الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لائحة مصر الجمركية.. من العشور إلى العصر الحديث

لائحة مصر الجمركية
لائحة مصر الجمركية

مرت الجمارك المصرية بالعديد من المراحل، إلى أن وصلت لشكلها وأسلوبها الحالي، وخلال السطور التالية يستعرض "صدى البلد" رحلة الجمارك منذ نشأتها بالعصور القديمة حتى يومنا هذا.

العصور القديمة
كانت الضرائب الجمركية تعرف بالعشور أو المكوس وتفرض على البضائع التي تمر بالبلاد وهي عشر قيمة البضائع الداخلة للبلاد وكانت الضريبة معروفة عند الفرس والروم واليونان، كما عرفت الضريبة في اقدم الحضارات ببلاد الرافدين بالعراق وتعد اول دولة عرفت قانون العقوبات المالي.

اهتمت شريعة أورنمو (وهي شريعة اصدرها الملك السومري أورنمو مؤسس سلالة أرو الثالثة 2111-2003 ق.م بالمسائل الإقتصادية كما وجدت نصوص في شريعة حمورابي تهتم بالمسائل الإقتصادية والتي تعتبر أقدم الشرائع القديمة.

العصر الروماني
تطورت القوانين وصدرت الألواح الاثنى عشر حيث تضمن ذلك القانون في "عهد جوستنيان" الجرائم التي تضر بالمصالح الحكومية العامة، وعرف القانون الروماني الجرائم الجمركية وكان التهريب مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتجارة بين الدول كما تضمن عقوبات على الجرائم الاقتصادية كتخزين السلع بغية رفع أسعارها وعقوبتها المصادرة والنفي المؤبد ومن ذلك شريعة جوليا الصادرة عام 6 ق.م. وكان يوليوس قيصر أول من جعل الضريبة الجمركية المسماة بالعشور شاملة لجميع انحاء الامبرطورية الرومانية وحتى انهارت روما وتم تخفيض الضريبة الجمركية على البضائع بما لا يزيد على 5% من قيمة البضائع.

العصور الوسطى
أخذت الضريبة الجمركية طابعا موحدًا في انجلترا وهي نسبة محددة من قيمة البضاعة التي يدفعها التاجر ويحق له الدخول الى البلاد والخروج منها . وكان حكام المقاطعات في فرنسا يفرضون الاتاوات على البضائع الداخلة الى مقاطعاتهم علاوة على الضرائب الجمركية التي يتم تحصيلها على البضائع الداخلة أو الخارجة من الاراضى الفرنسية.

العصر الاسلامي
لم تكن الضريبة الجمركية معروفة في النظام الاسلامي حتى عهد أبو بكر الصديق وبعد وفاته سنة 13 هـ وكانت الموارد المالية للبلاد مقتصرة على الزكاة والغنائم والخراج والجزية وكان ابو بكر الصديق يحارب المرتدين الذين منعوا دفع الزكاة وصمم على قتالهم .

وفي عهد الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عرفت الدولة نظام العشور أي الضريبة الجمركية وسبب ظهورها هو رسالة والي الكوفة "أبو موسى الأشعري" التي أرسلها الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستفسر فيها ماذا يفعل مع تجار دار الحرب الداخلين دار الإسلام "أي بلاد المسلمين" متاجرين في حين ان المسلمين تؤخذ منهم جزية على ما يحملونه من بضائع اذا دخلو دار الحرب متاجرين "أي البلاد التي بينها وبين المسلمين حرب" فأمره الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ العشور من تجار دار الحرب أسوة بما يفعلونه مع المسلمين وأخذ نصف العشر من الذميين عندما يدخلون ببضائعهم الى الدولة الاسلامية وربع العشر من المسلمين كضريبة جمركية عند دخول البضائع الى الديار الاسلامية.

لما اتسعت الدولة الاسلامية وضع الخليفة عمر بن الخطاب نظامًا للضرائب خارج الجزيرة العربية وكانت تفرض ثلاث أنواع من الضرائب :

- ضريبة الخراج وتفرض على الاراضي.
- ضريبة الجزية وتفرض على أهل الذمة
- ضريبة العشور وهي الضريبة الجمركية كما سبق الاشارة اليها.

وكانت هناك بعض الاعفاءات من ضريبة العشور وهي البضائع المخصصة للهدايا والبضائع الواردة للإستخدام الشخصي "الأمتعة الشخصية بلغة العصر".

العصر الأموي
ظلت العشور وهي الضرائب الجمركية قائمة وبنفس النسب التي كانت في عهد عمر بن الخطاب، وكان الافرنج يسمون الضريبة الجمركية باسم تعريب حسب لغتهم ومن هنا ظهر لفظ تعريفة المستعمل حاليا في اللغة العربية في حين أن مصدره افرنجي.

