EN 
فضل قراءة سورة محمد ؟.. سؤال يكثر البحث عنه خاصة في شهر ربيع الأول، حيث لم تسمى سورة من سور القرآن باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى هذه السورة فـ ما هو فضل قراءة سورة محمد في شهر ميلاد النبي الخاتم.
ومن خلال التقرير التالي نسلط الضوء على فضل قراءة سورة محمد وهل هناك بين ثواب قراءتها في شهر المولد النبوي وبين غيره من الشهور الهجرية أم أن الأمر لا علاقة له بهذه الذكرى العطرة.
فضل قراءة سورة محمد
سورة محمد من المختلف حول كونها من السور المكية أم المدينة لكن المرجح أنها من السور المدنية التي نزلت على خاتم الأنبياء والرسول في المدينة المنورة وعدد آياتها 38 آية، وجاء سبب نزول سورة محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو ذمّ المشركين الذين كفروا بدعوة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ومدحٍ الأنصار الذين آمنوا به -صلّى الله عليه وسلّم-، وعن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّه قال في قوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ * والذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ}، حيث الذين كفروا هم مشركو مكّة، والذين آمنوا هم الأنصار.
ولم يَرِد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حديث صحيح مخصص في فضل سورة محمد، غير أن بعض العلماء تناقلوا بعض هذه الفضائل في كتبهم، ومن ذلك الحديث الذي رواه أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "مَنْ قرأ سورة محمّد كان حقًّا على الله أَن يسقيه من أَنهار الجنة"، وهو حديث لا يصح نسبة إلى الرسول، كذلك حديث آخر يُروى عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال لعليّ: "يا عليّ مَنْ قرأ هذه السّورة وجبت له شفاعتي، وشُفِّع في مائة أَلف بيت، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثواب خديجة"، ولا تصح أيضا نسبته فهو حديث ضعيف.
فضل قراءة سورة محمد
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق في خواطره حول بدايات سورة محمد: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }: ما أحسن انتقاء نهاية السورة ببدايتها حيث قوله تعالى، الكفر معناه الستر، وهنا ستر للإيمان، ووجوده دليل على الإيمان باعتباره نقيض فطري، موضحاً أن الكفر بالنعمة سترها ولم يبحث عنها.
وبين أن الكفر نوعان كفر بالله وكفر بنعمة الله، فمادام كفر بالله فيسكفر بنعمه، مشيراً إلى أن قوله تعالى "وصدوا عن سبيل الله"، جاء الصد عن سبيل الله بصد أسماعهم وأبصارهم عن السماع ورؤية ما أوجده الله في الكون وصدوا غيرهم عن الإيمان.
ويبين الإمام ابن كثير في تفسيره أن قول تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: بآيات الله، {وصدوا} غيرهم {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: أبطلها وأذهبها، ولم يجعل لها جزاء ولا ثوابا، كقوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. ثم قال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: آمنت قلوبهم وسرائرهم، وانقادت جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم، {وَآمَنُوا بِمَا نزلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}، عطف خاص على عام، وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه.
وقوله جل وعلا: {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} جملة معترضة حسنة؛ ولهذا قال: {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} قال ابن عباس: أي أمرهم. وقال مجاهد: شأنهم. وقال قتادة وابن زيد: حالهم. والكل متقارب. وقد جاء في حديث تشميت العاطس: «يهديكم الله ويصلح بالكم». ثم قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ} أي: إنما أبطلنا أعمال الكفار، وتجاوزنا عن سيئات الأبرار، وأصلحنا شؤونهم؛ لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل، أي: اختاروا الباطل على الحق، {وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ} أي: يبين لهم مآل أعمالهم، وما يصيرون إليه في معادهم.
فضل قراءة سورة محمد
ولـ سورة محمد فضل في التأثير إيجابًا على حياة المسلم ما هي الأوامر المؤثرة في حياة المسلم
1- تضمّنت سورة محمد أوامرًا تؤثّر في حياة الإنسان المسلم، وتحذيرات تكون سببًا في ردع الكافرين، ومنها: الجهاد في سبيل الله -تعالى- له أجر عظيم، والمسلم التقي خير من يفوز برضا الله وجنته.
