الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حيتان الدروس الخصوصية.. يتحدون القانون وهدايا بالملايين للمتفوقين من طلبة السناتر| حكاوي

الطلاب في أحد سناتر
الطلاب في أحد سناتر الدروس الخصوصية

لا تزال آفة الدروس الخصوصية واحدة من أهم التحديات التي تواجه الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والأسر المصرية التي لديها طلاب بمختلف المراحل التعليمية، سواء ما قبل الأساسي أو الأساسي، والتي تستنزف جميع مقدرات ومدخرات المصريين من أجل تعليم طلابهم.

أحد سناتر الدروس الخصوصية 

حيتان الدروس الخصوصية

وعملت الحكومة خلال السنوات الماضية على إصدار تشريعات وقوانين واتخاذ إجراءات من أجل الحد أو تقنين مسألة الدروس الخصوصية التي أصبحت أزمة حقيقية تعاني منها جميع الأسر المصرية لسنوات طوال، وبلغ حجم الإنفاق عليها 12 مليار جنيه سنويا. 

وظهرت مجموعة من حيتان الدروس الخصوصية خاصة مع انتشار السوشيال ميديا، والتي ساهمت في الترويج لهم بشكل كبير، حيث ظهر عليهم الثراء الفاحش من خلال الدروس الخصوصية، بعضهم يسيرون في مواكب وبعضهم يقدمون هدايا بالملايين لطلاب في محاولة منهم لأغراء أخريين للحصول على دروس خصوصية في المستقبل.

وظهر مدرس جيولوجيا في كفر الشيخ وكان شعاره “اتعلم واكسب”، حيث تمكن هذا المدرس من كسب شريحة كبيرة من طلاب الثانوية العامة على مدار عام كامل من خلال "ما يقدمه للطلبة على مدار السنة" من الجوائز والهدايا القيمة التي تصل إلى موبايل آيفون، فيما اكتسب المدرس شهرته ليس فقط نتيجة الحصص والمرجعات، بل من خلال مشاهداته إلتى وصلت إلى 10 ملايين مشاهدة شهريا.

أما عن الهدايا التي يقدمها مع كل اجتياز للاختبارات الشهرية والأسبوعية للطلاب، فتبدأ من ساعات ذكية وجنيهات ذهب وسبائك ذهبية وموبايلات آيفون، ومع نتيجة اعتماد الثانوية العامة 2023 قرر أستاذ الجيولوجيا مكافأة الطلاب الأوائل الذين درسوا معه طوال العام بسيارة يتخطى سعرها المليون جنيه، وهذا وفقا لتصريحات صحفية له.

وفي يوليو من العام الماضي، انتشر فيديو لأحد معلمي الدروس الخصوصية أثناء دخوله لمقر حصة مراجعة مادة الفلسفة لـ الثانوية العامة بأسطول سيارات و"عدد من البودي جارد" في موكب أسطوري أمام طلابه الذين كانوا يهتفون باسمه قبل الحصة.

ويدعى هذا المعلم "س. ع"، وهو من أشهر معلمي الدروس الخصوصية في مادة الفلسفة والمنطق لـ الثانوية العامة في محافظة الجيزة، ويشتهر بأنه "مدرس الأستاد".

وبعد انتهاء الموكب والاستقبال الأسطوري للمعلم المذكور، دخل لمقر حصة المراجعة وهو عبارة عن مكان كبير مكشوف أشبه بالإستاد في الهواء الطلق يتبع أحد الأماكن المفتوحة بمحافظة الجيزة، ويحضر فيه الآلاف من طلاب الثانوية العامة في مشهد أثار جدلا واسعا في ظل محاربة وزارة التربية والتعليم لـ الدروس الخصوصية.

المعلم س . ع

إلغاء وقفل سناتر الدروس 

وحول الدروس الخصوصية، قال الدكتور مجدي حمزة، الخبير التربوي، إن الدروس الخصوصية هي المشكلة التي تواجهها وزارة التربية والتعليم رغم الجهود الجبارة لمكافحتها نتيجة استغلال الأهالي والطلاب وبسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.