استمر نظام العشور في عهد العباسيين وفي عهد الدولة الطولونية والاخشيدية والفاطمية والايوبية وعهد المماليك الى ان جاءت الدولة العثمانية وظهرت الامتيازات الاجنبية وحق الاجانب في التجارة داخل الامبراطورية العثمانية وكانت الامتيازات منحة من السلطان مجحفة بالاتراك والمصريين الى ان تم عقد المعاهدة الفرنسية العثمانية عام 1740 وتضمنت تحصيل رسوم الواردات بواقع 3% ورسوم الصادرات بواقع 12% وادى ارتفاع تلك النسبة عند التصدير الى وضع قيود اعاقت التقدم التجاري فى تركيا وبالتالى فى مصر باعتبارها تابعة لها سياسيًا الى ان تم عقد معاهدة تركية فرنسية عام 1761 بتخفيض رسوم الصادرات بواقع 1% وزيادة رسوم الواردات 8% .

الى ان تولى محمد على باشا حكم مصر عام 1805 حتى عام 1849 واعاد النظر في الضرائب المفروضة من قبل وفرض ضرائب جديدة على المماليك وألغي نظام الامتياز في جباية الضرائب وكان محمد علي في فرض الضرائب مقيدًا بالاتفاقيات التي عقدها الباب العالي مع الدول الاوربية عام 1838 تحت ضغط بريطانيا لضمان حرية التجارة وفتحت هذه المعاهدة اسواق مصر امام التجارة الاوروبية وكانت ضريبة الوارد 5% فقط مما أدى الى انهيار الصناعة المصرية أمام الصناعة الاوروبية وحاول محمد على تطبيق الاتفاقية الا انه لم يستطع حيث ضربت القوات الاوروبية قواته العسكرية والبحرية الى ان زادت رسوم الوارد عام 1862 على البضائع المستوردة من 5% الى 8% .

العصر الحديث 

يبدأ هذا العصر منذ صدور قانون العقوبات في مصر عام 1883 وقبل هذا التاريخ لم يكن هناك تشريع جمركي مستقل في مصر أو أحكام تتضمن مكافحة التهريب الجمركي.

كان يتم جباية الضرائب الجمركية بمعرفة الشخص الذي يرسو عليه مزاد تحصيل الضرائب الجمركية ويسمى الملتزم وكان حكام المماليك يقسمون الضرائب الجمركية مع الملتزمين مما أدى الى تفشى الرشوة بين عمال الجمارك وازداد التهرب من الضريبة الجمركية .

وعقدت الحكومة المصرية معاهدات أخرى بينها وبين الدول الأجنبية وكان أول تلك المعاهدات المعاهدة التي تم ابرامها بين الحكومة المصرية واليونان في مارس 1884 واحتفظت مصر فيها بحريتها في رفع رسوم الواردات الى 16%، في 2-4-1884 أصدر الخديوي توفيق باشا أمرًا عاليا باللائحة الجمركية المصرية.

جاء بعد ذلك قانون العقوبات عام 1904 وتضمن صور للتهريب الجمركي والتهريب غير الضريبي وصدر بعد ذلك القانون رقم 9 لسنة 1905 بشأن منع التهريب وأصبغ صفة الضبطية القضائية علي موظفي وعمال الجمارك.

صدر قانون العقوبات رقم 1937/58 بعد الغاء الامتيازات الاجنبية حيث فرضت الحماية البريطانية على مصر ثم أعلن الإستقلال وصدر دستور 1923 وتعددت الاحزاب السياسية ودخلت البلاد حالة من التنافس الحزبي وتم بذل العديد من الجهود لإلغاء الامتيازات الأجنبية أسفرت عن اتفاقية منترو في 1937/5/8 التي قررت الغاء الامتيازات الاجنبية اعتبارًا من 1937/10/15 واستردت مصر سلطتها التشريعية الكاملة حيث تم تطبيق القانون رقم 1937/58 على المواطنين والأجانب على السواء بدلًا من قانون العقوبات الصادر عام 1904 وتضمن ذلك القانون جرائم التهريب الجمركي وظل الاختصاص معقود للائحة الجمركية بشأن دعاوى التهريب الجمركي .

صدرت بعد ذلك عدة قوانين تعالج احكام التهريب الجمركي من أهمها القانون 1944/42 بشأن مكافحة المواد المخدرة , القانون رقم 1947/80 بشأن مكافحة النقد والأمر العسكري رقم 1948/24 بشأن جرائم تهريب الذهب.

كما صدرت عدة قوانين متفرقة تعالج ما ظهر من قصور في القوانين المشار اليها وما ظهر من نقص في اللائحة الجمركية حتى صدر القانون الجمركي رقم 63/66 وتعديلاته والمعمول به حتى الان.