الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لمن لا يستطيع الذهاب الى الحج .. احرص على هذه العبادة

موسم الحج
موسم الحج

يكثر مع دخول موسم الحج، البحث عن الأعمال التي يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة، خاصة وأن ثواب هذه الأعمال ثابت بالسنة النبوية. 

وفي بيان الأعمال التي يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة، كشف مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية عن ثواب بر الوالدين والإحسان إليهما وأنه كثواب الحج والعمرة؛ فقد أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ، وَإِنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَالِدَيْكَ؟» قَالَ: أُمِّي، قَالَ: «فَاتَّقِ اللهَ فِيهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ، وَمُجَاهِدٌ، فَإِذَا دَعَتْكَ أُمُّكَ فَاتَّقِ اللهَ وَبِرَّهَا». [أخرجه البيهقي في شُعب الإيمان]. 

الأعمال التي يعدل ثوابها ثواب الحج والعمرة

وفي بيانه آداب بر الوالدين، قال الدكتور السيد مسعد وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة، إنه لا منعم بعد الحق سبحانه على العبد كالوالدين بما جعل الله فيهما من قوى التوالد ، وعاطفة الحب والتضحية بالراحة والجهود في سبيل تربية الولد وتنميته وصيرورته رجلاً عاملا في الحياة.

وتابع: من أجل ذلك  عظّم الإسلام حقوق الأبوين فأوجب البر بهما والإحسان إليهما ، إذ الإحسان إليهما له أثر عظيم في تكوين الأسرة الصالحة التي هي لبنة في بناء المجتمع فإذا صلحت الأسرة صلح بها المجتمع ، فترى البار بوالديه محبوبًا لدى الناس ، محببًا إلى القلوب، مقربًا إلى النفوس ، يتمنى الناس وده والقرب منه، ويتأهب الجميع لمساعدته إذا وقع في ضيق أو حرج . أما العاق لوالديه، فإن الله يبغضه ويسخط عليه فلذلك لا قبول له في الدنيا، ولا محب له من الناس، الجميع ينفر منه ويهرب عنه، فهو شر وقد يلحق شره غيره .

وقد أخبر رسول اللّه أنّ برّ الوالدين أفضل الأعمال بعد الصّلاة الّتي هي أعظم دعائم الإسلام : فعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله؟ قال: « الصلاة على وقتها » . قال : ثم أي؟ قال: « ثم بر الوالدين » . قال: ثم أي ؟ قال : « الجهاد في سبيل الله ». 

قال النووي : بر الوالدين هو الإحسان إليهما ، وفعل الجميل معهما وفعل ما يسرهما ويدخل فيه الإحسان إلى صديقهما .

وقد فصل ابن الجوزي في البر فقال :(برهما يكون بطاعتهما فيما يأمران به ما لم يكن بمحظور، وتقديم أمرهما على فعل النافلة، والاجتناب لما نهيا عنه، والإنفاق عليهما، والتوخي لشهواتهما، والمبالغة في خدمتهما، واستعمال الأدب والهيبة لهما، فلا يرفع الولد صوته، ولا يحدق إليهما، ولا يدعوهما باسمهما، ويمشي وراءهما، ويصبر على ما يكره مما يصدر منهما).

وقد قال الإمام القرطبي : الإحسان إلى الوالدين برهما وحفظهما و صيانتهما وامتثال أمرهما وإزالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما.

وقال بعضهم : إن جماع الإحسان المأمور به أن يقوم بخدمتهما ولا يرفع صوته عليهما ولا يخشن في الكلام معهما ، وأن يسعى في تحصيل مطالبهما والإنفاق عليهما بقدر سعته ، وأنت تعلم أن من فعل ذلك وهو لا يلقاهما إلا عابسا مقطبًا ، أو أدى النفقة التي يحتاجان إليها ، وهو يظهر الفاقة والقلة فإنه لا يعد محسنًا بهما). 

يقول صاحب المنار في قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا)" وقد اختير في هذه الآية وأمثالها الأمر بالواجب من الإحسان على النهي عن مقابله المحرم وهو الإساءة مطلقًا ، للإيذان بأن الإساءة إليهما ليس من شأنها أن تقع فيحتاج إلى التصريح بالنهي عنها في مقام الإيجاز ; لأنها خلاف ما تقتضي الفطرة السليمة والآداب المرعية عند جميع الأمم ". 

