ليلة الإسراء والمعراج
لماذا جعل المولى تبارك وتعالى لنبيه دابة تحمله في الإسراء والمعراج ؟
هل يجوز إفراد صيام 27 رجب إذا وفق السبت؟
ما هي العبادات المستحبة لإحيائها؟
نشر موقع “صدى البلد”، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان حول ليلة الإسراء والمعراج، نرصد أبرزها في هذا الملف.
في البداية.. قالت الإفتاء من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: ليلة 27 رجب تبدأ من مغرب الجمعة وتنتهي فجر السبت، ومن أراد صيام يوم 27 رجب فالصيام يوم السبت، ويجوز صيام يوم السبت فقط على أنه يوم 27 رجب، مشددة على أن من استطاع صيام الجمعة أو الأحد مع يوم السبت فهو خير له.
وأوضحت الإفتاء أن التنفُّل بصيام يوم السابع والعشرين من شهر رجبٍ لا مانع منه شرعًا، بل هو من الأمور المستحبة المندوب إليها والمرغَّب في الإتيان بها وتعظيم شأنها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ يَومَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَتَبَ اللهُ لَهُ صِيَامَ سِتِّينَ شَهْرًا». وهذا الحديث وإن كان فيه ضعفٌ، إلا أنه ممَّا يُعمل به في فضائل الأعمال على ما هو مقرر عند الفقهاء في مثل ذلك.
ولقد تواردت نصوص جماعة من الفقهاء على استحباب صيام هذا اليوم؛ لما له مِن فضلٍ عظيمٍ وما فيه مِن أحداثٍ كبرى في تاريخ الأمة الإسلامية، ولكونه من الأيام الفاضلة التي يستحب مواصلة العبادة فيها، ومنها الصيام؛ فمن هؤلاء: الإمام أبو حنيفة؛ كما نقله عنه الإمام القرافي في "الذخيرة" (2/ 532)، والإمام ابن حبيبٍ وغيرُه؛ كما ذكره العلامة خليل في "التوضيح" (2/ 461)، والإمام الغزالي، والإمام الحطاب، بل نصَّ بعضهم على أنَّ صومه سُنَّةٌ؛ كالعلامة سليمان الجمل في "حاشيته على شرح منهج الطلاب" (2/ 249)، والعلامة شطا الدمياطي في "إعانة الطالبين" (2/ 306).
وشددت على أنه ينبغي أن يبادر المسلم في ليلة الإسراء والمعراج إلى الإكثار من الاستغفار ومن الدعاء لله عز وجل، مؤكدة أن هناك بعض الليالي التي يُستحب إحياؤها بالعبادة وفعل الخيرات.
كما قال الدكتور محمد عزت الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وخطيب الأوقاف في الجمعة الأخيرة من رجب، إن رحلة الإسراء والمعراج رفعت شأن العبودية في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن تكتفي بالحق عن الخلق، وأن يكون الله مقصودك في كل شيء.
وأشار خطيب الأوقاف، خلال خطبة الجمعة الأخيرة من رجب من مسجد الشاطئ بمحافظة بورسعيد تحت عنوان "الإسراء والمعراج وطلاقة القدرة الإلهية" إلى أن العبودية أقدس أماكنها المساجد إذ جاءت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فرضت الصلاة بلا واسطة لتكون معراج يومي للمسلمين.
وبين خطيب الأوقاف أن من أهم دروس رحلة الإسراء والمعراج، الأخذ بالأسباب إذ لا يتنافى مع التوكل على الله سبحانه فقد كان المولى سبحانه قادراً على أن يسري بنبيه بلا وسيلة، بل جعل وسيلته البراق لتكون تعليماً للأمة بضرورة الأخذ بالأسباب مع التوكل.
كما يقول الدكتور محمود الهواري، خطيب الجامع الأزهر، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، إن قصة الإسراء والمعراج تؤكد حاجتنا للإيمان بالله وبما غاب عنا، وأن أدوات الحس والمشاهدة والعقول مهما بلغت، فهي قاصرة عن إدراك الغيبيات، والأصل أنه لا تعارض بين العلم والإيمان، فأمتنا هي أمة العلم، علم الدين والدنيا، ودليل ذلك أن علماء الإسلام السابقين، كان لهم إسهام في الكثير من علوم الدنيا كالحساب والجغرافيا والفلك والطب والهندسة وغيرها، ولم تكن علومنا فقط مقتصرة على العلوم الشرعية.
وقال خطيب الجامع الأزهر، خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، وجاءت تحت عنوان: "الإسراء والمعراج..قراءة معاصرة"، إن رحلة الإسراء والمعراج هي أمر خارق لقانون الأسباب الذي اعتاده الناس في الدنيا، فبها قصة تخرق الأسباب، وحدث قرب نبينا صلى الله عليه وسلم من رب الأرباب، مضيفا أن هذه الرحلة، في ضوء واقعنا وما نعيشه، هي شيئ جديد، ورسالة لا يمل مطالعها من الإيمان بها حينا بعد حين، فقصة الإسراء والمعراج قصة تجديد الإيمان وبيان لمكان العقل من هذا الدين، وكشف لأخص صفة من صفات الأمة الإسلامية وهي الإيمان بالغيب.
وبين خطيب الجامع الأزهر أن رحلة الإسراء والمعراج تجدد فينا قضية الإيمان، تلك القضية التي يجب أن تتجدد فينا بأمر الله وبأمر رسوله "صلى الله عليه وسلم"، خاصة أننا في زمان طغت فيه المادة، وقدم فيه الإنسان الشهوة وأله ذاته، كما قدم هواه على الوحي، وقدم مراده على الشرع، وقدس العقل على النص، وقاس الغيب على الشهادة، مشددا على أنه وفي مثل هذه الأجواء تتأكد فينا قضية تجديد الإيمان، في الأفراد والمجتمعات والمؤسسات والأوطان، وذلك لأن الإيمان أمان للأفراد والأوطان على السواء، والذي يضمن الأمن حقا هو الإيمان.
واختتم خطيب الجامع الأزهر حديثه عن رحلة الإسراء والمعراج أن مراد الله تعالى في خلقه أن يكونوا أهل سلام ومسالمة مع الكون كله، لذا فنحن في حاجة إلى تجديد معنى قضية الإيمان وفهمها، وأن تتأكد فينا حقيقة أن الإيمان في أصله هو تسليم القلب لله، وأن تسلم ذاتك لربك، ومن ذلك قوله تعالى "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين"، وقد قدم لنا القرآن الكريم وصفا عجيبا للإيمان في أول آياته حين قال "ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"، ثم قدم وصف هؤلاء المتقين على أنهم "الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون"، وهو وصف دقيق قدم الله تعالى فيه الإيمان بالغيب، الذي هو عمل غيبي خالص، على الصلاة والزكاة، اللذان هما عمل بدني ومالي، وبما يتأكد معه أن الإيمان بما غاب عنا هو جوهر رسالة نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم"، وأن الرسل قد أرسلت لنؤمن بالغيب الذي لم تراه عقولنا.