2- إخبار المؤمنين بأن الله لن يسدّد رمي المشركين في أعمالهم، ولا بدَّ أنَّ الله ناصر المؤمنين ولو كره الكافرون المعادون لدينه .
3- وعد المجاهدين بأنّهم سينالون الجنّة ثوابًا لهم على جهادهم في سبيل الله.
4- حثّ المسلمين على السّعي لنيل رضا ربّهم الموصل إلى الجنّة والترغيب بذلك من خلال وصف الجنّة ونعيمها.
5- الصد عن دين الله وعدم طاعة أوامره يؤدي إلى السقوط في هاوية الضلال، ولا بدَّ أن يكون المسلم حريصًا على الابتعاد عن ذلك.
6- القوة في الجهاد ضد الكافرين هي من عند الله -تعالى- وليس على المؤمن أن يرهب منهم بسبب عتادهم وعدتهم.
7- إصلاح حال المسلم وتقديمه للبر هو وعد من الله تعالى.
8- التّحذير من النّفاق.
9- بيان أنّ قلّة تدبّر القرآن الكريم وموالاة المشركين من صفات المنافقين، ولا بد للمسلم الابتعاد والحذر من تلك الصفة.
10- تحذير المسلمين من أن يستمعوا لكلام المنافقين أو يصدّقوه.
11- الحثّ على طاعة الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم، وذكرُ أنّ عصيان الله ورسوله قد يؤدّي بالمسلم إلى أن تذهب حسناته هباءً.
12- الحثّ على عدم الالتفات إلى النّاس وترك الرّياء والسّمعة.
ثواب قراءة سورة محمد في المولد النبوي
لقراءة القرآن الكريم بصفة عامة ثواب عظيم، وفي الاحتفال بالمولد النبوي بينت دار الإفتاء رداً على سائل يقول: يحتفل المسلمون بالمولد النبوي بطريقتهم الخاصة، فكيف يكون احتفالنا بالمولد النبوي في حدود ما شرعه الله؟، إنه قد اعتاد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على الاحتفال بمولد الهدى والنور مولد الهادي البشير النذير مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي جاهد لنشر مبادئ الإسلام وإرساء قواعده.
وأشارت إلى أن هذه الاحتفالات لا مانع منها شرعًا؛ لأنها تذكر المسلمين في كافة أرجاء الدنيا بما كان عليه صاحب الذكرى من خلق قويم ونهج مستقيم، وكيف كان مولده نورًا أضاء الدنيا وأخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان واليقين، وإذا كان المسلمون يحتفلون بذكرى المولد الشريف على طريقتهم الخاصة احتفالًا يختلط فيه الخير بالشر والنافع بالضار فإننا نقول لهم: لا بد وأن يراعى في مثل هذه الاحتفالات الالتزام بآداب الإسلام وتعاليمه، ولا يتحقق ذلك إلا بصيرورة هذه الاحتفالات ندوات علمية وتوعية يعرف فيها المسلمون تاريخ إسلامهم وأسلوب نبيهم الحافل بالعظات والعبر والجهاد والكفاح والصبر على تحمل الشدائد، ويلتمسون التعاليم السامية التي ينتفع بها الإنسان في حياته وبعد مماته، كما يجب أن يراعى في هذه الاحتفالات عدم اختلاط الرجال بالنساء، وأن لا يحدث هرج ومرج وألا ترتكب الفواحش، وبما يتنافى مع آداب الإسلام وتعاليم النبي المحتفى به عليه الصلاة والسلام، وأن يكون الرسول الكريم هو القدوة في هذه الاحتفالات حتى يكون عملنا مرضيًا له صلى الله عليه وآله وسلم في قبره الشريف ومرضيًا لله رب العالمين.
