رغم مرور 18 عاما على رحيل الشيخ زايد آل نهيان، المؤسس وأول رئيس لدولة الأمارات العربية، في 2 من نوفمبر 2004، إلا أن الوقوف على ذكره يعد واجبا، وذلك لما تركه من إرث وتاريخ مشرف في حب الوطن الذي لم يولد بداخله، ولكن حبه ترسخ في قبله.
وبعيدا عن الكلمات صاحبة الدباجة والبلاغة، فإن حب الشيخ زايد لمصر والمصريين وحبهم له، لا تكفيه كتب التاريخ والروايات، ولا تحصر وتوثق كم هذا العطاء الذي جعله الشيخ زايد ليس من شخص لوطن، ولكنه أصبح عطاء من وطن ووطن كعطاء الأخ لأخيه دون حساب أو من، فهو عطاء من القلب.
العلاقة مع مصر نقاط تاريخية
بدأت العلاقة بين الشيخ زايد ومصر، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وإمتدت مع خلفائه إلى اليوم ومن تلك النقاط المضيئة في علاقة البلين ...
- البداية كانت قبل ظهور النفط، حيث قامت مصر بإرسال الآلاف من أبنائها في البعثات التى تضم المعلمين والمهندسين والأطباء، إلى الإمارات قبل ظهور النفط فى منتصف الخمسينيات.
- بلغت المساهمة الأولى من إمارة أبو ظبى فى دعم مصر وخطط إعادة بناء قدراتها العسكرية عام 1970 مبلغ قدره 17 مليون دولار، توازى نحو 10 ملايين برميل نفط وفق متوسط أسعار العام 1970 الذي كان يدور فى حدود 1.7 دولار للبرميل،
- كانت مصر من أولى الدول التي أيدت بشكل مطلق الشيخ زايد حين أسس دولة الإمارات الموحدة التى أعلنت فى 1971.
- ساهم الشيخ زايد فى إعادة إعمار مدن قناة السويس، التى دُمرت بفعل الاحتلال الإسرائيلي،
- أعلن دعمه لمصر فى حرب أكتوبر 1973، واقترض مليار دولار وقدمها لشراء أسلحة من الاتحاد السوفيتى لمصر فى أثناء حربها
- أهدى الشيخ زايد وشاح آل نهيان للرئيس الراحل محمد أنور السادات
- كان حلقة الوصل المباشرة بين القادة العرب، بعد توتر العلاقات المصرية بقادة الدول العربية، عقب توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، حيث توترت علاقات مصر ببعض الدول العربية بعد قمة بغداد.
- ارتبطت مصر والإمارات بـ18 اتفاقية نظمت العلاقات الاقتصادية والتجارية حتى أصبحت الإمارات المستثمر الأول فى مصر.
- تصاعدت العلاقات بين البلدين حتى بلغ حجم التبادل التجارى بينهما 1.4 مليار دولار، وبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر 10 مليارات دولار عام 2010 فى قطاعات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والخدمات المصرفية.
- بعد 30 يونيو، كانت الإمارات على رأس الدول العربية التى أيدت الثورة، وبادرت بتقديم مساعدات مالية وعينية بقيمة 3 مليارات دولار، فى إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر بلغت 12 مليار دولار.
- واصلت دعمها للاقتصاد المصرى بتوقيع اتفاقية مساعدات خلال أكتوبر 2013، بقيمة 4 مليارات و900 دولار، شملت منحة بقيمة مليار دولار وتوفير كميات من الوقود لمصر بقيمة مليار دولار أخرى
- قامت الإمارات بالمشاركة فى تنفيذ عدد من المشروعات التنموية فى قطاعات اقتصادية أساسية فى مصر، من بينها بناء 25 صومعة لتخزين القمح والحبوب، وإنشاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية فى 18 محافظة، وبناء 100 مدرسة، إضافة إلى استكمال مجموعة من المشروعات فى مجالات الصرف الصحى والبنية التحتية، وذلك على مدار السنوات التى أعقبت ثورة 30 يونيو .
- الإمارات هي أكبر دولة عربية تستورد المنتجات المصرية، وشهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعا بنسبة 20% خلال 3 سنوات.
عشق مصر من صميم قلبه
للشيخ زايد العديد من الكلمات المحفوظة في التاريخ والمحفورة في أذهان العرب عن مصر، منها:
- "عندما تبدأ المعركة مع إسرائيل، فسوف نغلق على الفور صنابير البترول، ولن نكون بعيدين عن أشقائنا أبدا" .. أكتوبر 73
- " النفط العربى ليس أغلى من الدم العربى" .. أكتوبر 73
- "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود دون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأى حال أن تستغني عن الأمة العربية" ... أثناء مقاطعة العرب لمصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد"
- "نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائي أن يكونوا دائما إلى جانب مصر وهذه وصيتي"
- "مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا توقف القلب، فلن تكتب للعرب الحياة".
قصة في تاريخ بناء الأوطان
وتاريخ الشيخ زايد قصة تدرس في بناء الأوطان، فالشيخ زايد هو زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى بن نهيان آل نهيان (6 مايو 1918 - 2 نوفمبر 2004) أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة.
كان له دور كبير في توحيد الدولة مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وتحقق لهم ذلك في 2 ديسمبر 1971 وأسس أول فدرالية عربية حديثة.
عمل الشيخ زايد مع الشيخ جابر الأحمد الصباح على إنشاء مجلس التعاون الخليجي فاستضافت أبوظبي في 25 مايو عام 1981 أول اجتماع قمة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي.
تولى حكم إمارة أبوظبي خلفاً لأخيه شخبوط في عام 1966، خلفه في حكم إمارة أبو ظبي ابنه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وانتخبه المجلس الأعلى للاتحاد رئيسا للدولة.
استطاع في عهده خلق ولاء للكيان الاتحادي عوضاً عن الولاء للقبيلة أو الإمارة وترسيخ مفهوم الحقوق والواجبات لدى المواطن، كما قام خلال أربعة عقود بأنفاق بضعة مليارات الدولارات في مساعدة قرابة الأربعين دولة فقيرة.
كان له دور كبير في حل المشاكل العربية، ساعد أيضاً كوسيط سلام بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) أثناء النزاعات الحدودية في عام 1980 وأيضاً نجحت وساطته في التوصل إلى حل لخلاف بين مصر وليبيا.