الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عن تحريم الاحتفال بالمولد النبوي.. الإفتاء: حلال ومن أعظم القربات.. والبحوث الإسلامية تحدد طريقته الصحيحة.. وعلي جمعة: سنظل نحتفل به حبا في رسول الله إلى انتهاء الحياة

الاحتفال بالمولد
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

  • علي جمعة:
  • • سنظل نحتفل بالمولد النبوي حباً في رسول الله إلى انتهاء الحياة
  • • من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي «أهل النكد»
  • الإفتاء:
  • • المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري
  • • الصحابة ومن بعدهم السلف الصالح كانوا يحتفلون بالمولد النبوي ويحيون ليلته
  • عمر هاشم:
  • • من يدعي تحريم الاحتفال بالمولد النبوي واهم ومخطئ
  • • الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشروع ومستحب
  • عالم أزهري:
  • • الرسول الكريم أول من احتفل بمولده بصيام كل يوم اثنين
  • • العذاب يخفف كل اثنين عن أبو لهب لفرحته بمولد النبي

يتزامن اليوم، السبت، مع ذكرى المولد النبوي الشريف، والموافق 12 من شهر ربيع الأول، حيث موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، والذي يعد إحدى الأمور التي يتنازع فيها المتشددون فيحرمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل وينشرون فتاواهم المتشددة التي تحرم بيع وشراء الحلوى، ومظاهر احتفالات المصريين التي توارثوها من الفاطميين في القرن الرابع الهجري، من هنا استطلع «صدى البلد»، رأي علماء الدين الذين أكدوا أن الاحتفال بالمولد النبوي مستحب شرعا ويصل إلى الوجوب في زمننا هذا الذي انتشرت فيه الفتن، مشيرين إلى أن الله تعالى يخفف العذاب عن أبي لهب لفرحته بمولد الرسول (صلى الله عليه وسلم).

قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه لا يصح إيمان العبد حتى تتفوق محبة النبي في قلبه على كل ما يملك من حطام الدنيا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده» صحيح البخاري (1/ 12) ، ومحبة النبي تكون باتباع سنته، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]، والذي تعلمناه من سنته أنه كان يكثر من الأعمال الصالحة في مواطن النعمة فكان يصوم يوم الاثنين وفاء لربه على نعمة خلقه ففي الصحيح: أنه سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ". صحيح مسلم.

وأضافت أنه –صلى الله عليه وسلم- كان يصوم يوم عاشوراء وفاء لله على نعمة نجاة موسى عليه السلام والمؤمنين معه من بطش فرعون وجنده، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي –صلى الله عليه وسلم-، لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال «أنا أولى بموسى منهم» فصامه وأمر بصيامه، صحيح البخاري.

ووصف الدكتور علي جمعة، المفتي السابق، من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي بـ«أهل النكد»، مشيرا إلى أنهم يريدون من المصريين ألا يفرحوا بالمناسبات الدينية ويحرمون عليهم الضحك.

وقال الدكتور علي جمعة إن معظم البلاد الإسلامية -السودان والحجاز ومكة والمدينة والشام- تحتفل بالمولد النبوي إلا بعض البلدان القليلة، مشيرًا إلى أن مظاهر الاحتفال تختلف من بلد لآخر، مؤكدًا أن المصريين لهم مذاق خاص في الاحتفالات، منوهًا بأننا سنظل نحتفل بالمولد النبوي حباً في رسول الله إلى انتهاء الحياة.

مظاهر الاحتفال
أوضح الدكتور علي جمعة أن الفاطميين هم من بنوا الثقافة السائدة في الاحتفال بالمولد النبوي بمصر، مشيرًا إلى أنهم كانوا حريصين على بناء الثقافة السائدة في المولد من «الملابس والحلوى وعروسة زمان حلوى حصان، والطرطور، وياميش رمضان وكعك العيد».

وقال المفتي السابق، إنه ظلت ثقافة الفاطميين سائدة في مصر منذ القرن الرابع الهجري إلى الآن، منوهًا بأن ثقافة الاحتفالات موجودة في جميع البلدان كشجرة الكريسماس، والبلونات، وتخصيص أغنية «هابي بيرث داي تو يو» في أعياد الميلاد.

موقف صلاح الدين من الاحتفال
ونوه عضو هيئة كبار العلماء، بأن صلاح الدين الأيوبي حينما فتح مصر أوقف كل عادات الفاطميين - الشيعة- التي نشروها، خوفًا من التشيع، مضيفًا «وكان معه حق في ذلك».

وكشف الدكتور علي جمعة أن صلاح الدين أغلق الأزهر عن التدريس وصلاة الجمعة، وفتحه فقط لأداء الصلوات الخمس ما عدا الجمعة، خوفًا من انتشار المذهب الشيعي في مصر، مشيرًا إلى أن الفاطميين كانوا يخصصون مكافأة «دينار وإردب لكل من يسب الصحابة»، ولم يفعل المصريون ذلك، وكانت هذه الكلامات مكتوبة على المنابر وأزالها صلاح الدين بعد فتحه مصر.

ولفت إلى أن الملك المظفر - تلميذ صلاح الدين - وجد المصريين لا يلتزمون بقرار صلاح الدين بعدم إقامة الاحتفال بالمولد النبوي، حيث عكف بعض المصريين على الاحتفال في بيوتهم، لأن الاحتفال جزء من هويتهم التي يرون أنها غير محرمة.

وتابع: "فجمع الملك المظفر، الفقهاء ليسألهم عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي، فألف له العالم ابن دحية كتابا أباح فيه الاحتفال، مستندًا إلى قوله تعالى: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ» ومولد الرسول من أيام الله تعالى فحق أن نذكر بها، والنبي أيضًا احتفل بموسى -عليه السلام فصام عاشوراء فرحًا بنجاته، كما استدل بأن الله تعالى يخفف العذاب كل يوم اثنين عن أبي لهب، لأنه فرح بمولد النبي واعتق جاريته ثويبة حينما بشرته بمولده».

الاحتفال بالمولد مستحب
بدوره، قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الاحتفال بمولد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من الأمور المشروعة والمستحبة شرعًا، واصفًا من يدعون بأنه بدعة بأنهم أناس واهمون ومخطئون.

وأضاف الدكتور أحمد عمر هاشم، أنه ورد في القرآن والسنة ما يدل على مشروعية الاحتفال بمولد النبي (عليه الصلاة والسلام)، منها قول الله تعالى: «قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» فأي فضل أعظم من فضل سيدنا النبي على البشرية من الهداية والنور حتى يحتفلوا به.

الاحتفال واجب
قال الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه يجب علينا الاحتفال والاحتفاء بالمولد النبوى الشريف، في هذا التوقيت الذي يساء فيه إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وشدد الدكتور محمد وهدان، على ضرورة أن يكون الاحتفال بمولد النبي (صلى الله عليه وسلم) بعيدًا عن المحرمات، مشيرًا إلى أنه يجوز إحياء ليلة المولد النبوى بإنشاد الشعر وإلقاء المدائح النبوية والأذكار وشتى القربات مثل تلاوة القرآن وإطعام الطعام.

الرسول أول من احتفل بمولده
وأشار أستاذ الدراسات الإسلامية، إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أول من احتفل بمولده أسبوعياً، فكان يصوم في كل يوم اثنين، ولما سئل عن ذلك قال هذا يوم ولدت فيه، مستشهدًا بما روي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ النُّبُوَّةُ».

فضل الاحتفال
وألمح الدكتور محمد وهدان، إلى أنّ الله تعالى يُخفف العذاب عن أبي لهب كلّ يوم اثنين في النّار، لأنّه أعتق جارية له لفرحه بولادة ابن لأخيه عبد الله، والذي سماه جده عبد المطلب محمداً (صلى الله عليه وسلم)، مستشهدًا بما أخرجه البخاري في صحيحه: «أنّ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ:« أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ» فَقُلْتُ: نَعَمْ لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النبيّ: «إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي» قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ:« لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي, إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِن الرَّضَاعَةِ؛ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ (ثُوَيْبَةُ) فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ»، قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلاةٌ لأَبِي لَهَبٍ، كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَت النبيّ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي (ثُوَيْبَةَ).

كيف نحتفل؟
قالت دار الإفتاء إن السلف الصالح كانوا يحيون ليلة المولد النبوي بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي.

وأكدت الإفتاء أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلّم هو من قبيل الاحتفاء به، والاحتفاءُ به صلى الله عليه وآله وسلّم أمرٌ مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فَعَرَّفَ الوجودَ بأسره، وباسمه وبمَبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكونُ كله في سرور دائم وفرحٍ مُطلق بنور الله، وفَرَجِه ونِعمته على العالمين وحجَّته.

وأضافت أن السنة النبوية ذكرت الكثير من الأدلة على أن الصحابة الكرام كانوا يحتفلون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- مع إقراره لذلك وإذنه فيه، فعن بُرَيْدَةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداءُ فقالت: "يا رسول الله، إنِّي كنت قد نذرت إنْ ردَّكَ الله سالمًا أن أضربَ بينَ يَديْكَ بالدَفِّ وأتغنَّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "إن كنت نَذرت فاضربي، وإلا فَلا".

وتابعت: "إن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}".