قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أرضعته صلى الله عليه وآله وسلم أم كبشة حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث السعدية, وهي التي أرضعته حتى أكملت رضاعه, ورأت لنبوته وسيادته براهين وآيات, أرضعته بلبن ابنها عبد الله أخي أنيسة وجدامة وهي الشيماء أولاد الحارث بن عبد العزي بن رفاعة السعدي, وأرضعت معه ابن عمه أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب, وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ثم أسلم عام الفتح وحسن إسلامه, وكان عمه حمزة مسترضعا في بني سعد بن بكر فأرضعت أمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهتين, من جهة ثويبة ومن جهة السعدية.
وأضاف جمعة عبر الفيسبوك: وقد مست بركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرضعته حليمة في نفسها وولدها ورعيها وقومها وظهرت هذه البركة في كل شيء.
وأكمل: فقد خرجت حليمة من بلدها مع زوجها وابن لها رضيع في نسوة من بني سعد تلمس الرضعاء وكانت سنة مجدبة لم تبق لهم شيئا, قالت: والله ما ننام من بكاء صبينا من الجوع وما في ثديي ما يغنيه, وخرجت علي أتاني الضعيفة العجفاء وقد أصيبت ركبتها, حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فعرض علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتيم, وإنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي, فأخذناه عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة.
واستطرد جمعة: فلما أخذته رجعت به إلى رحلي, فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما, وقام زوجي إلى ناقتنا المسنة فإذا هي حامل, فحلب منها فشرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا, فبتنا بخير ليلة، وفي الصباح خرجنا وركبت أتاني, وحملته عليها معي, فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء, حتى قالت صواحبي: أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها يا حليمة والله إن لها لشأنا.
قالت: ثم قدمنا منازلنا من بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها, فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا, فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب! فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطر لبن وتروح غنمي شباعا لبنا, فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته, وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا. ثم قدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا, لما كنا نرى من بركته.
فنشأ صلى الله عليه وآله وسلم شطرا من طفولته في بادية بني سعد في الحديبية وأطرافها, وشطرا في المدينة, وعند حليمة شق صدره صلى الله عليه وآله وسلم وملئ حكمة ثم عادت به حليمة إلى أمه، وبعد أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخديجة قدمت حليمة على مكة, وشكت إليه الجدب, فكلم خديجة بشأنها فأعطتها أربعين شاة, وقدمت مع زوجها بعد النبوة فأسلما.