الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دخلت الطوارئ بسبب "السرطان" فأصابت المسعفين بالمرض.. من هي المرأة الأمريكية السامة؟

جلوريا راميريز
جلوريا راميريز

دخلت امرأة تعاني من مرض سرطان عنق الرحم إلى قسم الطوارئ بإحدى المستشفيات الأمريكية بسبب مرضها المزمن وعندما أخذ مسعفو الطوارئ عينة دماء منها لتحليلها، فوجئوا بأكبر الألغاز الطبية في التاريخ حيث بدأوا في السقوط على الأرض واحدًا تلو الآخر مما تسبب في إخلاء قسم الطوارئ على وجه السرعة.

كانت جلوريا راميريز، من ريفرسايد كاليفورنيا، تعاني من المرحلة الرابعة من سرطان عنق الرحم وتعرضت لأزمة صحية صعبة ذهبت على إثرها إلى مستشفى ريفرسايد العام في 19 فبراير 1994 حيث كانت تعاني من خفقان شديد في القلب ونظرًا لسوء حالتها قرر المسعفون استخدام جهاز مزيل الرجفان.

دماء برائحة الأمونيا

وعندما قام المسعفون بإزالة قميص جلوريا فوجئوا بوجود كريم زيتي مغطي جسمها تنبعث منه رائحة الثوم. وساءت الأمور أكثر وأكثر عندما أجرت ممرضة فحص دم روتيني لجلوريا وشعرت برائحة الأمونيا. بل وعندما سلمت الحقنة المملوءة بدماء المريضة إلى الدكتورة جولي جورشينسكي؛ فوجئت الطبيبة بوجود جزيئات تشبه الكريستال تطفو حولها.

ثم فقدت الممرضة وعيها، وبعد لحظات بدأت الدكتورة جورشينسكي تشكو من الشعور بالغثيان ثم غادرة غرفة الطوارئ سريعًا قبل أن تفقد وعيها، ثم انهار بعدها الطبيب المسئول عن علاج الجهاز التنفسي لجلوريا بالغرفة. 

بعد ذلك، أكدت مجلة Discover Magazine أن 23 من موظفي الطوارئ قد عانوا بسبب جلوريا من عرض مرضي واحد على الأقل من بينهم التشنجات العضلية والشعور بالغثيان والإغماء. بل تم إخلاء قسم الطوارئ حينها كإجراء احترازي وعلاج المرضى في موقف السيارات التابع لها.

المرأة السامة

لم يتبقى سوى عدد قليل من طاقم الطوارئ لإسعاف جلوريا التي أطلق عليها منذ ذلك الحين لقب المرأة السامة وتوفيت بعد 45 دقيقة فقط من وصولها للمستشفى وقال الطبيب الشرعي بعد ذلك أنها توفيت بسبب الفشل الكلوي المتعلق بالمرحلة النهائية من سرطان عنق الرحم. بحسب موقع ديلي ستار.

أبخرة سامة

اشتبه في البداية أن هناك نوعًا ما من الأبخرة السامة قد أصابت طاقم الطوارئ بالمرض لكن تم تفتيش الغرفة بحثًا عن أيًا من علامات المواد الكيميائية الخطرة ولم يجدوا شيئًا، كما تم تشريح جثمان جلوريا للبحث عن أية إجابات لكن الطبيب الشرعي قال أن لا يوجد شئ ملحوظ.

أرسلت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في كاليفورنيا محققين إلى المستشفى وقاموا باستجواب الموظفين. وعندما لم يتمكنوا من العثور على أي شيء يشير إلى أن الأبخرة تسببت في الأعراض التي يعاني منها الموظفين، خلصوا إلى أنها كانت حالة هستيريا جماعية، وأن رائحة عينة دم جلوريا ربما تكون المحفز. 

انتقد موظفي الطوارئ هذا التقرير وخاصة الدكتورة جورشينسكي التي وصفته بأنه هراء وفقًا لصحيفة لوس أنجلوس تايمز قائلة إن آخر ما تتذكره هو استنشاق حقنة الدم. وعندما استيقظت كانت تعاني من أعراض تشمل الصداع وتشنجات العضلات وضيق التنفس.

مرض الطبيبة المحللة لدماء جلوريا

بل ظلت الدكتورة جورشينسكي في المستشفى لأكثر من أسبوعين وكانت بحاجة إلى جهاز لمساعدتها على التنفس. وأصيبت بالتهاب البنكرياس وخضعت أيضًا لعملية جراحية في الركبة بعد أن بدأ عظم ركبتها في التدهور بسبب نقص الدورة الدموية.

وأصر أطبائها على أن سبب حالتها هو استنشاق نوع من الأبخرة السامة حيث لم يجدوا أي سبب آخر لاعتلال صحتها. وكانت الدكتورة جورشينسكي مقتنعة بأن الأبخرة جاءت من دم جلوريا وانتهى بها الأمر برفع دعوى قضائية بقيمة 6 ملايين دولار ضد المستشفى.

لكن في عام 1997، قامت مجموعة من العلماء من مختبر لورانس ليفرمور الوطني بمراجعة الحالة وتوصلوا إلى نظرية أخرى تشير إلى أن التفاعل الكيميائي المتسلسل يمكن أن يكون السبب. 

لقد توقعوا أن جلوريا ربما كانت تستخدم المذيب الشائع ثنائي ميثيل سلفون، أو DMSO، كعلاج منزلي للألم الذي كانت تعاني منه.

ثنائي ميثيل سلفون، أو DMSO لا يتسبب في وفاة البشر، ولكن من المعروف أنه ينتج رائحة تشبه رائحة الثوم، وهو على بعد ذرة أكسجين واحدة فقط من كبريتات ثنائي ميثيل شديدة السمية، والتي يمكن أن تكون خطرة للغاية على البشر حتى لو استخدمت بكميات صغيرة. 

غاز حرب في الحرب العالمية الأولى

واقترح الباحثون أنه عندما تم إعطاء جلوريا الأكسجين من قبل موظفي المستشفى، تفاعل DMSO الموجود في مجرى الدم مع ثنائي ميثيل سلفون وتحول إلى ثنائي ميثيل سلفات، والذي تم استخدامه كغاز حرب في الحرب العالمية الأولى.

وأشار العلماء إلى أن الأعراض التي ظهرت على موظفو الطوارئ كانت "متوافقة تمامًا" مع التعرض لغاز ثنائي ميثيل السلفات.

لكن نظريتهم واجهت رد فعل عنيفًا من علماء آخرين، الذين أشاروا إلى عدم وجود حالات أخرى تفاعل فيها ثنائي ميثيل سلفون في جسم به فائض من الأكسجين لتكوين ثنائي ميثيل سلفات.

وفي تقريرهم، اعترف علماء مختبر لورانس ليفرمور الوطني أيضًا أن نظريتهم لا تثبت ما حدث، ولكنها تشير ببساطة إلى سبب محتمل. وحتى يومنا هذا لا يمكن لأحد أن يعرف بالضبط ما حدث، ومن المرجح أن اللغز الطبي سيظل لغزا.