قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في بيان حياء النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان سيدنا رسول الله ﷺ أشدَّ النَّاس حياءً، وأكثرهم عن العورات إغضاءً، غير فاحشٍ، ولا مُتفحِّش، ولا صخَّاب في الأسواق، يُكُنِّي عما اضطره الكلام إليه مما يَكره، ولا يُواجِه أحدًا بما كَرِه، ولَا يفضحه بسوء ما صَنَعَ، ولا يثبّت بصره في وجه أحد؛ حياءً منه وكرمَ نفسٍ ﷺ.
هل النبي حي في قبـره وما مدى أثر تلك الحياة علينا في حياتنا الدنيا ؟
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء: إذا كان المقصود من حياة النبي ﷺ في قبره ﷺ بأنه لم ينتقل من حياتنا الدنيا، ولم يقبضه الله إليه فذلك باطل بنص القرآن الكريم، قال تعالى : " وما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ " " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ".
وتابع علي جمعة: النبي ﷺ انتقل من هذه الحياة الدنيا، ولكن بانتقاله هذا لم ينقطع عنا ﷺ وله حياة أخرى هي حياة الأنبياء، وهي التي تسمى الحياة بعد الموت، أو الممات كما سماها ﷺ ؛حيث قال: «حياتي خير لكم تُحدثون ويَحْدُث لكم. ومماتي خير لكم، تُعرض علي أعمالكم؛ فما رأيتُ من خير حمدت الله، وما رأيتُ من شر استغفرت الله لكم».
وقال ﷺ : « ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي؛ حتى أرد عليه السلام»، وهذا الحديث يدل على اتصال روحه ببدنه الشريف ﷺ أبدًا؛ لأنه لا يوجد زمان إلا وهناك من يسلم على رسول الله ، وحياة النبي ﷺ بعد انتقاله ليست كحياة باقي الناس بعد الإنتقال.
وقد صح أن الأنبياء عليهم السلام يعبدون ربهم في قبورهم، فعن أنس؛ أن النبي ﷺ قال : «مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره»، وعنه ﷺ : «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون».
وأوضح: يدل هذا الحديث على أنهم أحياء بأجسادهم وأرواحهم لذكر المكان؛ حيث قال : «في قبورهم»، ولو كانت الحياة للأرواح فقط لما ذكر مكان حياتهم، فهم أحياء في قبورهم حياة حقيقية كحياتهم قبل انتقالهم منها، وليست حياة أرواح فحسب؛ كما أجسادهم الشريفة محفوظة يحرم على الأرض أكلها، فقد صح عنه ﷺ؛ أنه قال : «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».
وقال: النبي ﷺ حي في قبره بروحه وجسده الشريف محفوظ كباقي إخوته من الأنبياء، وهو يأنس بربه متعبدًا في قبره، متصلاً بأمته، يستغفر لهم، ويشفع لهم عند الله، ويرد عليهم السلام، وغير ذلك الكثير، فمن كذب بحياة النبي ﷺ في قبره بعد انتقاله، فقد كذبه ﷺ فيما ذكرنا من الأحاديث، ومن كذب أنه انتقل من حياتنا الدنيا، فقد كذب ما ذكرنا من القرآن.
وشدد: الصواب هو أن تثبت انتقاله ﷺ من الحياة الدنيا، وتثبت حياته ﷺ في قبره، وأنه يعبد ربه، ويرد السلام على من سلم عليه، ويشفع لأمته، ويستغفر لهم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ﷺ والله تعالى أعلى وأعلم.