«الدب الروسي» يسعى لتضميد الجراح بين الخرطوم وجوبا

تسود حالة من الهدوء الحذر في العلاقات بين دولتي السودان وجنوب السودان، بحيث أصبح من الصعب بمكان تحديد ما إن كانت تلك الحالة هي توتر أو ارتياح بين الطرفين، ولكن من المؤكد أن الأزمة باتت تطل برأسها من آن لآخر في سماء العلاقات بين البلدين، وخاصة منذ تفجر الأحداث المأسوية بجنوب السودان في 15 من ديسمبر 2013.
وتشير الدلائل، إلى أنه منذ انفصال دولة الجنوب في عام 2011، ظلت حكومة جنوب السودان بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت، تتهم حكومة الخرطوم بدعم المتمردين بقيادة النائب السابق زعيم المتمردين رياك مشار، في حين باتت الخرطوم تواصل اتهاماتها حتى الآن بشأن دعم جوبا للحركات المتمردة والمسلحة التي تهاجم السودان من الأراضي الجنوبية وبدعم من دولة أوغندا التي توترت علاقاتها مع الخرطوم بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
وبناء على تلك الحالة التي أعقبت أحداث التمرد بجنوب السودان تعرقلت الاتفاقيات الموقعة في أديس أبابا بين الخرطوم وجوبا، فيما يتعلق بعلاقات البلدين في مجالات مختلفة، وكانت أبرز تلك الاتفاقيات استئناف تصدير النفط عبر أنابيب السودان بعد أن أوقفته جوبا، بجانب اتفاقيات حول ترسيم الحدود، وقضية "آبيي"،-المتنازع عليها بين الجانبين-، علاوة على اتفاقيات الحريات الأربع لمواطني الدولتين.
وبعد توقف القتال في جنوب السودان، عقب توصل طرفي النزاع إلى اتفاقية أديس أبابا مؤخرا، توجه البلدان نحو استئناف تنفيذ اتفاقيات التعاون الموقعة بينهما، وفي الأثناء أعلنت روسيا وبمبادرة منها دعوة وزيري خارجية دولتي السودان، للمشاركة في اجتماع ثلاثي مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بموسكو، بعد غد الخميس لمناقشة سير الاتفاقيات الموقعة بين الخرطوم وجوبا، حيث أعربت روسيا عن عدم رضاها حيال بطء تنفيذ اتفاقيات التعاون بين البلدين، وقالت "أن حزمة التفاهمات بين البلدين لم ينفذ منها سوى تلك الخاصة بتصدير نفط الجنوب عبر ميناء بورت سودان، والتي تحتاج أيضا إلى مراجعة من جديد من جانب الطرفين".
وقال وزير خارجية السودان إبراهيم غندور، -الذي غادر الخرطوم مساء اليوم الثلاثاء متوجها إلى موسكو- أن الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية دولتي السودان وروسيا، سيبحث العلاقات الثلاثية، مع النظر -في ذات الوقت- في العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان.
وأضاف "غندور"، أن علاقات السودان ودولة الجنوب نظريا يفترض أن تكون من أفضل العلاقات، ولكن هناك قضايا عالقة بين البلدين أهمها تنفيذ اتفاقيات التعاون التسع التي وقعها الرئيسان عمر البشير، وسلفاكير ميارديت، في التاسع من سبتمبر من عام 2012 ، وزاد "في نفس يوم زيارتي لروسيا تكون اتفاقيات أديس أبابا قد انقضى عليها ثلاث سنوات، ولم ينفذ منها إلا اتفاقية نقل نفط دولة جنوب السودان عبر ميناء بورتسودان".
وقال وزير الخارجية السوداني، إن الشق الثاني من زيارته لروسيا والتي تستمر ثلاثة أيام، تتضمن لقاءً ثنائيًا مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، سيتم خلاله بحث العلاقات بين الخرطوم وموسكو في كافة المجالات بجانب التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية، لافتا إلى أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورًا في المجالين الاقتصادي والسياسي.
ورحّب "غندور"، بأية مبادرة للتوفيق والإصلاح مع دولة الجنوب، وقال: "إن العوامل المشتركة كان يفترض أن تصنع علاقات تكون الأفضل في العالم، ولكن للأسف هذا لم يحدث"، مؤكدًا حرص السودان الشديد على إقامة علاقات جيدة مع الدولة الوليدة.
ويأمل المراقبون للمشهد السوداني، أن تفلح الوساطة الروسية في إزالة التوترات بين دولتي السودان، والإسراع في تنفيذ الاتفاقيات المشتركة، بما يعود بالنفع والمصلحة على شعبي البلدين.