والتضخم المرتفع، ولن ينهار الاقتصاد الروسي بطريقة تجبر الكرملين على وقف مجهوداته الحربية. وتواجه البلاد، في غضون ذلك، ركودا حادا، وكدحا طويلا نتيجة تدني مستويات المعيشة المنخفضة، وأملا ضئيلا في انتعاش سريع".