الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بدء خطط معركة الصين.. لجنة خاصة بالكونجرس لمواجهة خطر بكين على أمريكا

أمريكا والصين
أمريكا والصين

"لن ننتظر أن يصل الوضع كما حدث من توغل روسيا داخل أوروبا، وحينها ستكون المعركة أشد" .. هكذا كان مخلص عدد من الاجتماعات المهمة التي عقدتها عدة جهات داخل الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة المخاطر التي تشكلها حكومة الصين على الأمن القومي الأمريكي في الملفات المتعددة، وكان على رأس تلك القضايا، هو ما رصدته الأجهزة الأمنية من مخطط بكين لشراء الأراضي الزراعية الأمريكية.

والملفت للنظر، أن تلك المعركة سوف تشهد توحد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خصوصا ما تشكيل لجنة مشتركة داخل الكونجرس الأمريكي لدراسة تلك القضايا، واقتراح القوانين اللازمة لخوض تلك المعركة، وهنا نرصد تفاصيل تلك التحركات داخل دوائر الحكم الأمريكية.

لجنة خاصة بمجلس النواب ... مخاطر الصين على أمريكا

وربما في خطوة هي الأولى داخل مجلس النواب الأمريكي، تم تشكيل لجنة جديدة داخل المجلس تكون مختصة بدراسة وتحليل العلاقات الأمريكية الصينية، وكيفية مواجهة مخاطر بكين وحكومتها على المصالح الأمريكية، وبالفعل عقدت تلك اللجنة أول جلسة استماع لها خلال هذا الأسبوع، وتحديدا يوم الثلاثاء الماضي، وذلك لاستكشاف التهديدات التي تشكلها الحكومة الصينية والحلول المحتملة من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي.

وخلال الجلسة الأولى، حرصت اللجنة على الاستماع لعدد من المسئولين ذوي الارتباط بالشأن الصيني، حيث تحدث أربعة شهود - من بينهم إتش آر ماكماستر، مستشار الأمن القومي للرئيس السابق دونالد ترامب، وتونج يي، السكرتير السابق للمعارض الصيني البارز وي جينغ شنغ – وكان هناك 3 قضايا هامة بهذا الصدد، وهي قضايا تتعلق بـ"الأمن القومي - المنافسة الاقتصادية - حقوق الإنسان".

خلال 3 ساعات.. الصين توحد نواب الحزبين على معاداتها

وخلال مدة الاجتماع الذي امتد ألى أكثر من ثلاث ساعات، استطاعت الصين أن توحد نواب الحزبين الأمريكيين على معاداتها، فقد قدموا حجة لكيفية حصول الحزب الشيوعي الصيني على السلطة في بلاده، وكذلك كيفية حصوله على الأسواق العالمية، وكيف استطاع تعريض المصالح الأمريكية للخطر، مع تحديد دقيق لتلك المخاطر التي يشكلها على بلادهم ومصالحهم حول العالم.

ووفقا لما نشرته الصحيفة الأمريكية NPR، فقد تعهد المشرعون ببذل المزيد للحد من تلك التهديدات وتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة، واستطاع نواب الحزبين التخلي عن الصراع السياسي بينهما - في لحظة من الوحدة النادرة بين الحزبين – وهو ما يشير إلى رؤية أمريكية جديدة تجاه الصين سوف يتم تطبيقها سواء كان الرئيس الأمريكي الجديد في 2024، جمهوري أو ديمقراطي.

"صراع وجود وردع العدوان" .. حكومة الصين بعيونيهم

وخلال الجلسة، قال النائب الجمهوري من ولاية ويسكونسن مايك جالاجر، وهو الذي يشغل رئاسة تلك اللجنة الجديدة : "قد نطلق على هذه المنافسة استراتيجية، لكنها ليست مباراة تنس مهذبة، فما بيننا وبين الحكومة الصينية في المرحلة الحالية، هو صراع وجودي حول الشكل الذي ستبدو عليه الحياة في القرن الحادي والعشرين"، فيما وصف المشرعون الديناميكية الأمريكية الصينية بأنها معقدة وتحتاج إلى اهتمام فوري، وهنا يقول النائب عن ولاية إلينوي، رجا كريشنامورثي، وهو العضو الديموقراطي البارز في اللجنة، إن الولايات المتحدة لا تريد حربًا - ساخنة أو باردة - مع الصين ، ولكن يجب أن تعمل لردع العدوان.

ولكن خلال كلماتهم بالاجتماع، حرص جالاجر وكريشنامورثي على التمييز بين الحكومة الصينية وشعبها، والذين يرون أنهم ضحايا لنظام قمعي، كما شددوا على ضرورة تجنب كراهية الأجانب ومحاربة الصور النمطية المعادية للصين أو الآسيويين بأي ثمن، وهي خطوة تأتي بعد تعطلت البيانات الافتتاحية بسبب رفع المتظاهرين المناهضين للحرب لافتات من بينها "الصين ليست عدونا" و "أوقفوا الكراهية الآسيوية"، وقال كريشنامورثي: "الحزب الشيوعي الصيني يعتمد على انقسامنا، ويجب أن نرتقي إلى مستوى المناسبة ونثبت خطأهم".

