مدير الفتوى: الشبكة حق للزوجة ولا تسقط عند الطلاق بـ«الإبراء».. وادخار الزوج دون علمها جائز.. ويؤكد: التنقيب الشخصي عن الآثار «حرام»

مدير الفتوى:
• «الشبكة» ليست ملكًا للزوج ولا يحق له التصرف فيها
• حقان لا يسقطان عن الزوج عند الطلاق
• ادخار الرجل دون علم زوجته «جائز شرعًا»
• التنقيب الشخصي عن الآثار «حرام»
• حلق اللحية سُنة.. ليس فسوقًا ولا إثم
• الياقوت والجواهر ليس عليهما زكاة إلا في حالة واحدة
غلبت المشاكل الأسرية على حلقة برنامج «فتاوى الناس» والتي استضافت الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، وإن تنوعت تساؤلات المشاهدين ما بين حقوق ومشاكل الشبكة عند الطلاق، وتحقق قوله تعالى: «وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ» الآية 26 من سورة النور، وحُكم التنقيب الشخصي عن الآثار حتى حلق اللحية، وهو ما رصده «صدى البلد».
- «الطيبون للطيبات»
قال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، إن الإنسان عندما ينوي الزواج، عليه أن يُحسن الاختيار، منوهًا بأنه ليس شرطًا أن يكون الطيبون للطيبات، فقد يُبتلى الشخص في زوجه.
وأوضح «عويضة» أن الإنسان عندما ينوي الزواج، عليه أن يُحسن الاختيار، فالرسول -صلى الله عليه وسلم-عندما تكلم عن المراحل أو الأشياء التي تُنكح لها المرأة، قال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، ففي نهاية حديثه «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، مشيرًا إلى أن هذا معنى قوله تعالى: «وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ» الآية 26 من سورة النور.
وأضاف أن أحيانًا بعض الأنبياء وهم أكثر الناس أخلاقًا وطيبة وتعلقًا بالله سبحانه وتعالى، فقد صُنعوا على عين الله، ومع ذلك كان من زوجاتهم من هي ليست طيبة مثل زوجة نبي الله لوط -عليه السلام-، وفيما كان زوج آسية من أعتى العُتاة في الكُفر، فليس شرطًا أن يكون الطيبون للطيبات، حيث يمكن أن يُبتلى الشخص في زوجه، مثل أولئك الأنبياء.
وتابع: "فهي قاعدة ولابد أن يُحسن الإنسان النية عند الاختيار، ولكن قد يُبتلى بأمر، فليصبر على ابتلاء الله تعالى، وليعلم أنه لو صبر على هذه الزوجة سيئة الخُلق أو سليطة اللسان، ربما يُصلحها الله تعالى على يديه، ويكتب الله له أجرًا عندما يتحملها.
ونوه إلى أن الصحابة كانوا يتحملون زوجاتهم لوجه الله سبحانه وتعالى، حتى لا يُبتلى بها غيرهم، فيُصلحها الله لهم، منبهًا إلى أن الدعاء والكلمة الطيبة والمُعاملة الحسنة، من شأنها إصلاح الزوج، كما ورد بقوله تعالى: « ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » الآية 34 من سورة فصلت.
-«الشبكة»
ونبه «مدير الفتوى الشفوية»، إلى أن الشبكة ليست ملكًا للزوج، وإن كان هو من اشتراها، بعدما دخلت في مهر زوجته، وعليه لا يحق له التصرف فيها بعد الزواج، إلا من باب تفضُل الزوجة عليه، موضحًا أن مهر الزوجة يتكون من الشبكة وقائمة المنقولات ومؤخر الصداق، وبهذا المهر يستحق الزوج التمتع بها، مشيرًا إلى أن كثير من الرجال يظن أن ذهب زوجاتهم هو ملك لهم، ويحق للرجل في أي وقت أن يأخذه بعد الزواج ويبيعه، أو يتصرف فيه كيفما شاء، وهذا غير صحيح.
وأكمل: "والذهب هو حق المرأة، ولها أن تتصرف فيه كما يحلو لها، لأنه جزء من مهرها وتنازلها عنه لزوجها في وقت الشدة، إنما هو تفضل منها، وعليه أن يُعيده لها في حال تيسر ذلك" مضيفا أن معظم المشاكل الزوجية يكون أسهاسها أن كلا الزوجين لا يعرفان ما لهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
-حقان لا يسقطان
وأشار «أمين الفتوى» إلى أنه في حال طلاق المرأة غيابيًا يكون لها خمسة حقوق، تسقط منها ثلاثة إذا أبرأت زوجها، منوهًا بأنه في حال طلق الرجل زوجته، طلاقًا غيابيًا، فعليه أن يُعطيها خمسة حقوق هي: «الشبكة، قائمة المنقولات، المؤخر، نفقة عدة، ونفقة متعة»، منوهًا بأن الطلاق على الإبراء، أي إذا أبرأت المرأة زوجها وتنازلت عن حقوقها، فحينئذ يسقط ثلاثة حقوق لها، هي «المؤخر، نفقة العدة، ونفقة المتعة»، ويكون لها حقان «الشبكة، وقائمة المنقولات».
وزاد: "ولا يخرج عن تلك الحالتين إلا أن يجلسا بأحد المجالس العُرفية، ويحكمون بينهما كبار العائلة، للوصول إلى اتفاق يُرضي كافة الأطراف".
-ادخار الرجل
وأفاد «عثمان»، بأنه يجوز للرجل أن يدخر من أمواله الخاصة دون علم زوجته، ولا إثم عليه شرعًا، منبهًا إلى أن الزوج عليه حقوق شرعية تجاه زوجته من الكسوة صيفًا وشتاءً، والنفقة بتوفير المأكل، وعليه حسن معاملتها بالمعروف.
وألمح إلى أن حُسن عِشرة ومعاملة الزوجة نظم رائق، ورد الأمر به في قول الله تعالى: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» [النساء: 19]، مؤكدًا أنه يجب على الزوج لزوجته، إكرامها، وحسن معاشرتها، وأن يعاملها بالمعروف، وهذا يؤدِّي إلى تأليف قلوبهما، وهذا الحق إذا أداه الرجل كما أمر الشرع؛ سيزيد من الألفة والاجتماع.
واستطرد: ومن الحقوق: إعطاء حقوق الزوجة، وأن يحسن إليها، وألا يظلمها؛ لهذا لا بد من الزوج أن يحسن علاقته مع زوجته، وأن يرفق بها، ويقدم ما يمكن تقديمه إليها؛ مما يؤلِّف قلبها، تطبيقًا لقوله: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» [النساء: 19]، وثبت هذا الحق في السنة النبوية الشريفة، بمعاملة النساء خيرًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء» وقال - عليه الصلاة والسلام -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي».
-التنقيب عن الآثار
وأوضح عويضة، أنه لا يجوز للشخص أن يُنقب عن الآثار ولو في بيته، مشيرًا إلى أنه حرام شرعًا، فهناك هيئة مُختصة بتلك الأمور، منوهًا بأن بعض الناس يستسهلون وينقبون عن الآثار تحت منازلهم، وعندما يجدوا بعضها يتعاملون معها باعتبارها حق لهم وملكية خاصة بهم، وهذا أمر يُخالف الشرع والقانون، فهي ملك العامة، فلا يجوز بأي حال من الأحوال المتاجرة أو تنقيب عنها.
وأكد أن تنقيب الأشخاص عن الآثار غير جائز وحرام شرعًا، فهناك هيئة مُختصة تنظم هذه الأشياء، منوهًا بأن المالكية أشاروا إلى ذلك قائلين أن ما يُستخرج من المناجم إن كان سائلًا أو جامدًا، لا تكون لآحاد الأمة وإنما تكون لمجموعهم، وذلك لأنها قد تقع في يد شرار الناس، فيفسدوا بها، وقد تُحدث بينهم شيئًا من التقاتل والتشاحن، وهو ما يحدث الآن.
-حلق اللحية
ولفت «أمين الفتوى»إلى أنه بالنسبة لإطلاق اللحية، فهي سُنة على الراجح من أقوال العلماء، وهو المُفتى به، ومن حلقها لا يأثم ولا تُرد شهادته، ولكنه فقط ترك سُنة النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولم يُصبها، مضيفًا أنه ليس معنى ذلك أن تُرد شهادته، ولا أن يكون فاسقًا، كما أن ذلك أيضًا لا يعنى وقوع من يحلق لحيته في إثم.
-زكاة الياقوت والجواهر
وابتعد «مدير الفتوى الشفوية» كثيرًا عن بيوت الناس ومشاكلها وأسرارها، حتى تحدث عن بيوت المعادن والزكاة عليها، قائلًا إنه جمهور العلماء ذهب إلى أن الزكاة تكون في معدنين فقط هما الذهب والفضة، أما الأحجار الكريمة الأخرى فلا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة تباع وتشترى، وزكاة عروض التجارة تكون 2.5% بشرط أن تبلغ النصاب وقيمته ما يعادل 85 جرامًا من الذهب عيار و21، ويمر عليها سنة هجرية.
واستدل على أنه لا زكاة على الأحجار الكريمة بقول الإمام مالك في "المدونة" (1/341): «لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ»، وبما قاله الإمام الشافعي في كتاب «الأم»: «وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ، أَوْ ادَّخَرْنَهُ، أَوْ ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ، وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ». موضحا أن حلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ، والوَرِق هو الفضة .
وتابع: وقال النووي في "المجموع": «لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ، وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا، وَلا زَكَاةَ أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ».
-زكاة المعادن
وأستفاض «عويضة عثمان»: و«المعادن» عند الفقهاء هي الأشياء الموجودة في باطن الأرض ولها قيمة، وسميت بذلك لأنها تبقى في الأرض مدة طويلة، مشيرًا إلى أن المعادن نوعان، سائلة كالبترول وجامدة كالذهب، وبعض أنواع المعادن كالذهب والفضة، والجواهر، والكبريت، والزفت، والزئبق، والياقوت، والزبرجد، والرخام، والنفط واليورانيوم.. وغيرها.
وأشار إلى أن العلماء اختلفوا في المعادن التي تجب فيها الزكاة: فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن الزكاة واجبة في المعادن الجامدة القابلة للانطباع بالنار، أي تقبل للطرق والسحب والتشكيل، فتصنع منها صفائح وأسلاك وحلي ونحو ذلك، أما المعادن المائعة -السائلة- كالنفط، أو الجامدة التي لا تقبل الطرق والسحب مثل الكحل والملح: فلا زكاة فيها.
ولفت إلى أن الحنابلة ذهبوا إلى وجوب الزكاة في جميع المعادن، سواء أكان جامدًا كالحديد والرصاص والنحاس وغيرها، أم كان من المعادن الجارية كالنفط والكبريت.
وتابع: وذهب المالكية والشافعية إلى أن الزكاة لا تجب في شيء من المعادن المستخرجة من الأرض إلا الذهب والفضة، فأما غيرهما من الجواهر والمعادن: فلا زكاة فيها، وهذا القول هو القول الراجح، لأن الأدلة الشرعية إنما دلت على وجوب الزكاة في الذهب والفضة دون سائر المعادن.