تخطط دول معينة للتخلي عن هيمنة الدولار في ظل سيطرته على الاقتصاد العالمي وارتفاعه غير المسبوق؛ حيث دأبت البرازيل والصين الأسبوع الماضي بالاتفاق على استخدام عملتيهما المحليتين في التبادل التجاري فيما بينهما، بدلًا من استخدام الدولار.
والآن يتحدث قادة الدول الكبيرة اقتصاديا مثل البرازيل وفرنسا وقبلها الصين أيضا عن الحاجة إلى الابتعاد عن العملة الأمريكية، ما يدل على وجود رفض عالمي للأموال "الخضراء".
لكن السؤال الرئيسي هو أين اليوان الصيني الذي تم اقراره في وقت سابق؟ ولماذا لا يندرج ضمن العملات التي يمكن تخزين الاحتياطيات فيها؟
في عام 2019 قررت روسيا والصين الاستغناء عن العملة الأمريكية في الحسابات التجارية بينهما والاعتماد على العملات الوطنية، وذكرت صحيفة روسية أن البلدين وقعا اتفاقا حكوميا بهذا الشأن؛
كما اعلنا رئيس البرازيل لولا دا سيلفا ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضا عن الحاجة إلى الابتعاد عن الدولار وعدم الاعتماد عليه".
وكقوى عظمي يلعب كلا من الصين والبرازيل أدوارًا مهمة في شكل السوق العالمي، فالصين هي صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، فيما تعتبر البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ويعدّ الاتفاق الذي جرى بينهما هو الأول من نوعه الذي تعقده الصين مع إحدى دول أمريكا اللاتينية، لا سيما وأن بكين هي الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار العام الماضي.
جاء الاتفاق خلال منتدى أعمال صيني برازيلي رفيع المستوى عقد الأربعاء في بكين، ويعدّ خطوة جديدة تضاف لسلسلة من الاتفاقيات السابقة نحو التعامل بالعملات المحلية بدلًا من العملة الأمريكية، فيما تستمر الصين بضم المزيد من الدول إلى دائرة البلدان المتعاملة باليوان والعملات المحلية في التجارة الخارجية.
تركيا على خط خلع الدولار
وعلى خطى تركيا الناجح في الابتعاد عن التسويات بالدولار في الأسواق الدولية، بدأت فرنسا والبرازيل تحذوان حذوها".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد دعا قبل 6 سنوات إلى تحويل التجارة إلى العملات الوطنية الأمر الذي كان بمثابة نموذج للعالم كله، بحسب ما ذكره مؤلفو المقالة.
وتمكنت تركيا في الأشهر الثلاثة ونصف الأولى من هذا العام من زيادة التجارة الخارجية بالليرة بنسبة 89.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022 بما يصل إلى 54.7 مليار ليرة، وزادت الواردات بالعملة الوطنية للبلاد بنسبة 170.8% وبلغت 138.5 مليار ليرة.
.ومع ذلك، فإن تدفق رؤوس الأموال من الدولار واليورو مقيد بحقيقة أنه لا يوجد مكان لاستثمار الأموال على نطاق عالمي، فرؤوس الأموال الكبيرة لم تعد تجلب الأرباح في أي مكان في العالم، الذي يمر بأزمة عالمية من الإفراط في الإنتاج.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، كجزء من حربها ضد الاتحاد السوفيتي، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، مهتمة بـ "قصص النجاح" في ألمانيا الغربية، واليابان، وكوريا الجنوبية، ولاحقا في الصين، تحت سيطرتها، وكجزء من سياساتها لإبعاد الصين، التي ما زالت اشتراكية، عن الاتحاد السوفيتي. بمعنى أن الولايات المتحدة منحتها استثمارات ونصيبا من سوقها، لكن في المقابل، كان على هذه الدول أن تعيد جزءا كبيرا من الدخل إلى الولايات المتحدة على هيئة استثمارات في الديون الأمريكية. في هذا النظام، كان من المفترض أصلا ألا تستعيد هذه الدول هذه الأموال أبدا. ولن يكون هذا ممكنا إلا بإعادة التوجيه السياسي، والانسحاب من المعسكر الأمريكي، وهو ما لن تسمح به الولايات المتحدة، بما في ذلك باستخدام الوسائل العسكرية.