وأضاف حمزة، في تصريح لـ"صدى البلد"، أن المصدر الأساسي المعتمد للكل للتعلم منه هو المدرسة فقط لا غير، وإذا طلب الأمر يجب تفعيل المجموعات المدرسية، لمحاربة السناتر والدروس الخصوصية، وعلى وزارة التربية والتعليم إصدار قانون بتجريم السناتر، حتى يعود دور المدرسة بأنها الوحيدة المنوطة بالعملية التعليمية في مصر.

وأكد أنه يجب إلغاء الدروس الخصوصية نهائي وقفل السناتر التي تستغل الأهالي والطلاب لأن وجود السناتر يعني القضاء على دور المدرسة التربوي، ودورها في بناء الأجيال، وبالفعل المرسة هي المصدر الأساسي والوحيد القادر على القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية.

واختتم: “في الحقيقة الدروس الخصوصية ما هي إلا لـ جذب المال ولا تهتم بالتعليم، وكل فترة ترفع أسعار الدروس لأنهم يعلمون أن الطلاب مجبرون عليها وفي الحاجة إليها”.

وتستنزف الدروس الخصوصية مليارات من دخل الأسر المصرية، وتمثل استثمارا موازيا واقتصادا غير رسمي، بالإضافة إلى ذلك، فإن أصحاب سناتر الدروس الخصوصية يمارسون النشاط التعليمي ضمن أنشطة مستترة، كدورات اللغات والكمبيوتر، وفى الأغلب معظمهم ليس لهم علاقة بوزارة التربية والتعليم، "أي أنهم ليسوا مدرسين معينين في الوزارة"، وربما كانوا مدرسين وتركوا التدريس واستقالوا، وقد تجد فيهم أطباءً ومهندسين.

الدروس الخصوصية هي إحدى آفات التعليم المصري، التي تنخر في عمدانه، فمن المعلوم أن الأصل في التعليم هو المدرسة، ولكن أصبحت آفة "الدروس الخصوصية"، ظاهر يصعب القضاء عليها والتخلص منها، حيث يلجأ إليها أولياء الأمور لاعتقادهم أنها مصدر النجاح لأبنائهم.

وحسب البيانات التي أعلن عنها الجهاز المركزي  للتعبئة العامة والإحصاء، نهاية يوليو 2019، فإن متوسط إجمالي ما ينفقه المصريون، ممثلين في 26 مليون أسرة في جميع المحافظات، على الدروس الخصوصية، بلغ حوالي 47 مليار جنيه، من إجمالي الإنفاق على قطاع التعليم.

الدكتور مجدي حمزة

حملات مكبرة على مراكز

جدير بالذكر أن وزارة التربية والتعليم تبذل جهودا كبيرة للقضاء على هذه السناتر، ولكنها تعود للفتح مرة أخرى بعد إغلاقها، وهذا يدل على أن مافيا الدروس الخصوصية ذات نفوذ كبير.

ونفذت الأجهزة التنفيذية في شهر نوفمبر الماضي، في أحياء الإسكندرية، حملات مكبرة على مراكز الدروس الخصوصية بالتنسيق مع مديرية التربية والتعليم والأجهزة الأمنية المختصة.

وشن حي العجمي حملة مكبرة على المراكز التعليمية غير المرخصة، أسفرت عن غلق وتشميع 2 مركز تعليمي بشارع البطاش الرئيسي والتحفظ على العديد من الأدوات المستخدمة داخله، وجار اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

ونفذ حي المنتزه أول، حملة مكبرة لغلق السناتر والمراكز التعليمية غير المرخصة أسفرت عن غلق وتشميع 5 مراكز للدروس الخصوصية بمنطقة السيوف، وشارع 16 الملك بمنطقة الفلكي، وشارع 24 بمنطقة الفضالي.

وكلف اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، بتكثيف حملات تطبيق الإجراءات الاحترازية وضبط واتخاذ الإجراء القانوني حيال مراكز وسناتر الدروس الخصوصية مع المرور الدوري والتصدي بكل حزم لجميع المخالفات.

وشدد الشريف على ضرورة مداهمة أي كيانات وهمية أو مقرات تمارس أنشطة تعليمية دون الحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة.

حملة الإسكندرية