"ولو لم يرد في التنزيل إلا قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا) ولو غير مكرر لكفى في الدلالة على عظم عناية الشرع بأمر الوالدين ، بما تدل عليه الصيغة والتعدية ، فكيف وقد قرنه بعبادته وجعله ثانيها في الوصايا ، وأكده بما أكده به في سورة الإسراء ، كما قرن شكرهما بشكره في وصية سورة لقمان فقال (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير). 

وإنما جعل الإحسان إلى الوالدين تاليًا لعبادة الله تعالى من وجوه : أنهما سبب وجود الولد كما أنهما سبب التربية ، وغير الوالدين قد يكون سبب التربية فقط، فلا إنعام بعد إنعام الله تعالى أعظم من إنعام الوالدين . 

ومنها: أن إنعامهما يشبه إنعام الله تعالى من حيث إنهما لا يطلبان بذلك ثناءً ولا ثواباً. 

ومنها: أنه تعالى لا يمل من إنعامه على العبد وإن أتى بأعظم الجرائم ، فكذا الوالدان لا يقطعان عنه مواد كرمهما وإن كان غير بارٍ بهما. 

ومنها: أنه لا كمال يمكن للولد إلا ويطلبه الوالد لأجله ويريده عليه ، كما أن الله تعالى لا خير يمكن للعبد إلا وهو يريده عليه ، ومن غاية شفقة الوالدين أنهما لا يحسدان ولدهما إذا كان خيراً منهما بل يتمنيان ذلك بخلاف غيرهما فإنه لا يرضى أن يكون غيره خيرًا منه . وتعظيم الوالدين أمر معتبر في جميع الشرائع ومركوز في كل العقول. 

الإحسان إلى الوالدين

والإحسان في المعاملة يعرفه كل أحد، وهو يختلف باختلاف أحوال الناس وطبقاتهم ، وإن العامي الجاهل ليدري كيف يحسن إلى والديه ويرضيهما ما لا يدري العالم النحرير إذا أراد أن يحدد له ذلك ). 

قال ابن القيم : ليس من بر الوالدين أن يدع الرجل أباه يكنس الكنف ويكاري على الحمر ويوقد في أتون الحمام ويحمل للناس على رأسه ما يتقوت بأجرته وهو في غاية الغنى واليسار وسعة ذات اليد وليس من بر أمه أن يدعها تخدم الناس وتغسل ثيابهم وتسقي لهم الماء ونحو ذلك ولا يصونها بما ينفقه عليها.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ  ، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِى قَالَ : « أُمُّكَ » . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : « أُمُّكَ » . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : « أُمُّكَ » . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : « ثُمَّ أَبُوكَ ». 

قال ابن بطال : مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر ، قال : وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع ، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها ، ثم تشارك الأب في التربية . وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى : ﵟ‌وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُﵞ  فسوى بينهما في الوصاية ، وخص الأم بالأمور الثلاثة . قال القرطبي : المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر ، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة . وقال عياض : وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب ، وقيل : يكون برهما سواء ). 

قال النووي : وفيه الحث على بر الأقارب وأن الأم أحقهم بذلك ثم بعدها الأب ثم الأقرب فالأقرب ، قال العلماء : وسبب تقديم الأم كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق في حمله ثم وضعه ثم إرضاعه ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك ونقل الحارث المحاسبي إجماع العلماء على أن الأم تفضل في البر على الأب وحكى القاضي عياض خلافا في ذلك فقال الجمهور بتفضيلها وقال بعضهم يكون برهما سواء قال : ونسب بعضهم هذا إلى مالك والصواب الأول لصريح هذه الأحاديث في المعنى المذكور والله أعلم. 
وبر الوالدين سبب من أسباب استجابة الدعاء :
ورد أن أويسًا القرني كان باليمن يخدم أمه ، فلما سمع ببعثة النبي أسلم وآمن ، ولكن مقامه في خدمة أمه منعه من الهجرة إلى المدينة وصحبة رسول الله فعلم النبي بخبره وأمر عليًا وعمر – رضي الله عنهما – إن لقياه أن يسألاه الدعاء. 

عن عمر قال : سمعت رسول الله يقول : « يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ». 

وإذا كان بر الوالدين سببًا لاستجابة الدعاء ، والقرب من رحمة رب العالمين فإن العقوق يبعد صاحبه عن طريق الجنة : 
عن أبي هريرة عن النبي قال :« رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف ». قيل : من يا رسول الله ؟ قال :« من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة».