الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا يعني مؤتمر التنوع البيولوجي لمصر


بالأمس افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤتمر التنوع البيولوجي وعلي مدي الايام السابقة كانت هناك ترتيبات لهذا المؤتمر العالمي الذي يعقد في مصر لأول مرة وتتولي مسئوليته وزارة البيئة.. والسؤال الذي يطرح نفسه بين معظم المتابعين لهذا الحدث هو ماذا يعني التنوع البيولوجي .. ولماذا هو تابع للأمم المتحدة وماذا سنستفيد منه .. ولأن هذه التساؤلات تدور برأسي منذ شاهدت الاهتمام الكبير بهذا المؤتمر الذي نجحت مصر فى انتزاع استضافته من تركيا بجدارة واستحقاق، رغم ما قدمته أنقرة من إغراءات اعتبرتها الأمم المتحدة أنها رشوة .. وقررت تنظيم المؤتمر في مصر .. 

بحثت كثيرا في المؤتمرات السابقة ووجدت أنه واحد من أحد أكبر مؤتمرات الأمم المتحدة فى مجال التنوع البيولوجى شعاره "الاستثمار فى التنوع البيولوجى من أجل صحة ورفاهية الإنسان وحماية الكوكب" وهذا الشعار يعني ببساطة الطعام والدواء وحق الحياة لكل البشر أو بمعني آخر، كل الموارد على كوكب الأرض التى تساعد على استدامة الحياة، فالتنوع البيولوجي هو كل شئ يمكننا العيش به، ماء دواء وكافة الموارد الطبيعية، ودونه ستظل هناك شعوب مرفهه وأخري تعاني الجوع والمرض وتتصارع من أجل نقطة مياه وهو ما أكده الرئيس السيسي خلال كلمته عندما قال: أن استهلاك العالم سنويا يزيد بنسبة أكبر من 30% عما تنتجه النظم من موارد، وأن المجتمع الدولى أكد ضرورة الحفاظ على التنوع البيولوجى وهو يأتى فى وقت يواجه فيه التنوع البيولوجى مخاطر..

والمؤتمر يركز هذا العام علي دمج التنوع البيولوجى فى القطاعات التنموية مثل التعدين والصحة والإسكان والصناعة، وربطه بتغير المناخ لأن التنوع البيولوجى له دور مهم جدًا فى التكيف مع تغير المناخ، فمثلًا وجود الأشجار فى مكان ما بكثرة يحميه من التآكل ..

المؤتمر دوري تنفيذا لاتفاقية التنوع البيولوجى، وهي من أقدم الاتفاقيات التى ظهرت عام 1992 بالتزامن مع اتفاقيتى تغير المناخ والتصحر وتشارك فيه 196 دولة حول العالم وأكثر من 5 آلاف من الحكومات والخبراء والعلماء وممثلى المجتمع المدنى ..

والحقيقة أن سر الصراع ليس في استضافة المؤتمر ولكن رئاسة مصر للمؤتمر لمدة عامين لتصبح أول دولة عربية وأفريقية تترأسه "2018-2020"، بالتزامن مع مرور 25 عاما على الاتفاقية والجميل أيضا أنه يتزامن مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، وهو ما سيفيد أفريقيا كثيرا خاصة في توحيد الرؤى الخاصة بالقارة، خاصة أن أفريقيا تلك القارة العظيمة بمواردها الطبيعية تعاني الفقر والجوع ولديها العديد من القضايا كالاتجار غير المشروع فى الحياة البرية .. أما علي المستوي السياسي فأعتقد أن الاجتماعات الوزارية التي تم عقدها أمس و أمس الاول لبحث إمكانية دمج التنوع البيولوجى بقطاعات الطاقة والتعدين والصحة والبنية التحتية والصناعة والعلاقة المتبادلة بينهم، تؤكد الأهمية السياسية للمؤتمر الذي سيتم خلاله إعلان شرم الشيخ مدينة خضراء كنموذج للمدن المستدامة والتوسع فيها  ..

ولكن ماذا سيعود علي مصر منه ،أعتقد يكفينا أنه يدعم إظهار دور مصر الريادى على المستوى الإقليمى"أفريقيا- عربيا – متوسطيا"، وقدرة مصر على تنظيم المؤتمرات، والأحداث العالمية فى ظل ما تشهده من إصلاحات اقتصادية وسياسية وقدرتها على ربط اتفاقية التنوع البيولوجى باتفاقيتى التصحر وتغير المناخ وإعادة النظر، فى الاتفاقيات الثلاث معا لمساعدة الدول على تنفيذ استراتيجياتها   ..

واقتصاديا، سيساعد على خلق شراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدنى ومراكز البحث العلمى وربطها بالتنوع البيولوجى وصياغة مشروعات على أرض الواقع  ..

ومن وجهه نظري ان الاهم من كل هذا هو أن هناك 12 مليون نوع مختلف من الكائنات على سطح الأرض نفقد منها يوميًا 150 نوعًا بسبب الأنشطة البشرية مثل الصناعة والزراعة والتجريف والصيد الجائر والتعدين وهو ما يحتاج منا نظرة الي مستقبل الارض للحفاظ علي مواردها المتنوعة والتي رأينا نتائج بعضها فمصر فقدت‏ 36 %‏ من أراضيها الزراعية خلال النصف الأخير من القرن العشرين حوالي مليونين ونصف المليون فدان بسبب الامتداد العمراني للقري والمدن علي الأراضي الزراعية‏ ،وهو ما أكده الدكتور فاروق الباز في دراسة علمية له,‏ وحاليا حسب وزارة الزراعة نفقد سنويا ‏60‏ ألف فدان ‏,‏وبهذا النزيف سوف تختفي أراضي مصر الزراعية تماما عام ‏2075,‏ وقد تنبأ جمال حمدان بهذه النتيجة منذ أكثر من‏ 30‏ سنة ولهذا نحن أمام موقف بالغ الخطورة ، فالأراضي الزراعية هي عصب الحياة في مصر‏..  وأعتقد أننا وضعنا اقدامنا علي الطريق الصحيح بالتوسع العمراني والمشروعات الجديدة مثل العاصمة الادارية الجديدة والاسماعيلية الجديدة والمنصورة الجديدة بالاضافة الي مشروع الجلالة وغيرها من التوسعات في صحراء مصر الكبيرة ..‏

أما الاكثر خطورة في الاتفاقية والذي نحتاج اليه بشده لحمايه موارد الدول وصحة شعوبها فهو الهندسة الوراثية وهو البند الوحيد الذي اعترضت عليه امريكا وبسببه رفضت التوقيع علي الاتفاقية التي تمنع هندسة أى مورد طبيعى وإدخاله لدولة دون أخذ إذن كتابى، ونظرًا لأن أغلب المنتجات المهندسة وراثيًا من إنتاج الولايات المتحدة فقد اعترضت .. 

الطعام لكل فم .. وتوزيع ثروات العالم حتي يجد الفقير قبل الغني ما يقتات به هذا هو مفهوم التنوع البيولوجي من وجهه نظري فهناك تنوع علي وجه الارض لو تم استغلاله بالشكل الأمثل بعيدا عن الاحتكار وجمع الثروات في بلد دون آخر فلن نجد جائعا ولا مريضا يبحث عن الدواء في العالم كله.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط