الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

3 سنوات تحسم مستقبل بريطانيا العظمى.. تمرد ضد الملكية ومطالب بالاستقلال|من يفوز؟

الملك تشارلز الثالث
الملك تشارلز الثالث

تتجه أنظار الساسة حول العالم، إلى مستقبل بريطانيا، بعد وفاة الملكة إليزابيث يوم الخميس الماضي، عن عمر ناهز الـ 96 عاما، جلست خلالها على عرش بريطانيا، 70 عاما، حيث اعتلت العرش عام 1952، وشهد عصرها تغيرات اجتماعية هائلة، فيما ينتظر ابنها الأمير تشارلز الثالث تحديات تتمثل في بقاء التاج البريطاني متمسكا بدول التي تحته، دون أن تطالب 14 دولة بأن تتحول إلى جمهورية، وتقصى تشارلز من عرشها.

من المعروف أن الملك في بريطانيا لا يتداخل في الحكم، والقضايا السياسية بشكل مباشر، ولكن له دور سياسي، وهو استخدام القوة الناعمة لحماية مصالح المملكة المتحدة خارجيا، وطيلة الـ 7 عقود الماضية كانت الملكة إليزابيث، عنصرا فعالا في تماسك التاج البريطاني، وعدم تقسيمه، إلى جانب تعزيز صورة و تعاون بريطانيا مع حلفائها، وبغيابها تصعب المهمة على ابنها الملك تشارلز الثالث، وتحتم عليه بناء شبكة علاقات آمنة مع الجميع.

الملك تشارلز الثالث

دول التاج البريطاني واتحاد الكومنولث

كانت الملكة إليزابيث لدى تنصيبها ملكة عام 1952، ملكة على المملكة المتحدة و 14 دولة أخرى من دول الكومنولث، وهذه الدول هي "المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وجنوب إفريقيا، وباكستان، وسيلان التي أصبحت فيما بعد سريلانكا"، ولكن مع تسارع انتهاء عصر الاستعمار، أصبحت المستعمرات البريطانية هي دول الكومنولث، فيما قرر جزء منها إبقاء الملكة رئيس للدولة، وامتنعت دول أخرى عن ذلك وأعلنت استقلالا تاما.

وعند وفاة الملكة إليزابيث، كان ملكة على كل من أنتيجوا وبربودا، أستراليا، جزر البهاماس، بليز، كندا، جرينادا، جامايكا، نيوزيلندا، بابوا غينيا الجديدة، سانت كيتس ونيفيس، سانت لوسيا، سانت فنسنت وجزر جرينادين، جزر سليمان، توفالو والمملكة المتحدة، وتختلف هذه الدول على عن اتحاد الكومنولث الأوسع والذي يضم 54 دولة، وهي الدول التي لها روابط تاريخية مع المملكة المتحدة، لكنها لم تختر أن تكون الملكة على رأسها.

موقف الدول من تشارلز الثالث

أستراليا ترجئ قرارها لفترة

وعن إمكانية أن تطالب هذه الدول بإلغاء الملكية، أعلن في البداية رئيس وزراء أستراليا، أنتوني البانيز، أمس، أنه لا يعتزم إجراء استفتاء في الوقت الحالي، بشأن إلغاء الملكية، احتراما للملكة إليزابيث الثانية، موضحا خلال تصريح لشبكة سكاي نيوز البريطانية، أن الوقت الحالي هو وقت تأبين الملكة الراحلة، وليس طرح أسئلة حول الدستور، وإنما فقط إظهار الإعجاب لخدمات الملكة لأستراليا ودول الكومنولث والعالم.

ولكن في خلفية هذه الأحداث، كانت تشير التقارير الإعلامية أن ألبانيز، قد أشار في أكثر من تصريح سابق قبل وفاة الملكة إلى خططه لجعل أستراليا جمهورية، وأن كل أسترالي عليه أن يحظى بفرصة لكل يصبح رئيس الدولة.

وأتى وفاة الملكة إليزابيث ليثير مناقشات جرت عام 1999 بشأن إعلان الجمهورية في أستراليا، وجاء التصويت في الاستفتاء وقتها، بواقع 55%ن لصالح بقاء أستراليا في الملكية تحت تاج إليزابيث الثانية.

أنتيجوا وبربودا يعتزمان الاستقلال التام عن التاج

كان جاستون براون، رئيس وزراء أنتيجوا وبربودا، أكد أنه سوف يدعو إلى إجراء استفتاء على أن تصبح بلاده، جمهورية في غضون ثلاث سنوات، بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية.

وتعد أنتيجوا وبربودا، هي واحدة من الدول الكاريبية، وهي واحدة من بين 14 دولة لا تزال تحتفظ بملك بريطانيا على رأس الدولة، إذ وقع براون وثيقة تؤكد وضع تشارلز كملك جديد، ولكنه بعد ذلك بدقائق، قال إنه سيضغط من أجل إجراء استفتاء لتتحول البلاد إلى جمهورية، بعد أن أشار إلى مثل هذه الخطوة في وقت سابق من العام الجاري.

وأوضح أن هذا ليس عملا عدائيا ضد بريطانيا، ولكنه الخطوة الأخيرة لإكمال دائرة الاستقلال، لضمان أننا حقا دولة ذات سيادة.

جامايكا تمضي نحو الاستقلال

وخلال الاحتفال بعيد جلوس الملكة إليزابيث الـ 70 على العرش، كانت رئيس وزراء جامايكا، أخبر مندوبي البلاط ، أنه بلاده تمضي قدمًا، وستحقق طموحها الحقيقي في أن تكون مستقلة، وفي العام الماضي، قطعت بربادوس روابطها الإمبراطورية الأخيرة مع بريطانيا بإعلان نفسها جمهورية.

نيوزيلندا تؤجل قرار الاستقلال

أكدت رئيسة الوزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، اليوم الاثنين، أن حكومتها لن تتخذ أي خطوات نحو تحويل نيوزيلندا إلى جمهورية بعد وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، موضحة أنها تعتقد أن نيوزيلندا ستصبح جمهورية في نهاية المطاف، لكن هناك قضايا أكثر إلحاحا يتعين على حكومتها متابعتها.

كانت أرديرن، تدعم تحويل بلادها إلى جمهورية في وقت سابق، ولكنها الآن تتراجع قليلا احتراما لوفاة الملكة إليزابيث، موضحة أنه كان هناك نقاش، لمدة سنوات، وأنها وأوضحت وجهة نظرها عدة مرات، وهو أن نيوزيلندا ستتجه إلى الاستقلال في الوقت المناسب، ومن المحتمل أن يحدث خلال حياتهان ولكنه ليس مطروحا على جدول أعمال حكومتها.

وفي ظل النظام الحالي، يظل العاهل البريطاني هو رئيس دولة نيوزيلندا، ويمثله في نيوزيلندا الحاكم العام، ومع ذلك، يجادل الكثير من الناس بأن نيوزيلندا لن تصبح دولة مستقلة حقا حتى تصبح جمهورية.

أصوات الانفصال تعلو تدريجيا

في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه بالفعل هناك بعض الجمهوريات التي تتبع التاج البريطاني، وهم حوالي 15 دولة و الجزر، ونظريا كانت الملكة إليزابيث ملكة عليهم، مثل أستراليا وكندا ونيوزيلندا وغينيا الاستوائية، وبعض المستعمرات السابقة لبريطانيا.

وأوضح سيد خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن رحيل الملكة إليزابيث قد يثير بالفعل بعض النزعات الاستقلالية في هذه الدولة، وتتحول من ملكيات إلى جمهوريات، ولكن التحدي الأكبر هو أن أغلب هذه الدولة لا يوجد فيها تيار واسع يدعم الانفصال، وإنما بعض النزعات ولكنها تمثل أقلية، ولو أقيمت استفتاءات ستكون الأغلبية البسيطة تفضل البقاء مع التاج البريطاني وهذا ما حدث في عدة جزر،  ولكن هذه لا يمنع أن هناك بعض النزاعات التي تريد الانفصال.

3 مشكلات تزيد شروخ التاج

وأضاف خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التيار الذي يريد الانفصال يدعمه بعض الكتابات الإعلامية خاصة من الاتجاه اليساري، الذي يدفع ناحية الانفصال والتحول إلى الجمهورية، إضافة إلى بعض الأحداث الخاصة التي حدث داخل العائلة الملكية، وأبرزها الخلافات الأسرية، مثل خلاف الأمير تشارلز مع الأميرة ديانا، أميرة ويلز وانفصالهما، ثم مقتلها في حادث سيارة، وأيضا فضيحة الأمير أندرو الابن للمكلة إليزابيث، الذي اتهم في قضايا أخلاقية والتحرش الجنسي في الولايات المتحدة، وهو ما كلف العائلة المالكة الكثير من سمعتها، وأخيرا قضية الأمير هاري، ابن الملك تشارلز، وتركه العائلة المالكة واتهام زوجته ميجان للعائلة المالكة بالعنصرية ضدها.

الدكتور أحمد سيد أحمد

صورة العائلة المالكة في بريطانيا وخارجها

وأوضح أن كل هذه الحوادث ألقت بشكل سلبي على صورة العائلة المالكة لدى الدول التي تريد الانفصال وداخل بريطانيا، وربما استطاعت الملكة اليزابيث الحفاظ على هذه صور، العائلة المالكة قليلا، وتجاوز هذه الخلافات، ولكن عندما رحلت تركت بعض الشروخ في هذه الدول، والتي على فيها أصوات أنه لا يجب تقديس العائلة المالكة، أو التعامل معها بقدسية، في ظل هذه المشكلات الكبيرة بها.

واختتم: أن الاتجاه الأكبر في بريطانيا والدول الـ 14، هو أن تتبع هذه الدول التاج البريطاني، والحفاظ على الأسرة المالكة، لأن هذه الروابط ترسخت عبر عقود طويلة، رغم وجود النزاعات التي تدعو للاستقلال ولكنها لم تنضج.