أولى قضايا الأمن القومي .. ملكية الأراضي الزراعية

وحرص المجتمعون على ترتيب القضايا محل الدراسة، وذلك وفق معايير المخاطر على الأمن القومي الأمريكي، وكان على رأس تلك القضايا، هي أحد المجالات المثيرة للقلق داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الملكية الأجنبية للأراضي الزراعية الأمريكية، حيث رصد التقارير الاستخباراتية الداخلية، أن هناك العديد من الكيانات الصينية تشتري ببطء المزيد من الأراضي الزراعية الأمريكية، ويرى بعض أعضاء الكونجرس أن ذلك يمثل تهديدًا للأمن القومي.

أحدهم هو النائب الجمهوري عن ولاية ساوث داكوتا، داستي جونسون، وهو عضو في اللجنة الجديدة التي تركز على الصين، وقد أخبر ستيف إنسكيب أنه في حين أن الصين ليست بأي حال من الأحوال لاعباً رئيسياً في الزراعة الأمريكية، فإن حيازاتها المتزايدة في الخارج مدعاة للقلق، وقال "الأمن الغذائي هو الأمن القومي، وأعتقد أننا رأينا أن روسيا كانت قادرة على ممارسة نفوذ لا داعي له على أوروبا لأنها زودتهم بالكثير من الغاز الطبيعي".

وتابع: "وبالمثل، إذا كانت الصين تسيطر على الإمدادات الغذائية في أمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وحتى في أمريكا الشمالية، يمكن أن يمنحهم ذلك المزيد من القوة ، والمزيد من القوة القسرية، على العالم ".

زيادة 10 أضعاف بـ7 سنوات .. 0.9% من أرض أمريكا

في الواقع ، تمتلك الصين نسبة صغيرة جدًا - حوالي 0.9 ٪ فقط - من جميع الأراضي الزراعية الأمريكية المملوكة لأجانب اعتبارًا من عام 2021، وذلك وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، ولكنها تقول أيضًا إن الاستثمار الزراعي الصيني في الخارج نما بأكثر من عشرة أضعاف بين عامي 2009 و 2016 فقط، وهو ما يثير قلق الكثيرين في تلك البلدان.

ويقول جونسون: "نتحدث عن هذه ليست كمية صغيرة من الطعام، ففي السنوات الأخيرة، زاد الحزب الشيوعي الصيني حيازاته من الأراضي الزراعية الأجنبية بنسبة 1000٪، فهم يمتلكون 1300 منشأة معالجة زراعية خارج الصين، وهذا العدد ينمو بسرعة، وتلك السياسة تدعو للقلق والعمل على وقف هذا المخطط"

القانون لا يقيد  والمزارع العائلية تحذر من الشركات

ووفقا للقوانين المنظمة لمليكة الأراضي داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يقيد القانون الفيدرالي مقدار الأراضي الزراعية الأمريكية الخاصة التي يمكن أن تكون مملوكة لأجانب، وذلك على الرغم من أنه يتطلب من الكيانات الأجنبية الكشف عن هذه المعلومات لوزارة الزراعة الأمريكية، حيث تختلف القيود المفروضة على مستوى الدولة على ملكية الأراضي الأجنبية، وذلك من ولاية إلى اخرى.

ولا يتفق بعض القطاعات داخل الولايات المتحدة الأمريكية على تصنيف امتلاك الصينيين للأرضي الأمريكية هو الخطر الأكبر، فالتحالف الوطني للمزارع العائلية وجماعات أخرى مناصرة ترى أن التهديد الأكبر للأمن الغذائي للولايات المتحدة هو شراء الأراضي من قبل الشركات، سواء كانت مملوكة للولايات المتحدة أو مملوكة لأجانب، كما يشير إلى هذا الرأى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية .

قانون يحذر محور الشر من امتلاك الأراضي

وقد أثارت عمليات الشراء الأخيرة - بما في ذلك استحواذ شركة صينية عام 2022 على الأراضي الزراعية بالقرب من قاعدة داكوتا الشمالية الجوية - مخاوف ودعمًا لمشاريع القوانين التي تحظر على دول بعينها شراء أراضي بأمريكا، ومن تلك القوانين، كان قانون PASS، والذي من شأنه أن يفرض حظراً فيدرالياً على شراء دول محور الشر - كما أسماهم بوش الإبن منذ أكثر من 15 عام - الصين أو إيران أو كوريا الشمالية أو روسيا للأراضي الزراعية الأمريكية أو منشآت المعالجة.

والنائب جونسون من بين أعضاء مجموعة من أعضاء الكونجرس المؤيدين لهذا القانون، وهو أحد الرعاة المشاركين لمشروع القانون، يقول إن الحيازات الصينية هي جزء صغير جدًا من إجمالي الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة في الوقت الحالي، لكن القضية قد تصبح محور تركيز أكبر للجنة مجلس النواب الجديدة، حيث تخطط اللجنة لجلسات استماع ميدانية مستقبلية، والتي يمكن أن تشمل السفر إلى دولة لتسليط الضوء على قضية استثمار الصين في الأراضي أو الأعمال التجارية الزراعية.

"شيء واحد سمعناه من شهودنا الليلة الماضية هو أننا لا نستطيع أن نمنح الحزب الشيوعي الصيني سلطة قسرية على اقتصادنا، سواء كان ذلك في التقنيات المتجددة أو معادن الأرض النادرة أو الفولاذ أو الصناعات الأخرى، والغذاء هو أحد المجالات التي نستمر فيها في الحفاظ على ميزة تنافسية ؛ وبالتأكيد يجب ألا ندع هذه الميزة تفلت من أيدينا" .. هكذا ختم جونسون حديثه عن تلك القضية.