الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف نرضى ونسلم لقضاء الله في الكوارث والمصائب؟.. علي جمعة يستشهد بمواقف للنبي

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، تركنا رسول الله ﷺ وقد علمنا المبادئ العليا، مَنْ تمسك بها: نجا، وَمَنْ تخلى عنها: دخل في أزمات، وكوارث، ومصائب، لا نهاية لها، وتركنا على المحجة البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إِلَّا هالك.

 

كيف نرضى ونسلم لقضاء الله؟

وتابع علي جمعة خلال خطبة الجمعة: "الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وجعل رسولنا إمام النبيين، وخاتمًا للمرسلين، صلى الله عليه وآله وسلم، في كل كلمة، وموقف، في سيرة سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم، في كل حديث، تسير فيه المبادئ؛ سريان الماء في الورد، ينبغي عليك أن تقف عندها، وأن تتأمل فيها، وأن تستخرج معانيها، وأن تقضي بقضائها.

 

يقول الحق سبحانه وتعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، عباد الله، علمنا رسول الله ﷺ في مواقف كثيرة: أن نقدم مصلحة الأمة، على كل مصلحة، علمنا ﷺ: أن نرضى، وأن نسلم لقضاء الله، فلا يكون في كونه إِلَّا ما أراد.

كما علمنا ﷺ: أن نلين في أيدي إخواننا، وأن نكون أمة واحدة، سِلْمًا لِمَنْ سالمنا، وحربًا على مَنْ اعتدى علينا، علمنا رسول الله ﷺ: الصدق في القول، ونهانا عن الكذب، وعن الخيانة، وعن الْفُجْر في الخصومة؛ فإن الدنيا فانية.

وتابع: النبي ﷺ يقول: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل»، ويقول: «ازهد فيما في أيدي الناس: يحبك الناس، وازهد في الدنيا: يحبك الله».

 

جاء سهيل بن عمرو، في قصةٍ طويلةٍ، في صلح الحديبية؛ ليكتب اتفاقًا بين النبي وبين قريش؛ وقد منعوه وأصحابه: البيت الحرام، وهم محرمون، لا يقصدون إِلَّا الله، وَإِلَّا أداء النُّسك. جاء سهيل بن عمرو، واتفق مع سيدنا ﷺ: أن يكتب صلح الحديبية، والكاتب حينئذ: علي بن أبي طالب. فكتب علي، على البداهة، وكما تَعَلَّم: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا نعرف: الرحمن الرحيم. قال: «امح يا علي، واكتب: باسمك اللهم ... » فقدم مصلحة الأمة على هذا الشكل؛ وإن كان شكلًا مهمًّا؛ فإن {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: آية من (الفاتحة)، و (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): بدأ الله بها السور، و (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): كانت تذكر على كل ذي بال. «فكل أمر ذي بال، لا يبدأ ببسم الله فهو أبتر، -أو أقطع-، -أو أجزم-». روايات. لكنه يُعَلِّمُ الأمة: أن مصلحة الأمة، فوق كل شيء.« ... هذا ما عاهد عليه محمدٌ رسول الله: سهيل بن عمرو». فكتب علي.

فقال: لو علمنا أنك رسول لله: ما قاتلناك.
قال: «امح يا علي، واكتب: هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله: سهيل بن عمرو». قال علي: والله، لا أمحوها أبدًا. هذا أمرٌ يتعلق بالنبي، ولا يستطيع علي أن يمحو صفة الرسالة، عن سيد الأكوان، وعليها قاتل في بدرٍ، وفي أُحُد، وفي الخندق، وفي سائر الغزوات.

أمرٌ يَمَسُّ شخص النبي ﷺ، فيقوم الفارس النبيل برفض هذا الأمر، حتى لو خرج من سيدنا، وسيد الكائنات. والله، لا أمحوها أبدًا. فأخذ النبي ﷺ الكتاب من علي، ومحاها بريقه الشريف؛ تقديمًا لمصلحة الأمة، على حال الفرد، وما يصيبه من أذية من المشركين، عبدة الأوثان، من المفسدين في الأرض، من الذين اتفق العقلاء على سوء حالهم، وعلى كفر طويتهم؛ إِلَّا أن النبي ﷺ قَدَّمَ مصلحة الأمة، على شخصه الكريم.

فمحاها بريقه الشريف، حتى ظن بعض الناس: أن النبي قد تعلم القراءة والكتابة؛ لأنه عرف ما يمحو، والنبي كان أميًّا، معجزةً في حقه، نقصًا في حق الناس.

وشدد علي جمعة: كانت معجزة في حقه؛ لأن هذا القرآن لا يصدر من أميٍّ أبدًا، فكان خالصًا لله سبحانه وتعالى. محا النبي؛ لأنها كانت آخر كلمة: رسول الله، وكتب علي: (هذا ما عاهد عليه محمد بن عبد الله: سهيل بن عمرو).