توضأ الشاعر الكبير نزار قباني، الذي تحل اليوم، الأحد، ذكرى رحيله، بماء دمشق وياسمينها، وغنى للمرأة فأترفها وأغرقها في بحور من العطر والبخور، في قصائده حوَّل كل امراة إلى حورية بحرية، لا جنيه ولا أنسية، تتسامق إليه كأشجار غابات أفريقيا.
أشعاره عن المرأة، سببت له في بعض الأوقات أزمات، واتهامات، لكنه ظل يكتب عنها، معتبرها وطنا، لا فرق بينها وبين البلد، ورغم كتابته عنها اعتبرها في النهاية عاشقة لما يحدث لها من الرجل.
نزار قباني: المرأة تريد مائدة من سبعة ألوان دون أن تدخل المطبخ
وفي حوار نادر له نشر سنة 1993 في مجلة «الثقافة.. مدحة عكاش»، رد نزار على سؤال: “إن المرأة العربية تبدو ضائعة، تطمح إلى أن تكون شيئًا وأن تقدم شيئًا فكيف تقيم جسرا بين طرفيها يربد بين طموحها واقعها؟”، قائلا: «إن المرأة ليست ضائعة أبدا، ولكنها سعيدة بضياعها، ومستريحة لما قسمه الله عليها، إنها تريد من يمضغ عنها لقمة الحرية، ومن يبلعها أيضا، تريد مائدة من سبعة ألوان دون أن تدخل المطبخ، وتريد أن تقود انقلابا ضد ذکور في القبيلة دون أن تطلق رصاصة واحدة، وليس في قواميس الحرية، حرية (بالبلاش)، ولا في تاريخ الثورات، ثورة بلا شهداء».
قباني: المرأة لم تكن متحمسة لربح قضيتها ضد الرجل
وتابع قباني: «لم يقاتل شاعر من أجل المرأة مثلي، ولم يشتغل أحد محاميا بالمجان خلال نصف قرن من أجل استصدار حكم ببراءتها كما فعلت أنا، ولكنني أعترف اليوم، المرأة لم تكن متحمسة لربح قضيتها ضد الرجل، فخلال الجلسات كانت تحاول أن تهرب لزوجها من وراء القضبان، بسبب كيس شوكولاتة، أو رسالة غرامية، كانت تريد أن يأخذوه إلى السجن، على شرط أن ينام في البيت، وكانت تريد أن يحكموا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة ثم تبيع أساورها لإطلاق سراحه، وباختصار إن دعاوى المرأة ضد الرجل هي دعاوى (أونطة)، وليس صحيحا أن المرأة تريد أن تقتل شهريار، فهي بالطابور على بابه حتى یا خون لها بالدخول فراشه، وينجب من عشرة أطفال، لن يتذكر أسماءهم، ثم يرسل لها ورقة الطلاق، أو يذبحها، هذه هي قناعاتي، ولو أرادت المرأة أن تقلب الطاولة فوق رأس الرجل وتخلعه من السلطة، وتعيده إلى بيت أمه، لكانت ربحت المعركة منذ زمن طويل».