الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وزير الأوقاف: العلم بأسماء الله عز وجل وصفاته مأمور به

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

قدم الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أولى حلقات برنامج: "الأسماء الحسنى"، وهو برنامج روحي يحلق بنا في معاني الأسماء الحسنى ودلالتها والدروس المستفادة من معانيها وأثرها في تقوية الحس الإيماني.

معاني الأسماء الحسنى

يأتي ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد، وأكد وزير الأوقاف أن ديننا دين عظيم سمح سهل لا تعقيد فيه ولا التواء، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يحدثنا ويقول: بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ) ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ - أي: لا نرى عليه أثر السفر فلا نراه غريبًا - ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ. 

وَقالَ: يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ): الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قالَ لِي: يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، وفي مقدمتها معنى الإسلام ومعنى الإيمان ومعنى الإحسان.


وتابع: حديثنا بإذن الله تعالى حول جانب من أهم جوانب الإيمان؛ فعقيدتنا أننا نؤمن بالله الواحد الأحد، خالق الخلق، ومالك الملك، وأنه (سبحانه وتعالى) عالم الغيب والشهادة، لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء، يحيط علمه بكل شيء، ولا يحيط به شيء، وأنه (جلا وعلا) هو الحق المبين، لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، وليس له كفؤ ولا ند ولا نظير ولا شريك ولا شبيه ولا ضريب، هو الأول بلا بداية وهو الآخر بلا نهاية، الله نور السموات والأرض.

وأكمل: وهو الحي الذي لا يموت، أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون وهو الحي القيوم الرحمن الرحيم له الأسماء الحسنى ندعوه بها، مؤكدًا أن الإيمان بأسماء الله الحسنى جزء لا يتجزأ من إيماننا بالله (عز وجل) فمعرفة الله (عز وجل) تقتضي معرفة أسمائه الحسنى وفهم معانيها، يقول الحق سبحانه: "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، والإلحاد هنا هو الانحراف عن هذه الأسماء أو الانحراف في معانيها، ويقول سبحانه: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى" ويقول سبحانه: "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى"، والمعنى: أدعوه يا ألله أو أدعوه يا رحمن فبأي أسمائه سبحانه وتعالى دعوتم فله الأسماء الحسنى.

وأشار وزير الأوقاف: العلم بأسماء الله ووحدانيته وصفاته مأمور به، حيث يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ"، ويقول سبحانه: "فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، ويقول سبحانه: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ"، ويقول سبحانه: "نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ"، ويقول سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ"، ويقول سبحانه: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ"، ويقول سبحانه: "إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ"، ويقول سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ"، والمراد بإحصاء هذه الأسماء هو فهم معانيها والتعبد إلى الله (عز وجل) بمقتضاها، قال ابن القيم (رحمه الله) الإحصاء هنا على ثلاث مراتب: إحصاء ألفاظها وعددها، وفهم معانيها ومدلولها، ودعاؤه سبحانه بها، وقال الإمام النووي (رحمه الله ) في شرحه لحديث: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ" اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسماء الله سبحانه وتعالى، وليس معناه أنه ليس لله (عز وجل) أسماء أخرى غير التسعة والتسعين اسما.

وشدد وزير الأوقاف: إنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد بالإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصرها، ويدل على أنها غير محصورة في هذه الأسماء حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم): "ما أصاب عبدًا قط همٌّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدُك، وابنُ عبدِك وابنُ أمتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيّ حكمُك، عدلٌ فيّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علمته أحدًا من خلقِك، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همي وغمي، إلا أذهب اللهُ همَّه وغمَّه وأبدله مكانه فرحًا"، قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسولَ اللهِ، قال: بلى ينبغي لمن يسمعُهن أن يتعلمَهن"، فدعانا النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى تعلم هذه الأسماء، وبين أنها ليست محصورة في هذه الأسماء فهناك ما استأثر الله به في علم غيب، وهناك ما أنزله في كتابه، نؤمن بها، ونؤمن أن لله (عز وجل) كل كمال وكل جلال وكل جمال، له الأسماء الحسنى ندعوه بها.

ودعا قائلا: اللهم ارزقنا بركة هذه الأسماء واجعلنا من الذاكرين لك بها المدركين لمراميها المؤمنين بمضامينها وهيئ لنا من أمرنا يسرًا.